عروبة الإخباري – جدّد الرئيس السوري بشار الأسد انتقاده للأردن ضمن مسلسل الانتقادات التي يوجهها النظام السوري للمملكة بين الحين والآخر.
وقال في رده على سؤال وجهته فضائية المنار التي اجرت حواراً معه مساء الثلاثاء حول ما اعتبرته حديث الاردن عن إقامة منطقة عازلة، “عندما تتحدث دولة أو مسؤول ما، علينا أن نسأل ما مدى استقلالية هذا المسؤول لكي يعبر عن رأيه”.
ولفت الى انه “حتى الآن معظم الدول العربية تسير بحسب المقود الأميركي، وليس لديها أي دور”.
وحول دور عمان في تقريب وجهات النظر والاجتماعات التي تحصل هناك من وقت الى آخر قال الرئيس السوري “اللقاءات في عمّان تهدف الى استطلاع التصوّر السوري لكيفيّة الحل وهم يستطلعون الأجواء الإقليميّة والدولية من أجل الوصول الى شيء محدد وسنرى الى أين ستذهب الامور”.
واكد في حديثه عن مصر “اننا نحرص على العلاقة مع مصر، حتى خلال وجود الرئيس المخلوع محمد مرسي وكل إساءاته لسوريا لم نحاول أن نسيء لمصر، والتواصل بين البلدين لم ينقطع”، لافتا الى “اننا نريد من مصر أن تلعب دور الدولة الهامة الفاعلة الشقيقة التي تساعد بقية الدول العربية انطلاقاً من تاريخها العريق”.
واكد ان “سوريا في نفس الخندق مع الجيش المصري والشعب المصري في مواجهة الإرهابيين الذين يبدلون مسمّياتهم كما تبدل مسمّيات أي منتج فاسد”.
وقال أنّه لو لم يكن هناك أمل بالنصر لدى الشعب لما صمدت سوريا 4 سنوات ونصف، و”هذا الأمر هو الذي شكّل الحافز لمواجهة الارهابيين والمخطط الذي وضع لضرب سوريا”.
وقال الرئيس السوري “لو لم يكن هناك دعم شعبي لما تمكنا من الصمود وإن لم يكن لديك دعم شعبي فلا قيمة لأي توجه سياسي أو وطني لتتبناه”، مشددا على أن الاعتماد الاوّل هو على الشعب السوري ومن ثمّ على أصدقاء سوريا في المنطقة والعالم.
وحول الحديث عن أنّ الأزمة السورية وصلت الى الربع ساعة الأخير، قال الرئيس السوري “لا يمكنني القول أننا وصلنا الى الربع ساعة الأخيرة حتى يتوقف أساس المشكلة في سوريا التي تبدوا معقدة وفيها تفاصيل كثيرة، فعندما نصل الى المرحلة التي تتوقف فيها الدول المنغمسة بالتآمر على سوريا وسفك دم الشعب السوري من تقديم المال والسلاح للارهابيين نستطيع القول أننا وصلنا الى الربع ساعة الاخيرة”، مشددا على انه عندما يتوقف الدعم الخارجي للإرهاب تصبح مكافحة الارهابيين أسهل، معتبراً أنه في الجو العام هناك تحوّل ولكن هذا التحوّل شيء والوصول الى نهاية الأزمة شيء مختلف.
واعتبر الرئيس السوري ان المسار السياسي لكي يكون له تأثير لا بدّ أن يكون بين قوى سياسية سوريّة مستقلة وتنتمي للشعب السوري و”ليس كما نراه الآن في كثير من القوى المرتبطة بالخارج مالياً وسياسياً”.
واعتبر أنّ الحوار السياسي والمسار السياسي ضروري لحل الازمة ولتطوير سوريا و”لكن حتى الآن لم تتكون العوامل الضرورية لكي نصل بهذا الحوار الى نتائج نهائية خاصة مع استمرار دعم الارهاب”.
وعن الاعتداءات الاسرائيلية على السيادة السورية قال الأسد “الآداة الاسرائيلية الحقيقيّة الاهم من العدوان الاسرائيلي هم الارهابيون وما يقومون به اخطر بكثير مما تقوم به اسرائيل من وقت لآخر من اجل دعمهم”، وأضاف “اذا ارادنا مواجهة اسرائيل علينا مواجه أدواتها داخل سوريا ولا بد من حسم هذا الموضوع داخل سوريا وبعدها لن يتجرأ أحد على سوريا لا اسرائيل ولا غيرها”.
