عُمان:دور بارز في دعم القضية الفلسطينية ووحدة الأمة العربية وتقريب وجهات النظر

عروبة الإخباري  – كتب سالم بن حمد الجهوري /  لم تكن السياسة العمانية حاضرة في المشهد الدولي، مثل هذه الأيام التي اشتدت فيها الخلافات والحروب، ودمرت فيها البنى الأساسية لعدد من الدول التي اضطربت مع ما يسمى بهزة الربيع العربي، الذي لم يكن ربيعا كما حلم الشباب العربي به خلال الفترة الماضية، فقد حققت مكانة رفيعة بين الدول على المسرح السياسي الذي تتقاذفه القوى الكبرى وتعيد معه رسم الشرق الأوسط من جديد وفق مفهومها، كما تعرض أداء السياسة العمانية إلى بعض النقد من الذين يرون أن الكثير من المصاعب والإشكاليات في المنطقة تحتاج إلى حسم عسكري وتفضيل استبعاد الدبلوماسية كما هو في اليمن وسوريا .

لكن البريق الأقوى لهذه السياسة التي تعرف جيدا دهاليز ومسارات تفكير المؤثرين في العالم، كان يوم التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني الغربي قبل عدة اشهر، والذي كان للسلطنة دور بارز في توجيهه إلى مرافئ الاتفاق، لتجنيب المنطقة حربا عالمية توقع لها الكثيرون أن تحرق الأخضر واليابس، بعد قرابة 5 سنوات من المشاورات السرية ثم العلنية بين الأطراف، وقد كان هناك إجماع واتفاق من المراقبين أن الدبلوماسية العمانية أدت دورا محوريا قاد إلى انفراج أزمة العلاقات الغربية – الإيرانية والتوصل إلي الاتفاق المبدئي بشأن حل قضية الملف النووي، ولم يكن من قبيل المصادفة أن يكون حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم هو أول قائد عربي وزعيم عالمي اجتمع مع الرئيس الإيراني الدكتور حسن روحاني بعد توليه الرئاسة، حينما قام في العام الماضي 2014 بزيارة تاريخية لطهران، مما يدل على التقدير المتبادل ردا على زيارة الرئيس روحانى للسلطنة، وهي أيضا الزيارة الخارجية الأولى له التي يقوم بها على المستوى الثنائي، كما أنها الأولى للدول العربية.
ولا شك أن نجاح هذه الجولة من المفاوضات الغربية الإيرانية ترتب عنه آثار إيجابية عديدة، أولها عودة العلاقات الخليجية الإيرانية، ودفع الجهود نحو حلحلة أزمات وقضايا أخرى في المنطقة منها الأزمة السورية التي تواجه الكثير من الصعاب.
ورأى محللون أن التوصل إلى اتفاق إيراني غربي سيساهم في إنعاش التنافس الاقتصادي بين دول المنطقة لاسيما طهران وأنقرة، أما بالنسبة للسلطنة فإن اتفاق الأطراف شكل إضافة لثقل السياسة العمانية على المسرح الدولي.

مواقف حيادية

عدم مشاركة السلطنة في حملة التحالف على اليمن، كان له صدى في الاتجاهين، حيث رحب بها الكثير فيما أثارت استغراب بعض أعضائها، وارتكزت رؤية السلطنة على الحل السلمي انطلاقا من مبدأ، أن اليمن يحتاج لجهود الجميع من أجل إيجاد تسوية سياسية تدعم توجه الأمم المتحدة في ذلك، وبعد 8 أشهر من الحملة، تقترب القناعات من الأطراف، وأن طاولة الحوار هي افضل وسيلة لتحقيق الأمن والاستقرار وعودة الشرعية والحكومة التي يعترف بها العالم، وقد جاء ذلك مع بداية الحديث عن طرف محايد يستطيع أن يستضيف الطرفين المتصارعين لرأب الصدع بينهما، فبرزت السلطنة على الساحة، لتكون هي طاولة المفاوضات التي يستطيع الطرفان أن يلتقيا عليها وإن كان بشكل غير مباشر، نظرًا لعلاقاتها المتوازنة مع جميع الأطراف.
وقد سبق للسلطنة أن حاولت كوسيط في إنجاز اتفاق بين الأطراف اليمنية قبل الحملة العسكرية التي نفذها التحالف العربي، حيث اقتربت الأطراف من لقاء بينهم في مسقط إلا أن ذلك لم يتم.
تغيرت الأحوال كثيرًا منذ المبادرة العمانية الأولى، الخطر العسكري والسياسي يلامس حدود بعض دول المنطقة، رأت الأطراف إمكانية العودة إلى الحوار مع استمرار مسار العمليات العسكرية حيث ينتظر أن ينجز ذلك تحت مظلة الأمم المتحدة خلال الأسابيع القادمة.

