عروبة الإخباري- تطلق الولايات المتحدة اليوم الجاسوس الأميركي – الإسرائيلي جوناثان بولارد بعد ثلاثين عاماً أمضاها في السجن لتسريبه وثائق سرية وخطيرة إلى تل أبيب وأطراف أخرى، في وقت يدور جدل في شأن إمكان تخلي بولارد عن جنسيته الأميركية للانتقال للعيش في إسرائيل.
بولارد، الذي فاوض على مصيره أكثر من خمسة رؤساء حكومات إسرائيلية وأربعة رؤساء أميركيين منذ عام 1985، يخرج اليوم «بإطلاق سراح مشروط» من وزارة العدل الأميركية بسبب تدهور حالته الصحية. إلا أن توقيت إطلاقه والتسريبات التي سبقته توحي بأن الخطوة تأتي في سياق إرضاء إسرائيل بعد الاتفاق النووي الإيراني، ومساعي إصلاح العلاقات من خلال زيادة المساعدات العسكرية الأميركية إلى خمسة بلايين دولار سنوياً، والتي مهد لها لقاء الرئيس باراك أوباما ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو الأسبوع الماضي. كما تعطي هذه الخطوة الرئيس الأميركي ونواب الحزب الديموقراطي دفعاً قبل انتخابات عام 2016، بما هي انعكاس لقوة العلاقة الأميركية – الإسرائيلية وطي صفحة السجال في شأن الاتفاق النووي.
وسيخرج بولارد (61 سنة) اليوم من زنزانته في السجن الفيديرالي في بوتنر ولاية كارولينا الشمالية، حيث أمضى نحو ثلاثة عقود. وكان القضاء الأميركي حكم على المحلل السابق في البحرية الأميركية، وهو من مواليد تكساس وحصل على الجنسية الإسرائيلية عام 1995، بالسجن المؤبد عام 1987 بعد إدانته عام 1984 بتسريب آلاف الوثائق المصنفة «سرية للغاية» إلى إسرائيل في شأن أنشطة تجسس الولايات المتحدة على دول عربية خصوصاً.
وساعدت الوثائق التي نقلها بولارد إلى إسرائيل في تفجير مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس عام 1985، وكذلك في قتل الرجل الثاني في المنظمة خليل الوزير (أبو جهاد) في تونس عام 1988.
لكن بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فإن التجسس أسفر عن أضرار كبيرة لمصالحها خلال الحرب الباردة. ووفقاً لبعض التقارير الإعلامية، فإن بولارد قد يكون سلّم دولاً أخرى غير إسرائيل معلومات حاسمة ربما انتهى بها المطاف للوقوع بأيدي الاتحاد السوفياتي في حينه.
ووفق جدول وزارة العدل، كان من المقرر الإفراج عن بولارد السبت، لكن الموعد تضارب مع العطلة الأسبوعية لدى اليهود، ما حتّم إطلاق سراحه الجمعة.
ولعبت حال بولارد الصحية دوراً رئيسياً في الإفراج عنه، بعد خضوعه إلى عمليات جراحية خلال فترة سجنه في الكبد والمعدة. وخلف القضبان، أصبح بولارد رمزاً لليمين الإسرائيلي، إذ تبنى جزءٌ كبير من الإسرائيليين قضيته. كما كان ورقة في بعض المساومات المقترحة المتعلقة بإطلاق سراح سجناء فلسطينيين أو مفاوضات السلام الفلسطينية – الإسرائيلية لوقف الاستيطان، كما عرض وزير الخارجية جون كيري العام الماضي، غير أن البيت الأبيض أوقف هذا الطلب، وجرى استمهال الإفراج عنه بعد الاتفاق الإيراني.
وكان نتانياهو زار بولارد في زنزانته عام 2002، وحاولت حكومات إسرائيلية متعاقبة الإفراج عنه بعدما منحته إسرائيل الجنسية عام 1995. غير أن وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية (سي آي إيه) اعترضت في الماضي على الإفراج عنه، وهو ما لم يحصل في إدارات بيل كلينتون وجورج بوش، في حين هدد مدير «سي آي إيه» السابق جورج تينيت بالاستقالة في حال الإفراج عن بولارد، ودعا إلى عدم التسامح مع جريمة التجسس.
ووفقاً لشروط الإفراج عنه، ينبغي أن يبقى بولارد على الأراضي الأميركية مدة خمس سنوات ما لم يسمح الرئيس باراك أوباما له بمغادرة البلاد. ورجحت تقارير إعلامية أن يكون تم تجهيز وظيفة وسكن لبولارد في منطقة نيويورك.
لكن وفقاً لأقاربه، يود الجاسوس السابق الإقامة في إسرائيل مع إستير زيتز، اليهودية الكندية التي تزوجها في السجن. وطلب اثنان من أعضاء الكونغرس من وزيرة العدل لوريتا لينش إعادة النظر في قرار حظر مغادرة الجاسوس الأراضي الأميركية. وأوضح النائبان اليهوديان عن ولاية نيويورك جيرالد نادلر وإليوت إنغل أن بولارد على استعداد للتخلي عن جنسيته الأميركية للسفر إلى إسرائيل.