عروبة الإخباري- لم يعد التدخل الروسي العسكري المباشر في سورية فقط، وإنما امتد ليشمل بلاد الرافدين.
فقد أكدت بغداد رسمياً وجود تنسيق عسكري روسي عراقي إيراني سوري، للقضاء على تنظيم “داعش”، ليكتمل بذلك تنسيق الحلف الروسي الإيراني السوري العراقي على مختلف المستويات السياسية والعسكرية.
فيما كان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يتحدث لشبكة “سي بي سي” الإخبارية عن سعيه إلى وضع ما وصفه بـ “إطار منسق مع الشركاء لمحاربة تنظيم داعش”، مضيفاً “اقترحنا التعاون مع دول المنطقة. نحاول وضع نوع من الإطار المنسق”.
وفي ظل تفاوت التأويلات حول التمدّد الروسي نحو العراق والغطاء الأميركي له، بعد التدخل المباشر في سورية، يرى مراقبون أنه يأتي كنوع من المساومة مع الأميركيين على الملف السوري، وبهدف إنقاذ رئيس النظام السوري بشار الأسد.
من جهته، يكشف مصدر حكومي عراقي، فضل عدم نشر اسمه، تفاصيل التنسيق الروسي العراقي الإيراني السوري لقتال “داعش”، مؤكّداً في الوقت نفسه أنّه “تنسيق استخباري فقط، ولا يزال في مراحله الأولى”. ويوضح الوزير في حكومة حيدر العبادي، أنّ “ثلاثة ضباط روس وصلوا لبغداد في الخامس عشر من الشهر الحالي، بالتزامن مع تواجد ضباط من قوات الباسيج الإيرانية وعناصر استخبارات سورية، وباشروا عملية تأسيس غرفة معلومات مشتركة، تقع داخل مقرّ استخبارات وزارة الدفاع العراقية الكائنة في مطار المثنى مقابل حديقة الزوراء”.
ووفقاً للمصدر نفسه، فإنه “بعد يومين أو ثلاثة غادر الضباط الروس، ليصل في 21 من الشهر الحالي عسكريون آخرون، لكن بالزي الرسمي المدني، وعقدوا لقاءات واجتماعات مختلفة مع قيادات عراقية، ليس من بينها رئيس الوزراء وغادروا بعد يومين”.
ويؤكد المصدر أنّ “الروس التقوا قادة مليشيات عراقية”، وأنه “يتواجد حالياً بضعة عسكريين، لكن ليس داخل قاعدة مطار المثنى، بل في أحد الفنادق الواقعة في المنطقة الخضراء”.
ويرى الوزالمصدرأن “الإعلان عن هذا الحلف أو التنسيق جاء مبالغاً به بشكل متعمد من قبل روسيا وإيران”، وأن رئيس الوزراء العبادي لم يكن على علم بالإعلان المفاجئ لقيادة العمليات المشتركة العراقية، كما “لم تتم استشارته بشأن البيان الصادر بهذا الخصوص على الإطلاق، لكنه قد يعلق عليه كي لا يقال إنه فاقد السيطرة”.
ويشير المصدر نفسه إلى أن “التنسيق الاستخباري والدعم الروسي العسكري للعراق بدأ بالفعل منذ نحو عامين بالسلاح والذخيرة”، وأنه “مستمر، والعراق مدين لروسيا بنحو ملياري دولار عن قيمة أسلحة استوردها عن طريق الدفع لأجل متأخر بسبب أزمته المالية، لكن اليوم هناك تنسيق معلوماتي استخباري جديد، بالتزامن مع الجسر الجوي الروسي فوق العراق المتجه لدمشق”.
من جهته، يؤكد مصدر رفيع في قيادة الجيش العراقي وجود خلاف حاد داخل دوائر صنع القرار العراقية بسبب هذا التحالف، مشيراً إلى أن” العبادي كان أقل من أن يرفضه”.