موقف مشهود

لقد تجلى الموقف المشهود للسلطنة في عام 1979م عندما قاطعت الدول العربية جميعها القاهرة التي وقعت اتفاقية سلام مفاجئة مع إسرائيل، ثم زيارة الرئيس أنور السادات إلى تل أبيب وإلقاء كلمته الشهيرة في الكنيست، فيما وقفت السلطنة إلى جانب القاهرة نظرا لقناعتها بأن الخلافات والحروب لا يمكن أن تحسم الصعوبات والمشاكل، ثم ساهمت السلطنة في إعادة العرب جميعا بعد قرابة 9 سنوات من الجفاء العربي.
ثم الخطى التي بذلتها السلطنة بعد ذلك لإنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية بين الدول الست وكانت هناك مشاورات مع دول إقليمية في عقد السبعينات لزيادة عدد الدول المنطوية تحت هذا المجلس.
واتخذت السلطنة موقفا متميزا خلال الحرب العراقية الإيرانية التي انطلقت في عام 1981م واستمرت إلى عام 1988م والتي بذلت الدبلوماسية العمانية خلالها جهدا مضنيا من أجل إيقاف تلك الحرب المجنونة، التي دمرت الكثير في بنية البلدين وادت إلى إزهاق أرواح الملايين من المدنيين والعسكريين.
ترتكز العلاقات الوثيقة والمتميزة التي تربط السلطنة بشقيقاتها في دول مجلس التعاون لدول الخليج على أسس من التاريخ المشترك والأهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتجانسة، وتسعى في مجملها لتحقيق المزيد من الترابط والتعاون والتكامل بما ينعكس إيجاباً على حياة شعوب هذه الدول، وإيمانا من السلطنة بأهمية الدور الذي يلعبه مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حرصت دوماً على الدفع باتجاه تفعيل أجهزة المجلس وتطويرها لتحقيق أكبر قدر من التعاون بين الدول الأعضاء.

نظرة عامة

وتسعى دائما باتجاه تعزيز العمل الخليجي المشترك، وتحقيق المزيد من الرفاهية والعيش الكريم لمواطني هذه الدول، كما تواصل السلطنة جهودها لتجنيب هذه المنطقة المخاطر التي قد تهدد أمنها واستقرارها وإنجازاتها التنموية، وذلك من خلال تغليب لغة الحوار والتفاهم، وترويج الحلول السلمية، ومعالجة المشاكل والخلافات بلغة العقل والحكمة.
وفي المحيط العربي تحظى سياسات السلطنة ومواقفها على تقدير مهم وواسع نظرًا للخط المعتدل الذي يعتمد على الواقعية كثيرا في معالجة القضايا العربية وغيرها، وحرصها على تطوير علاقاتها الثنائية مع كافة الدول العربية، بما يخدم الأهداف والمصالح المشتركة التي تستفيد منه جميع الأطراف.
ويأتي ذلك من إيمان عميق بأهمية وضرورة تعزيز العمل العربي المشترك وتوسيع نطاق التعاون بين الأشقاء واستثمار الإمكانات المتاحة لتحقيق حياة أفضل للشعوب العربية كافة.
وتساند السلطنة الجهود المبذولة لتطوير جامعة الدول العربية وآليات عملها وأجهزتها المختلفة، ومؤسسات العمل العربي المشترك بما يستجيب لتطلعات الشعوب العربية في تحقيق نهضة عربية شاملة في مختلف المجالات.
ودعمت السلطنة عملية السلام في الشرق الأوسط، بهدف التوصل إلى تسوية دائمة وشاملة وعادلة تحقق السلام وتكفل التعايش بين الدول العربية وإسرائيل، والتأكيد على أنها تحتل الأراضي العربية.
وتحرص السلطنة بصورة دائمة على المشاركة في القمم العربية ولا تدخر وسعًا في بذل جهودها لتقريب وجهات النظر بين الأشقاء، إيمانا منها بأهمية هذا الدور في دعم العلاقات العربية وتقويتها، ليخدم الأهداف والمصالح العربية المشتركة، ويجسد التلاحم العربي.

