من نصب “الفخ”؟!/ بقلم: محمد أبورمان

بالرغم من اللقاء العابر للرئيس الفلسطيني محمود عباس، بوزير الخارجية ناصر جودة، أول من أمس، على هامش لقاءات وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع المسؤولين الأردنيين والفلسطينيين، إلاّ أنّ من الواضح أنّ ثمّة خلافات بين الأردن والسلطة الفلسطينية بشأن إدارة ملف التعامل مع الانتهاكات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى، والتي أدت بدورها إلى إشعال الاحتجاجات الفلسطينية وانتشارها إلى الضفة الغربية!

يتبدى هذا الخلاف في صمت السلطة الفلسطينية تماماً (إلى الآن) عن إبداء أي موقف تجاه التفاهمات الأردنية-الأميركية-الإسرائيلية بخصوص الإجراءات تجاه المسجد الأقصى، والتي تشمل الإبقاء على الوضع الراهن، ورفض التقسيم الزماني والمكاني، واتخاذ إجراءات جديدة، منها وضع كاميرات للمراقبة في الحرم القدسي الشريف، بإدارة أميركية-أردنية.

“السلطة” كانت أيدت الاقتراح الفرنسي بإرسال مراقبين دوليين، وهو الأمر الذي لم ترحّب به إسرائيل وأصرت على الوضع القائم، فيما لوّحت واشنطن بالفيتو في مواجهة هذا الاقتراح، ليأتي التفاهم الأردني-الأميركي في محاولة لإيجاد حلول أمام تصاعد التوتر في الأراضي المحتلة. لكن من الواضح أنّ الاقتراح الأردني (البديل) بوضع كاميرات مراقبة، والذي وصفه كيري بالممتاز، لم تقبل به السلطة الفلسطينية، وإن كانت لم ترفضه صراحةً وبوضوح!

الموقف الفلسطيني يمكن استنطاقه عبر عدم الإشارة في لقاء عباس-جودة إلى أي تأييد ضمني أو صريح فلسطينياً لهذا الاقتراح. لكن ردّ الفعل الأكثر صراحة، والمقلق بدرجة كبيرة، يتمثل في تصريحات وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي (لإذاعة صوت فلسطين)، تعليقاً على الاتفاق الأردني-الأميركي-الإسرائيلي؛ إذ وصف فيها وضع الكاميرات بـ”الفخ” الإضافي، مفسّراً ذلك بأنّ الكاميرات ستستخدم لاعتقال الفلسطينيين بحجج التحريض!

تصريحات المالكي خطيرة. فمقترح الكاميرات هو أردني في الأساس. وعندما يوصف بأنّه “فخ”، يبدو الأمر للفلسطينيين والرأي العام العربي، وربما الأردني كذلك، وكأنّ الأردن هو من نصب هذا الفخّ الذي ستستخدمه إسرائيل. وبذلك، تنقلب الصورة عن الدور الأردني الحريص على حماية المقدسات وعدم إعطاء نتنياهو فرصة لتغيير الوضع الحالي في القدس، إلى الصيغة التآمرية! وهو الأمر الذي من المفترض أن نتجنبه تماماً، ونحرص على عدم الوقوع فيه، تحت أي ظرف من الظروف!

وجهة النظر الأردنية الرسمية تتمثّل في أنّ الأردن انتزع من نتيناهو، مرّة أخرى، اعترافاً بالوضع القائم، ورفض فكرة التقسيم المكاني والزماني التي قادت إلى كل ما جرى. فيما موضوع الكاميرات إجرائي، يهدف إلى مراقبة الاختراقات التي تتم لهذه التفاهمات من قبل أي طرف، وهو الأمر الذي يساعد، أيضاً، على توثيق الانتهاكات الإسرائيلية.

وجهة النظر (الأردنية) هذه من دون التفاهم الكامل مع السلطة الفلسطينية، ستُفهم خطأ وستنقلب إلى النقيض. فالدور الأردني متكامل مع الفلسطينيين وداعم لهم. والاختلافات في هذه اللحظة والمنعطف التاريخي ستكون كارثية على الهدف الحقيقي من الدور الأردني. لذلك، من الضروري إعادة تقوية خطوط التفاهم والتنسيق الأردنية-الفلسطينية، حول هذا الملف وعلاقته بالملفات الأخرى.

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري