الرفاعي: آن الأوان لنكف عن توجيه اللوم الى الأوضاع الإقليمية و نقوم بعملنا

عروبة الإخباري – جّدد رئيس الوزراء الأسبق رئيس لجنة الخارجية في مجلس الأعيان سمير الرفاعي مطالبته ب”تجديد النخب الاردنية” في البلاد.

وقال الرفاعي في حوار مفتوح مع النخب المعانية والفعاليات الشبابية في معان “أعتقد أن تجديد النخب باتت اليوم أولوية متقدمة”.

•الثقة الحقيقية والمتبادلة بين القيادة والشعب هي رأس مالنا الأكبر في مجابهة التحديات
•العالم يتبنى اليوم رؤية جلالة الملك حول الصراع في المنطقة وفي ترتيب الأولويات 
•الخطاب الملكي في الجمعيّةِ العامة يمثل وضوح الرؤية الأردنية والانحياز الدائم للحق
•تحصين الجبهة الداخلية ليس بالشعارات والمهرجانات ولكن بالإصلاحات والسياسات الملائمة 
•الدولة الأردنية قادرة دائماً على تجديد شبابها وإنتاج النخب والقيادات في جميع القطاعات
•لدينا فرصة مهمة في المرحلة المقبلة لتحقيق نقلة كبيرة على صعيد تجديد النخبة الوطنية
•الشباب ليسوا فقط قادة المستقبل ولكنهم أيضاً رواد الحاضر ومحل رهان الملك والأردنيين
•الإرادة العليا لجلالة الملك هي باتجاه المزيد من الإصلاحات النوعية وليس الاكتفاء بما تمّ 
•البداية هي من الحوار ومن تعميق النقاش العام لتوسيع قاعدة المشاركة 
•المتابعون يعرفون كل تفاصيل تطور الدين العام والفترات التي شهدت أكبر ارتفاع
•قرارات إزالة الدعم يجب أن تقترن بحوافز حقيقية على القطاعات الاقتصادية المتضررة
•يجب أن تكون أسعار السياحة ميسرة ومعقولة أكثر بمنح القطاع السياحي إعفاءات ضريبية ..

وتالياً نص المحاضرة:

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على النبي العربي الهاشمي الأمين، سيدنا محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه أجمعين
أصحاب المعالي والسعادة،
الأساتذة الكرام،
الأخوات والأخوة الشباب،
الحضور الكريم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،
•الحمد لله، أولا وأخيرا على نعمائه، وعلى هذه الشيم الأردنية الأصيلة، وهذا البلد الآمن الأبي، الذي يجمع ولا يفرق، ويلتقي أبناؤه دائما على طاعة الله وعلى الخير والصلاح.
•واسمحوا لي أن أعبر عن سعادة خاصة، وأنا ألتقي مع الأهل والأصدقاء في معان الغالية، معان الكرامة والأصالة والعطاء التي قدمت الكثير في مسيرة هذا البلد العزيز، فكان منها الشهداء والقادة والعلماء والسياسيون والمبدعون ورجال الاقتصاد ونشامى القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والعمل العام في كل مجالاته..
•هذه المحافظة التي استقبل منها الأردنيون طلائع الخير وتباشيره مع وصول الملك المؤسس لثراها الطهور معلنا ولادة فجر أردني هاشمي عربي جديد.. ما زالت على عهدها مع القيادة الشريفة ومع الأردن والأردنيين، منجما للرجالات الكبار، وأهلا للوفاء والولاء ولكل الخير والسداد.
•منذ نحو ستة شهور كنت هنا بمعية الأهل والأصدقاء وأخوالي المعانية وبدعوة من جامعة الحسين بن طلال، في لقاء دافئ وحوار صريح، وها أنا اليوم أتشرف ان أكون مع هذه النخبة الكريمة مرة أخرى، وبدعوة من الأخوة في نادي معان الثقافي الرياضي الاجتماعي.
•وخلال هذه الفترة القصيرة التي فصلت بين اللقائين، وشهدت فيها منطقتنا العربية أحداثا وتطورات كبيرة ومتسارعة، استطاع الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم أن يضيف إلى إنجازاته الإصلاحية الشيء الكثير وأن يحقق الصورة المشرقة، حيث يبادل الأردنيون قيادتهم ولاء بوفاء وإخلاصا بعطاء، وتتجسد الثقة الحقيقية والمتبادلة بين القيادة والشعب، وهي بالفعل رأس مالنا الأكبر في مجابهة التحديات وفي مواصلة مسيرة الخير والبناء.
•ولقد تأكد حضور الأردن الدولي والإقليمي، واتضح للجميع أن نظرة جلالة الملك لحقائق وجوهر الصراع والسلام في المنطقة هي الأدق والأوضح. وها هو العالم يتبنى اليوم هذه الرؤية ويتفق مع الأردن في ترتيب الأولويات التي حددها جلالة الملك منذ بدء التحولات الخطيرة في منطقتنا منذ نحو خمس سنوات، وظهرت معها تحديات ومخاطر واستحقاقات جديدة وغير تقليدية..
•وكان خطاب جلالة الملك في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، أكبر دليل على وضوح الرؤية الملكية، والقدرة على تحديد الأولويات والانحياز الدائم للحق وللدفاع عن صورة الإسلام الحقيقية وعن سلامة واستقرار منطقتنا ومستقبل أبنائها، في ظل هذه الفوضى وضبابية الرؤية عند كثيرين.

