يقف الشباب هذه الأيام أمام تحديات كبيرة جدا ، فقد ألقي على كاهلهم مسؤولية التغيير وخوض غمار المستقبل ومناقشة قضايا الوطن بكل جرأة وحماسة من أجل رفع مكانة الوطن عاليا و في المجالات كافة. كما أنه بات من الواجب على الشباب أن يقودوا الحوار ” البيني” الإيجابي الراشد المتوازن لإقناع الجميع بأهمية دورهم في إحداث التنمية الحقيقية من خلال مظلات وطنية جامعة.
ومن تلك القضايا التي تواجه الشباب أهمية انخراطهم في الأحزاب وإحداث حراك وطني يلعب الشباب فيه دورا محوريا من أجل تحريك أولى أدوات التغيير من حيث التعبير عن كل ما يشغلهم من هموم واهتمامات لابد من توظيفها لصالح الوطن وبما يعود عليهم أنفسهم بفوائد كبيرة تقوي من شخصياتهم وتبرز وجودهم في المجتمع كقوة فاعلة و مؤثرة قادرة على التعبير عن واقع الحال و التحديات الراهنة.
ولكن العوائق أمام دخول الشباب في الأحزاب والمشاركة الفاعلة تعود إلى أسباب متعددة، منها : الصور النمطية في أذهان الآباء عن هذه الأحزاب وما كان يرافقها من ملاحقة وتضييق الخناق على المنتسبين لا سيما الأحزاب التي تقف في صف المعارضة منها.وكذلك اعتقاد الأهل أن هذه الأحزاب لا تسمن ولا تغني من جوع ، وهي مضيعة للوقت أكثر منها نفعا وفائدة تعود على أبنائهم ومستقبلهم الذي يتطلب منهم السعي الدؤوب و الجاد لدرجة الكدح من أجل تأمين متطلبات الحياة الأساسية لبناء نواة أسرة بعيدا ً عن تعقيدات الراهن السياسي و متطلبات العمل به .
أما من وجهة نظر الشباب ؛ فإن هذه الأحزاب لا تمتلك الرؤى والبرامج العملية والواضحة التي تعنى بالشباب وتنمية مهاراتهم ومواهبهم وتصقلهم بالمهارات والخبرات اللازمة وتفتح لهم الطريق للوصول إلى مواقع قيادية والتمثيل في القطاعات المختلفة سواء البرلمان أو البلديات أو المجالس المحلية أو حتى الوظائف القيادية الرسمية من خلال الدفع بهذه الطاقات القادرة وذات الكفاءة التي تنقل فلسفة الحزب و رؤاه التطويرية للحياة العامة من خلال برامجها التي تنفذها لترجمة طروحاتها على أرض الواقع و إثبات نجاعة آليات عملها و بما يعود بالنفع على الصالح العام.
و الأمر الآخر الذي بدأ يتنبه له الشباب هو الفردية الطاغية على عمل الأحزاب ، و اعتماد نهج الرجل الواحد المتمثل في شخص الأمين العام ، و إن حاول الحزب التخلص من هذه السياسة فإنه يوسع دائرة المشاركة في إطار الأمانة العامة و مفرداتها العليا فقط دون النظر إلى باقي المنتسبين في الشُعَب و الحَلقات الحزبية التي من المفترض أنها تشكل القاعدة الجماهرية للحزب و أداته الأساس لنقل طروحاته و رؤاه و منطلقاته التي تخدم الأمة من خلال برامج واضحة و قابلة للتطبيق .
مهما يكن من أمر ، فإن على الأحزاب مراجعة أنظمتها الداخلية وبرامجها السياسية والاجتماعية وغيرها من أجل رفع درجة الاعتماد على الشباب وفتح الأبواب الموصدة أمامهم ، والبحث عن آليات واضحة من أجل إقناع الشباب بالانتساب والمشاركة الفاعلة ، فقد أصبح الشباب أكثر وعيا وانفتاحا على مجتمعاتهم وقضاياها ، ولم يعودوا يرون بعيون الآخرين بل على العكس ، فقد أصبح الغالب الأعم يرى بعيونهم ما هو موجود على أرض الواقع من جيد إيجابي بحاجة إلى تعزيز ، وما هو متهالك وسلبي بحاجة إلى تصويب ؛ و ذلك لأنهم ينقلون الواقع كما هو دون مراوغة أو تجميل أو توصيفات تضيع الفرصة أمام مشاريع التنمية والتحديث و التطوير التي ينادي بها جلالة الملك ، لذلك على الأحزاب أن تجد ما يجذب الشباب إليها ، وأن تضع المصلحة الوطنية على سلم أولوياتها.