القضية الكبرى

إلى جانب تلك الملفات، يأتي الدور الأكبر والتاريخي الذي قامت به السلطنة في دعم القضية الفلسطينية على مر التاريخ وذلك بمناصرة القضية ودعم الشعب الفلسطيني، وكان للسلطنة الكثير من المواقف الداعمة، وقد أكدت عبر الكثير من البيانات أن السلام العادل والشامل سيظل موضع اهتمام السلطنة وسيكون هدفها الثابت، ولكن بالمعايير التي تنصر المظلوم وتصون المقدسات، وتعيد الحقوق إلى أصحابها.
وإلى جانب ذلك طالبت السلطنة في كافة المحافل الدولية باتخاذ موقف عربي موحد «حتى تدرك إسرائيل أن السلام لا يعني الاستسلام والعبث بالمقدسات الإسلامية واحتلال الأراضي وتركيع الشعوب، وكذلك الانسحاب الفوري من كافة الأراضي العربية المحتلة عام 1967 وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية.
وكان الموقف الرسمي للسلطنة يرتكز إلى عدم القبول باعتراف متبادل مع إسرائيل وعدم رفع المقاطعة المباشرة معها إلا بعد التوصل إلى تسوية سلمية مع بقية أطراف الصراع، وخصوصاً على المسارات الثلاثة: الفلسطيني والسوري واللبناني.

إشادة دولية

وخلال الـ45 عاماً الماضية قدم جلالة السلطان حفظه الله ورعاه، خلاصة فكره في إدارة السياسة العمانية، بصورة لفتت أنظار العالم، وشهد له السواد الأعظم من الساسة والمراقبين بالكفاءة والحنكة، إلى جانب الدور المهم الذي أداه في تنمية السلطنة والنهوض بها إلى دولة عصرية، وقد استطاع أن يحصد الكثير من الإنجازات على المستوى الدولي نظير ما قدمه من دور كبير في الكثير من الملفات الدولية المهمة ساهم في تغيير مجرى الأحداث خلالها عبر رؤيته الحكيمة، ليشكل بذلك منظومة النجاح الكبيرة على المستوى الداخلي والخارجي.
وتناولت الصحف الأجنبية تقارير عن نجاح القائد المفدى في سياساته على مدار الـ 45 عاماً الماضية، وذلك على المستويين المحلي والخارجي.

نيويركر الأمريكية

نشرت مجلة نيويركر تحليلا عن السلطنة ذكرت فيه أنه ليس هناك أي قائد يحظى بحب شعبه كالسلطان قابوس، وأكدت أنه نجح خلال فترة حكمه في نقل السلطنة من بلد لا يملك سوى بضع كيلومترات من الطرقات، إلى دولة عصرية حديثة تتنامى فيها الطبقة الوسطى، كما أصبحت السلطنة بلدا لم يسبق لشعبه أن نعم بالسلام والرخاء كما نعم بهما منذ أن تولى السلطان قابوس مقاليد الحكم.
وذكر التقرير السياسات التي تبناها حضرة صاحب الجلالة لعبت أدوارا بالغة الأهمية نفذت في هدوء، وقامت بمبادرات عديدة ناجحة ساهمت في دعم السلام، مع طرح خيارات واقتراح آليات عملية يؤدي الأخذ بها إلي حل الخلافات بين أطراف الأزمات الإقليمية والدولية، ومنها على سبيل المثال، دور السلطنة الحيوي في المفاوضات حول الملف النووي الإيراني بين طهران والغرب والمحاولة الناجحة لإقناع المشاركين فيها بتمديد المفاوضات فاستجاب الجميع ووافقوا علي المقترح العماني.
كما نجحت السياسات الحكيمة أيضا عام 2011 في التوصل إلى اتفاق على إطلاق سراح مواطنين أمريكيين اعتقلوا في إيران.

