مجرد أسئلة/ فهد الخيطان

لماذا ينزل عشرات الآلاف من الأوروبيين إلى الشوارع للتنديد بالإرهاب الصهيوني كلما ضرب في غزة أو الضفة الغربية المحتلة، ولانرى في المقابل مسيرات في شوارع المدن العربية تندد بالهجمات الإرهابية في باريس؟

لماذا لا يتجرأ ناشطون سياسيون في مسيرات “الحسيني” على رفع شعارات تشكر السويد على موقفها من قضية الشعب الفلسطيني، بينما لا يتردد المتظاهرون في الغرب على حمل صورة الطفل الفلسطيني الشهيد الذي أحرقه المستوطنون مع أفراد عائلته؟

لماذا يشارك الآلاف من مسلمي فرنسا وأوروبا بصلوات على أرواح ضحايا هجمات باريس الإرهابية، ولا يفعل أقرانهم في عالمنا العربي الشيء ذاته؟

هل تذكرون الملايين الذين تظاهروا في مدن أوروبا ضد الغزو الأميركي للعراق؟ لم ينزل ربعهم إلى شوارع المدن العربية في ذلك الوقت.

هل نعود بالذاكرة إلى الوراء حين تظاهر الآلاف في المدن الغربية ضد الغزو الإسرائيلي للبنان عام1982 ، فيما عمت المظاهرات شوارع عربية احتجاجا على نتيجة مباراة كرة قدم لمنتخب عربي؟

هل تسمعون عن حملات المقاطعة الأوروبية للبضائع الإسرائيلية، ومواقف الأكاديميين الغربيين ضد الجامعات الإسرئيلية؟ ماذا فعلنا لدعم هذه الحملات؟ أنا سأقول لكم؛ هتفنا صبيحة هجمات باريس على”الفيسبوك”: “اللهم زد وبارك”!

دانت بعض أحزابنا هجمات باريس بخجل شديد؛ تقدميون ويساريون ودعاة حقوق إنسان صمتوا كأنهم في قبور، وهم ذاتهم يمدون ألسنتهم شبرين ضد تصريح هنا أوهنا لمسؤول غربي يناهض قضايانا. لكن أحدا لا يتجرأ على إصدار بيان يشكر أنجيلا ميركل على موقفها القوي ضد حركة”بيغيدا” العنصرية، أو الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على موقفه من حق اللاجئين السوريين في دخول فرنسا، حتى بعد ثبوت تورط اثنين منهم في هجمات باريس الدامية.

كيف يمكن للمرء أن يصمت على جريمة إسقاط طائرة تحمل أكثر من مئتي نفس بشرية، لمجرد أنها روسية، فيما نرفع أصواتنا ضد قتل المدنيين في سورية بقصف الطائرات الروسية، أو ليس ركاب الطائرة مدنيون مثلهم مثل السوريين؟

هل يعقل الصمت على جريمة الضاحية الجنوبية ببيروت، لأن ضحاياها من الطائفة الشيعية؟ وفي المقابل كيف نتغاضى عن العمليات الإرهابية في أنقرة قبل أسابيع، ولا يدين بعضنا الجريمة لمجرد اختلافنا مع موقف الحكومة التركية من الأحداث في سورية؟

نغضب من الغرب لأنه يكيل بمكيالين حيال قضايانا، لكننا نفعل الشيء ذاته عندما يتعلق الأمر بقضاياهم لابل وبقضايانا أحيانا.

ندين مواقف الجماعات والاحزاب العنصرية المعادية للعرب والمسلمين في الغرب، وهى تستحق هذه الإدانة بالفعل، غير أننا نصمت على العنصرية البغيضة في صفوفنا تجاه الآخر؛ الأجنبي والغربي أيا تكن هويته ومواقفه.

إنها مجرد أسئلة تخصنا نحن، ولاتخص الآخرين. أسئلة تتصل بمنظومتنا القيمية التي أصابها العطب، لدرجة أنها لم تعد تميز بين الضحية والجلاد.

نحن ضحايا لاستعمار أجنبي، واستبداد “وطني”، وإرهاب غمر شوارعنا بالدماء، كيف لا نشعر مع الآخرين عندما يواجهون نفس المصير؟

مجرد أسئلة، علها تذكرنا بما يجمعنا من روابط إنسانية مع البشر من حولنا في العالم.

Related posts

الكنيست الإسرائيلي يصدر سلسلة من القرارات العنصرية الجائره بحق الفلسطينيين* عمران الخطيب

السمهوري: ما حدث في إمستردام من هتافات وتحريض على القتل… جريمة تحريض ودعم لحرب الإبادة التي تشنها اسرائيل

عيوب ومثالب في (دراسات حول المناهج المُطوّرة)* الدكتور هايل الداوود