الأخوة الكرام،
•المواضيع عديدة ومتشعبة ولا يمكن فصل ما هو خارجي عمّا هو داخلي، فالأردن في قلب التطورات ووسط التحولات الخطيرة. وما يحدث حولنا ينعكس علينا بشكل أو بآخر. وهذه مسألة اللاجئين السوريين، بأحمالها الثقيلة على اقتصادنا وبنانا التحتية وفرص عمل شبابنا وشاباتنا هي من بين جملة من الانعكاسات التي أثرت علينا، نتيجة للأزمات الخارجية.
•ولكني في هذه الورقة، أحب أن أركز على بعض القضايا الأساسية، وسأترك للنقاش والحوار المجال الأكبر لنتبادل معا الآراء والملاحظات. وسأقتصر هنا على البعد الداخلي، فأنا أؤمن بأن مجابهة التحديات الخارجية تتطلب قبل كل شيء تحصين الجبهة الداخلية وتقويتها، ليس بالشعارات والمهرجانات ولكن بالإصلاحات والسياسات الناجعة والتي نستطيع أن نبني عليها واقعا وطنيا ملائما لمتطلبات الاستجابة للتحدي.. وهو ما يعني أن يكون الإصلاح متوازيا وشاملا في مجالاته السياسية والاقتصادية والإدارية والاجتماعية وغيرها..
•لقد تحدثت هنا قبل ستة شهور عن حاجة وطنية حيوية وهي: ” تجديد النخب الأردنية”. وأعتقد أنها تمثل اليوم أولوية متقدمة، على قاعدة من التراكمية في الخبرات والتواصل بين الأجيال والبناء على المنجز المهم الذي تحقق وتحديثه.. والدولة الأردنية دائما كانت قادرة على تجديد شبابها وإنتاج النخب والقيادات في مختلف القطاعات.
•ولدينا فرصة مهمة في المرحلة المقبلة، لتحقيق نقلة كبيرة على هذا الصعيد ولكنها بحاجة لتأسيس صحيح ولاستعداد كاف، ونحن اليوم بصدد قانون انتخاب جديد، نتطلع أن يكون له دور حيوي ببلورة أداء برلماني أكثر تفرغا للواجبات التشريعية والرقابية، وبحيث تقوم البلديات والمجالس المنتخبة بدورها المطلوب في الجانب الخدمي، وما ننتظره من نتائج مفترضة مع تطبيق منهج اللا مركزية، وما نسعى إليه من انعكاس إيجابي على واقع المحافظات وتنميتها وإسهامها في التفاعلات الوطنية كلها.
•وهذا يعني بالدرجة الأولى الانتباه أكثر فأكثر لقطاع الشباب والاستثمار بالوعي والتدريب والتأهيل، وقبل ذلك، من خلال توفير الفرص المناسبة والكريمة للعمل والتميز، وأن نوفر المنابر المطلوبة للشباب للمساهمة في عملية التحديث، فالشباب ليسوا فقط قادة المستقبل ولكنهم أيضا رواد الحاضر وكما أرادهم جلالة الملك المعظم فرسان التغيير الإيجابي.
•لقد جاءت مسودة مشروع قانون الانتخاب الجديد، تلبية للإطار العام لرؤية جلالة الملك باتجاه تطوير الحياة السياسية والبرلمانية في البلاد، وهي الآن في عهدة المؤسسة البرلمانية التي لا شك ستعمل على مناقشة المشروع.