وقال الرئيس السوري أنه من الصعب أن يأتي شخص أو مبعوث الى روسيا بمواقفة الولايات المتحدة والغرب ويكون حيادي. وتابع ان ” العلاقة مع المبعوثين الدوليين ومنهم ديمستورا هي علاقة آليات وإن لم يطرحوا طرح يناسب مصالحنا الوطنية لن نسير معهم ولن ندعمهم”.
الرئيس السوري أكّد على ان الولايات المتحدة عبر تاريخها تراوغ بتصريحاتها وأصبح هذا الشيء سمة واضحة في السياسة الامريكية، معتبرا ان السياسة الروسية هي سياسة مبدئية وثابتة مع التأكيد على أنّ روسيا لا تدعم شخص أو رئيس وإنما مبادئ محددة منها سيادة الدولة وقرار الشعب. وقال ” نثق بالروس ثقة كبيرة وأثبتوا أنهم صادقين وموسكو لديها علاقات قويّة مع دمشق”.
وعن الحوار قال “لن يكون هناك اتفاق على شيء الا اذا جلسنا كسوريين مع بعضنا البعض وروسيا لن تفرض أي شيء”، وقال ان “اللقاءات التي تحصل في روسيا يمكن أن تحضِّر إمّا الى جنيف 3 أو موسكو 3 وهذا أيضا يعتمد على الأجواء الدولية”.
وحول ضوابط ومحددات الموقف السوري من أي مبادرة يمكن أن تطرح بصرف النظر عن الجهات التي تطرحها قال الرئيس الاسد، ” أولاً.. سيادة سورية ووحدة الأراضي السورية .. قرار الشعب السوري بمعنى أنه لن يكون هناك إملاءات من أي جهة ويجب أن يكون القرار بالنهاية قراراً وطنياً صافياً .. عملياً، يجب أن تكون هناك قاعدة لأي مبادرة .. تبدأ وتستند وترتكز على مكافحة الإرهاب .. أي مبادرة ليس فيها بند مكافحة الإرهاب كأولوية ليست لها قيمة .. كيف نضعها في جدول زمني .. هذا موضوع آخر. هذه تفاصيل .. ولكن هذه هي الأسس والضوابط والمحددات في أي مبادرة”.
وبشأن وجود مبادرات تطرح أمورا على شاكلة إعادة كتابة الدستور أو إجراء انتخابات تحت إشراف دولي، هل تعتبر تدخلا في الشؤون السورية قال الرئيس الأسد، “طالما أنها قرار سوري ونتيجة حوار واتفاق وطني لا توجد فيها مشكلة، أما انتخابات بإشراف دولي فلا، هذا تدخل بالسيادة السورية. من هي الجهة الدولية المخولة أن تعطينا شهادة حسن سلوك “بهذا المعنى” لا نقبل بهذا الشيء”.
وقال الرئيس السوري “في الانتخابات الرئاسية السابقة اتفقنا مع عدد من الدول على إرسال مراقبين بصفة تعاون في مجال الانتخابات وليس بصفة الرقابة وبالمحصلة تحديد إن كنا نجري انتخابات شفافة أم ديمقراطية أم غير ذلك فنحن سنتعاون مع الأصدقاء من أجل تأكيد وتقوية موقفهم، بأن ما يحصل في سورية هو عملية سياسية صحيحة بامتياز وديمقراطية وهي تعبر عن الشعب السوري لا أكثر ولا أقل، أما أن نأتي بمنظمات دولية، المنظمات الدولية بحاجة إلى شهادات حسن سلوك بأنها حيادية أولاً وهي ليست بموقع أن تعطينا شهادات”.
وردا على سؤال حول العلاقة بين الأزمة في سورية وتوقيع الاتفاق النووي الإيراني وفيما إذا كانت سورية ضحية أو مانحة مكسباً قال الرئيس السوري، “أن تكون سورية ضحية بكل تأكيد لا لسبب بسيط وهو أنها لم تكن جزءاً من المفاوضات النووية. القوى الغربية حاولت بشكل أو بكل الأشكال وبكل السبل والوسائل أن تقنع إيران أن يكون الملف السوري جزءاً من الملف النووي وبالتالي الهدف طبعاً هو أن تتنازل إيران عن أشياء لها علاقة بدعم سورية مقابل أن تحصل على أشياء تريدها في الملف النووي. الموقف الإيراني كان حاسماً حول هذه النقطة ورفض بالمطلق أن يكون هناك أي ملف يدمج أو يكون جزءاً من ملف المفاوضات النووية وطبعاً هذا القرار قرار صحيح وموضوعي وذكي”.