وكانت قيادة العمليات المشتركة بالعراق، والتي تضم الجيش العراقي والشرطة، فضلاً عما يعرف بمليشيات “الحشد الشعبي”، قد أعلنت في بيان رسمي عن وجود تعاون أمني واستخباري مع روسيا وإيران وسورية في العاصمة بغداد للقضاء على تنظيم “داعش”. وقال البيان إنّ “العراق شكل خلال الأشهر الماضية لجاناً عدة، للتعاون في المجالين الأمني والاستخباري مع دول أعربت عن استعدادها للتعاون مع العراق في محاربة الإرهاب، وتخشى من تمدّد عصابات (داعش) الإرهابية”.
وأضافت قيادة العمليات، أن “هذا التعاون يكون أحياناً مع دول منفردة، ومع دول مجتمعة أحياناً أخرى، فهناك تعاون أمني استخباري عسكري مع التحالف الدولي، والذي يضم 60 دولة تقف مع العراق في محاربة (داعش)”، مبينةً أن “هناك تعاوناً أمنياً واستخبارياً مع دول منفردة، منها تركيا ومصر وألمانيا وفرنسا، وهي مهتمة بالتعاون مع العراق استخبارياً وأمنياً في مواجهة (داعش) وتهديده لهذه الدول ولكل المنطقة”. وتابعت قيادة العمليات أنه “تم الاتفاق على تعاون استخباري وأمني في بغداد مع كل من روسيا وإيران وسورية، للمساعدة والمشاركة في جمع المعلومات عن تنظيم (داعش)”.
وأثار هذا الإعلان حفيظة قوى سنية وكردية عراقية، فضلاً عن قوى مدنية مستقلة كالحزب الشيوعي والتيار المدني والكتلة المسيحية بالبرلمان، معتبرين أنه تحالف طائفي واضح يؤجج للمزيد من العنف في البلاد والمنطقة.
ويرى عضو التيار المدني العراقي، عبد اللطيف العبيدي، أن “هذا التحالف لا يمكن القبول به. ونرى أن دول التحالف الأربع هي بالأساس من خلقت (داعش)؛ روسيا وسورية والعراق وإيران من خلال دعم (الرئيس السوري) بشار الأسد وجرائمه، ودعم (رئيس الحكومة العراقية السابق نوري) المالكي وجرائمه في سورية والعراق”. وأضاف أنّ “التحالف يلهب الساحة الطائفية بالعراق”.
ووفقاً للقيادي في اتحاد القوى العراقية، أحمد السلماني، فإن التحالف غير مؤثر. وقال السلماني، في تصريح لوكالة أخبار محلية تبث من بغداد، “إننا مع جميع الجهود التي تبذل في محاربة داعش، بشرط أن تكون هذه الجهود حقيقية”، مضيفاً “لا أظن أن هذا التحالف الجديد سيكون أكثر تأثيراً من التحالف الدولي”.
أما عضو البرلمان عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، شاخوان عبد الله، فيرى أن الاتفاق الرباعي يصب لمصلحة بعض الجهات السياسية المعروفة بالبلاد. وأضاف في بيان أن “الاتفاق الرباعي العراقي السوري الإيراني الروسي يصب لمصلحة المكون الشيعي في العراق”.
بدوره، يعتبر الخبير بالشؤون العراقية، ماجد حسين الأسدي، أن “الحركة الروسية في بغداد مجرد مناورة ولعب، للضغط على واشنطن من أجل الملف السوري؛ كونها تعلم أن واشنطن لن تترك العراق وتتخلى عنه لصالح روسيا، بعد التضحيات البشرية والمادية التي قدمتها بهذا البلد منذ العام 2003″، على حد قوله.
ويرى الأسدي أنه “قد يكون الأمر من باب (هذا لي وهذا لك)، بحيث تكون سورية من حصة روسية، والعراق من حصة الولايات المتحدة. ونحن نتحدث عن روسيا هنا بمعنى أن إيران معها”.