شئنا أم أبينا فبشار الأسد حالة متفردة يصعب تكرارها ليس في العالم العربي فحسب بل في العالم كله، فهو الرجل الوحيد الذي أصبح رئيساً بالتوريث في نظام جمهوري، وهو الرجل الوحيد الذي يسلم بلده للأجنبي ليصبح في الواقع بلداً محتلاً وهو يعتقد بفائض كبير من السذاجة أنه يدافع عن بلده واستقلاله، وهو الرئيس الوحيد في العالم الذي يقتل شعبه بمنتهى الوحشية منذ أربع سنوات ويعتقد أنه يحميه من الإرهاب، وهو الوحيد أيضاً الذي يحكم قرابة 20% من أرضه ومن شعبه ويتخيل أنه رئيس للجمهورية العربية السورية !
أما الحالة التي سيسجلها التاريخ بدرجة عالية من الغرابة والاستهجان هي الرحلة السرية التي قام بها بشار الأسد إلى موسكو، فقد كانت الرحلة الأولى له خارج سوريا، ولربما تكون الأخيرة منذ نشوب الثورة السورية قبل أربع سنوات، والتفرد بها أن الأسد وصل موسكو على متن طائرة حربية روسية بدون أي مرافق، وكانت حالته أشبه ما تكون بحالة من جُلبَ جلباً، حتى في جلسة المحادثات الرسمية التي بثتها وسائل الإعلام الروسية كان الأسد يجلس على يمين بوتين وحيداً وكانت لغة جسده توحي بأنه كان في وضع الضعيف الذي يتلقى تعليمات ما ممن يعمل عسكرياً على إنقاذ عنقه وحكمه وكرسيه، ومن شدة الاستخفاف الروسي بالضيف في جلسة الكرملين لم يتم رفع العلم الروسي وراء بوتين ولا العلم السوري وراء بشار الأسد، في إيحاء واضح أن الضيف القادم سراً وعلى متن طائرة عسكرية روسية هو “موظف صغير” لدى الروس وليس أكثر من ذلك .
من الأغلب أن الروس أرادوا من خلال “جلب” الأسد “بهذه الطريقة” وهي طريقة خارجة عن أدنى حدود التعامل اللائق بين الدول، أرادوا إيصال رسالة للعالم وتحديداً واشنطن أن سوريا لم تعد دولة لها رئيس يستطيع اتخاذ القرار باسمها، وان الحقيقة الجديدة التي يجب أن يتعامل بها العالم هي أن سوريا “منطقة نفوذ روسية”، وان من يقرر أي شيء يخصها هو فقط الكرملين ورئيسه فيلادمير بوتين .
من المفارقات الغريبة أيضاً هو ذلك التهليل الإعلامي غير المسبوق من قبل إعلام بقايا النظام السوري وما يسمى بإعلام الممانعة، حيث كان عنوان التهليل “اعتبار مجرد وصول الأسد” إلى موسكو انتصاراً سياسياً مذهلاً، تماماً مثلما كان وصول القوات الروسية إلى سوريا بارقة نصر عسكري، والسؤال المطروح بقوة هل ما يجرى في سوريا تحالف بين دولتين أقصد بين روسيا وسوريا، أم هو استعمار وهيمنة كاملة من روسيا على سوريا؟
محزن للغاية أن يكون هذا الحلف يؤمن بأن حماية رأس النظام هو انتصار، مع ضياع البلد بأكمله، وأن يطلق على نفسه صفة المقاومة أو الممانعة!
الحقيقة تقول لنا: أن بشار الأسد يُوصف بالرئيس ولكنه على أرض الواقع هو قائد “محمية روسية – إيرانية” داخل بلده سوريا يقبل أن يكون رئيساً بالصفة فقط ، والسؤال رئيس على من، ولمن؟؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• محور الممانعة اعتبر الاحتلال الأميركي للعراق انتصاراً للشعب وعتقاً له من نير الديكتاتورية، والسؤال هل الاحتلال الروسي لسوريا مبرر ومقبول على الرغم من أنه يُثبت ديكتاتوراً على صدر ما تبقى من الشعب السوري؟
منطق مريض ومصاب بالشيزوفرانيا !!