وأضاف الرئيس الأسد “لذلك إذا أردنا أن نأتي للنقطة الثانية، هل كانت سورية قربانا، بكل تأكيد لا، وعندما يكون حلفاؤك أقوياء فهذا يزيد من قوتك وعندما يضعفون فأنت تضعف، هذه معادلة بديهية. ولكن أيضاً هذا العامل لوحده أن يطرح بأن صمود سورية هو الذي أدى إلى الاتفاق النووي فيه نوع من التبسيط فهذا جزء من سياق طويل ومسار طويل للشعب الإيراني بدأه عندما بدأ يفكر في الموضوع النووي ويعمل من أجله، ولكن بالمرحلة الأهم طبعاً بعد الثورة عندما انطلقت إيران علمياً في هذا المجال، والمرحلة الأهم أيضاً كانت عندما صمدت إيران في وجه الضغوط منذ حوالي اثني عشر عاماً عندما بدأ تداول هذا الملف على الساحة الدولية وصولاً إلى تمسكها بثوابتها خلال المفاوضات على مدى العامين الماضيين.
وردا على سؤال حول أن العالم مقبل على شكل جديد من التكتلات وسورية ربما تكون أقرب إلى تكتل مع إيران منها إلى أي تكتل يمكن أن يحدث قال الرئيس الأسد: تحالفنا مع إيران عمره الآن ثلاثة عقود ونصف، فما هو الجديد عندما نكون مع إيران نحن في الأساس علاقتنا قوية ونحن حلفاء، نحن مع إيران وإيران مع سورية في مفاصل مختلفة.
عندما كانت الحرب الظالمة على إيران كنا معها واليوم في الحرب الظالمة على سورية إيران معنا، فما الذي يختلف في أي تحالف جديد بالنسبة لهذه النقطة لا يوجد أي شيء جديد أما عن التحالفات الإقليمية والدولية فهذا موضوع آخر.
وحول الاختلاف بين صاحب الانتصار وبين من يدير المشكلات السياسية العادية عند خروج سورية منتصرة بدعم يوجد لإيران دور مميز فيه قال الرئيس الأسد، “ربما الذي يختلف هو تأثير هذا التحالف على الساحة الدولية بمعنى أن اليوم إيران في ساحة دولية جديدة، الأفق أوسع بالنسبة لإيران لكي تمارس دوراً على الساحة الدولية، لم يكن هذا الأفق موجوداً منذ بضع سنوات. قوة إيران ستنعكس قوة لسورية وانتصار سورية سينعكس انتصاراً لإيران ولكن مبادئ التحالف هي نفسها لذلك أقول، المسألة ليست أن نقترب أكثر فنحن أساساً مقتربون ولدينا وجهات نظر متشابهة ولدينا مبادئ واحدة ندعم نفس القوى، نحن محور واحد هو محور المقاومة، فهذه المبادئ الأساسية لا تتغير ربما تتغير بعض التكتيكات ربما تتغير بعض النتائج على الأرض، هذا ما أقصده.
وقال الرئيس الأسد ردا على سؤال بشأن شعور المواطن السوري بقدر من الخذلان وعدم ارتياحه للحالة العروبية والقومية وعن عذره له، أن أعذره لا يعني أن نسير كلنا بهذا الاتجاه، نعذره لأن الظروف دفعت بالمواطن للكفر بالعروبة وهذه حقيقة معظم المواطنين، ودفعتهم لعدم التفريق بين العروبة الحقيقية الأصيلة وبين بعض العربان الذين يتلطون خلف العروبة ولكنهم في الحقيقة بقلبهم وعقلهم وبكل مشاعرهم ومصالحهم في مكان آخر خارج هذه المنطقة كلياً، كما حصل في الماضي وربما في كثير من المناطق ولكن أقل من قبل، الخلط بين مستخدمي الإسلام كالإخوان المسلمين وغيرهم من التنظيمات المتطرفة والإرهابية والإسلام الحقيقي كان هناك خلط، كانوا يعتقدون أن كل من يستخدم كلمة إسلام أو مسلم هو مسلم حقيقي.. هذا الخلط يحصل بشكل مستمر.