الأهرام المصرية

وعلى صعيد متصل نقلت صحيفة الأهرام المصرية عن محللين سياسيين أن كل من أتيحت له فرصة لقاء السلطان قابوس أو متابعة أحاديثه عبر وسائل الإعلام، يؤكد أن الله -عز وجل- قد حباه «بكاريزما» ذات تأثير قوي سواء عند مخاطبته الجماهير أو قادة دول العالم. كما أنه يتميز بشخصية متكاملة ذات اهتمامات متوازنة تعبر عن التمسك بالعقيدة الإسلامية، دون أي تطرف أو تعصب، إنما على هدى من المبادئ التي تعكس سماحة الدين الحنيف، ولا يتعارض ذلك مع توفير فرص الترفيه الراقي في المجتمع، على سبيل المثال اهتم بإنشاء المساجد في مختلف المحافظات والولايات وأبرزها جامع السلطان قابوس الأكبر في محافظة مسقط، وفى نفس الشارع الرئيسي تم تشييد دار الأوبرا، وكذلك المقر الجديد لمجلسي الدولة والشورى، هذا بالإضافة إلى أن الدبلوماسية العُمانية تحظى بتقدير الجميع، كما أن السلطنة ليس لديها أي خلافات أو منغصات مع أحد، علاوة على أن الأحداث الراهنة تثبت اليوم مصداقيتها وتدل على تمكنه ببراعة من إصدار القرار الحكيم مبكرا وفى التوقيت المناسب إذ يختار الأفضل والأصوب من بين بدائل متعارضة رغم ضبابية المشهد في أحيان كثيرة.
على صعيد آخر يسهم جلالة السلطان بدور مهم في إدارة ملفات التعاون الخليجي وتصويب مساراته التي تؤمن مواقفه للمنطقة الإبحار بسلام وسط الأمواج العاتية للتحديات السياسية الراهنة وعواصف المتغيرات الإقليمية والدولية لترسو على بر الأمان، ومن أجل المحافظة على منظومـة التعاون المشترك من جهة أخرى.
وتؤكد كل المؤشرات نجاح جهوده التي استهدفت على مدار عقود من الزمان حمايتها من التعرض لأي خطوات غير مضمونة العواقب.

ديلي ميل البريطانية

وفي ديلي ميل البريطانية قال الكاتب الصحفي سافرز مانزر إن السلطنة هي السر الدفين لمنطقة الشرق الأوسط، يخال لأي شخص زار مسقط أنها حديثة العهد نظراً للبنايات الحديثة المشرقة واللامعة، لكنها مدينة ذات تاريخ عريق- وفقا لرؤية الكاتب- حيث قام بجولة فيها، ولكن في الحقيقة هي مدينة ذات تاريخ عريق، يجدر الإشارة إلى أنه خلال فترة مكوثنا هنا وزيارتنا للأسواق لم نتعرض لأي مواقف عدوانية أو مزعجة والتي يعتاد أن يراها الناظر في الأماكن الأخرى، خلال أسبوع كامل التقينا بعدد من العمانيين وكانوا ودودين للغاية تشعر معهم بالحرية والود والإخاء، فعلا إنه أمر جميل ومدعاة للفخر أن تكون عمان البلد الأكثر أمنا وتسامحا بين الدول العربية».

لوموند الفرنسية

بنيامين برات الكاتب الفرنسي كتب مقالاً في صحيفة لوموند الفرنسية قال فيه : «السلطنة بلد صغير في المساحة يقع في منطقة الخليج العربي، لكنه لعب دوراً كبيراً في المفاوضات بين الولايات المتحدة الأمريكية وطهران حول البرنامج النووي، كما استطاعت أن تلعب دوراً بارزاً في منطقة الخليج، مما جعلها ذات مكانة بالنسبة للغرب وكذلك بالنسبة لدول الجوار إقليميا، إضافة إلى دورها الكبير في دعم قضية عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

Related posts

القطريون يصوتون على التعديلات الدستورية

الفايز يلتقي السفير السعودي لدى المملكة

20 شركة غذائية أردنية تشارك بمعرض الخليج الصناعي