•وكما هو واضح أن الإرادة العليا لجلالة الملك هي باتجاه المزيد من الإصلاحات النوعية وليس الاكتفاء بما تمّ إنجازه على أهميته. وهناك توافقات سياسية على الشكل العام لقانون الانتخاب المطلوب ولا يوجد طبعا قانون انتخاب يمكن أن يحقق إجماعا عاما. ومع هذه الملامح الأولية، يمكن القول إن المرحلة المقبلة يجب أن تشهد ظهور نخب جديدة في كافة المجالات. وحتى يتم ذلك يجب أن نبدأ بتوسيع عملية المشاركة. وأن نبدأ من الحوار ومن تعميق النقاش العام. وجلالة الملك كان مبادرا كعادته عندما طرح أوراقه النقاشية لدعم هذا المبدأ. ولذلك، فإن دور الأندية الشبابية والهيئات الثقافية والجامعات والمعاهد هو أساسي وكبير في هذه المرحلة لغايات توسيع عملية المشاركة عبر منابر الحوار.
الأخوة الحضور،
•في المجال الاقتصادي، أرغب بالتركيز على بعض المحاور المهمة، وأشير هنا إلى قيام عدد من السادة النواب مؤخرا، بتبني مذكرة نيابية تطالب الحكومة بوضع خطة لسداد دينها العام والذي تجاوز الـ23 مليار دينار. وهناك تفاصيل معروفة للمتابعين، حول تطور الدين العام خلال السنوات الماضية، وما هي الفترات التي شهدت أكبر مستوى لارتفاع الدين.
•وعندما أتحدث هنا، في البعد الاقتصادي، فأنا لا أتحدث من موقع اقتصادي، بل من موقع سياسي، حيث لا يمكن التعامل مع الاقتصاد كعملية محاسبية، بعيدا عن التأثيرات الاجتماعية والثقافية والسياسية، خصوصا عندما نتحدث عن الطبقة الوسطى ودورها في ريادة الحياة العامة وفي تجديد وإنتاج النخب الوطنية. وهذا يعني أن نولي اهتماما كبيرا لحل المعضلات الاقتصادية، وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص، وتحفيز الاستثمار، وكل ما من شأنه أن يسهم بتوفير الفرص الحقيقية للعمل والتدريب وخدمة التنمية الوطنية.
•وعلى صعيد المديونية، والإجراءات المطلوبة، فأنا أعتقد أنه علينا أن نسعى دائما إلى تحقيق توازن بين تدابير التقشف (مثل تخفيض النفقات ورفع الدعم) وتقديم حوافز حقيقية وإعفاءات ضريبية من أجل تنمية الاقتصاد وخلق فرص عمل. ويجب على المرء، إن كان في موقع المسؤولية، أن لا يقوم أبدا بتفضيل جانب واحد من المعادلة على الجوانب الأخرى.
•ومن هنا، تحدثت أكثر من مرة وعلى أكثر من منبر، منبّها إلى أن القرارات الأخيرة لإزالة الدعم، وبالتالي رفع أسعار الوقود والكهرباء والسلع وكذلك زيادة الضرائب، ينبغي أن تكون مقرونة بحوافز حقيقية على القطاعات التي نراها استراتيجية وهامة.
•على سبيل المثال، نحن بحاجة إلى تنفيذ تخفيضات ضريبية جدية وذات مغزى على قطاع السياحة الذي تأثر سلبيا وبشكل كبير منذ عام 2011 الذي بدأ فيه ما يسمى بـ”الربيع العربي”..
وأنتم هنا، الأقرب إلى “جوهرة” السياحة الأردنية “بترا”، وتشاهدون الواقع المرير للسياحة وانعكاس ذلك على المرافق الفندقية والحياة الاقتصادية بشكل عام في لواء وادي موسى العزيز علينا جميعا.