وأضاف الرئيس الأسد أنا أريد أن أقول لكل واحد يشك أو يخلط بين الموضوعين أن العروبة هي هوية لا نستطيع أن نستغني عنها، أنت تنتمي لعائلة ربما يخطئ معك شخص أو أكثر من هذه العائلة لكن لو غيرت كنيتك فأنت ستبقى تنتمي إلى هذه العائلة بتربيتك وهويتك وبطباعك، بكل شيء فيك فأنت لا تستطيع أن تخرج من الهوية، الهوية العربية ليست خياراً، أن تنتمي لدين معين ولقومية معينة هو هويتك، فعندما نصل لهذه المرحلة فهذا ما يريده الأعداء نتنكر للهوية.
جوهر القضية الآن والحروب التي تحصل ليست إسقاط أنظمة، هي مرحلة وليس ضرب الدول وتخريب الاقتصاد كل هذه وسائل.
الهدف النهائي هو ضرب الهوية فعندما نصل إلى هذه المرحلة من الكفر بشكل مسبق فنحن نعطي الأعداء هدية مجانية من دون الحاجة لاحقاً لأي تدخل عسكري أو عبر الإرهابيين، هذه هي الرسالة.
وقال الرئيس الأسد في رده على سؤال عن تأثير الحراك السياسي في العراق على حجم التنسيق بين سورية والعراق اللذين يواجهان نفس الخطر، إن التنسيق مع العراق لم يتأثر سلباً، هناك وعي كبير في العراق لوحدة المعركة لأن العدو واحد والنتائج واحدة، أي بمعنى ما سيحصل في العراق سينعكس على سورية والوضع في سورية سينعكس على العراق. فعندما نوحد المعركة كما يحصل الآن بيننا وبين حزب الله في لبنان – الساحة واحدة – وعندما نوحد البندقية سوف نصل إلى النتائج الأفضل بزمن أقصر وبثمن أقل.
وبشأن الفارق بين وجود حزب الله على الأرض السورية وبين أن يكون لدى الطرف الآخر مسلحون من جنسيات غير سورية قال الرئيس الأسد، الفارق هو الشرعية على اعتبار ان من دعا حزب الله إلى سورية أتى بالاتفاق مع الدولة السورية، والدولة السورية هي دولة شرعية وبالتالي هي تمثل الشعب السوري. هي دولة منتخبة ولديها دعم غالبيّة الشعب السوري، فمن حقها أن تدعو قوى للدفاع عن الشعب السوري بينما القوى الأخرى إرهابية أتت من أجل قتل الشعب السوري وأتت من دون إرادة الشعب ومن دون إرادة الدولة التي تمثل هذا الشعب.
ورداً على سؤال حول العلاقة الشخصيّة بين الرئيس الأسد وسماحة السيد حسن نصر الله قال الرئيس الأسد، بالنسبة للعلاقة لا أستطيع أن أتحدث عن جانبي، أستطيع أن أتحدث عن الجانب الآخر عن سماحة السيد، لأنها علاقة وثيقة عمرها الآن أكثر من عشرين عاماً ولكن أعتقد بأن أي شخص تابع هذه العلاقة وتحديداً سماحة السيد لاحظ أن العلاقة تتسم بالصدق وبالشفافية، لأنه هو شخص صادق بشكل مطلق شفاف بشكل كامل، مبدئي إلى أقصى حدود المبدئية وفيٌّ لأقصى حدود الوفاء لمبادئه وللأشخاص الذين يعمل معهم، لأصدقائه ولكل من يلتزم معه بغض النظر عن موقع هذا الشخص أو تلك الجهة. العلاقة علاقة دولة مقاومة مع شخص مقاوم حقيقي قدم إبنه شهيداً دفاعاً عن لبنان، عن الوطن، هذا هو الجانب الآخر من العلاقة، كيف ينظر للعلاقة يعني أنه لا بد من شخص ثالث ينظر إلى هذه العلاقة ويتحدث عنها.
ورأى الرئيس السوري ان التصّعيد الإعلامي للسعودية ليس له وزن، ما يهم هو الممارسات الفعلية، “إذا كانت السعوديّة بالأساس تدعم الإرهاب فما قيمة التصعيد أو غيابه، لافتا الى ان التشدد والتساهل هو مظهر من مظاهر الموقف الأميركي، ولا يُبنى عليه بالنسبة لنا، موضحا ان ما يقوم به الأميركي اليوم بالمختصر لا يسمح للإرهاب ربما بالانتصار ولكن لا يسمح له بالضعف بدرجة أن يكون هناك استقرار”.
واشار الى ان الأميركي يترك الأمور تسير باتجاه الفوضى وإضعاف الدول، ليس فقط سوريا وحتى حلفائه ومنها تركيا ريثما يكون هناك واقع جديد يخدم مصالحه.