•وإذا سلمنا بأن العامل الرئيسي وراء معاناة قطاع السياحة هو الاضطراب الإقليمي، فلا يجوز أن نستسلم لهذا التفسير ولا نقوم بدورنا المطلوب منا لعمل شيء يخفف من تراجع هذا القطاع الحيوي وما يترتب عليه من مصالح اقتصادية واجتماعية وفرص عمل وغيره، وأن لا يغيب عن أذهاننا أننا في حاجة إلى جعل أسعار السياحة في الأردن ميسرة ومعقولة أكثر عن طريق إعطاء القطاع السياحي، وهو جزء أصيل ومهم من القطاع الاقتصادي الأردني، إعفاءات ضريبية للسنتين أو الثلاث المقبلة، بحيث يتم خفض الأسعار. مثال آخر، هو التسهيلات المقدمة من الاتحاد الأوروبي لصناعة السياحة في الأردن بمبلغ 250 مليون يورو بفائدة 1.5٪. ومع ذلك، أسمع بأن سعر الفائدة على هذا القطاع سيكون 5٪ بدلا من 1.5%. الأمر الذي يجدر به أن لا يحدث أبدا.
•إن تشجيع الاستثمار ليس قضية بيروقراطية فقط.. صحيح أن المسائل القانونية والبيروقراطية قد تخلق حواجز كبيرة أمام تشجيع الاستثمار. ولكن أيضا وربما يكون الأهم: تشكل الضرائب وانعدام الحوافز وفي بعض الحالات عدم الوضوح في كيفية فرض الضرائب والجمارك تحديات خطيرة للمستثمرين. وبالمقابل، فإن استقرار قانون الضرائب أمر ضروري لضمان قدرة المستثمر على التنبؤ بمستقبل استثماره. ونحن ببساطة لا يمكن أن نستمر في تغيير القوانين سنويا وقد تحفظت على قانون الضريبة الحالي عند إقراره السنة الماضية.
•لقد دعوت مرارا، وأكرر الدعوة هنا، لإقامة شراكة هادفة وعميقة مع القطاع الخاص للتنفيذ الفوري لاعفاءات ضريبية هادفة للقطاعات المهمة مثل السياحة وتكنولوجيا المعلومات والبناء والطاقة. كما ينبغي أن نبحث عن تحفيز واستقطاب صانعي فرص العمل الحقيقية والدائمة والكريمة لبناتنا وأبنائنا الشباب وخصوصا في المحافظات، وأن لا نعتبر المستثمرين والقطاع الخاص أعداء للدولة، وأن نشكل شراكة حقيقية معهم.
•لقد حان الوقت لنكف عن توجيه اللوم الى الأوضاع الإقليمية المضطربة، وأن نقوم بعملنا الذي يجب أن نقوم به، مهما كانت الظروف من حولنا، بأن نبدأ في النظر إلى الداخل لنوفر بيئة ودية للأعمال التي من شأنها خلق فرص العمل، وتنمية الاقتصاد، وبالتالي زيادة الإيرادات الضريبية للحكومة.. وبما يدعم الاقتصاد ويحفزه، لا بما يضعفه ويؤثر على فاعليته وإسهامه في القيام بدوره الاجتماعي.
أكرر الشكر لنادي معان الثقافي الرياضي الاجتماعي ، وللحضور الكريم، وأسأل الله عز وجل أن يديم علينا نعمة الحكم الهاشمي الرشيد، وأن يحفظ الأردن آمنا مطمئنا مزدهرا في ظل قائدنا وسيدنا جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

Related posts

الداود: هنالك من يتعمد الحديث عن انتزاع مواضيع من المناهج الواقع غير صحيح وتحديدا بالمواد المرتبطة بالجهاد

بعد 19 عامًا على تفجيرات فنادق عمان الإرهابية… الأردن أقوى

تركيب 120 طرفا صناعيا لـ 116 فلسطينيا منذ بداية إطلاق مبادرة “استعادة الأمل” منتصف أيلول الماضي