جمعتني ظروف السفر بشخصية عربية في قاعة المسافرين بمطار جدة، كان متجها إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكانت وجهتي نحو الدوحة.. تعارفنا وقال: إنه من المتابعين لمحطة الجزيرة باللغتين العربية والإنجليزية، وشاهدني مرات عديدة على شاشتها، وأنني غبت عنها أو غيبت طويلا، وكذلك شاهدني على محطات أجنبية ناطقة باللغة العربية، وقال إنه يتابع ما أكتب، وقال عني قولا كريما لست في حاجة إلى ذكره رغم أنه قول إيجابي.
(2 )
سألني سؤال أربكني: أين قطر اليوم مما يجري على الساحة العربية.. في سوريا والعراق واليمن ولبنان وليبيا؟ لماذا اختفت عن الساحة وبرزت مكانها دولة الإمارات العربية المتحدة وغيرها من الدول الخليجية، لم نعد نسمع عن دورها في اليمن، إلا عن دور الإغاثة ومعونات معيشية، وليس دوراً سياسياً أو عسكرياً؟
قلت لمحدثي أنا لست موظفاً في أي جهاز من أجهزة الدولة التنفيذية، ولكني كمراقب ومتابع لما يجري على الساحة العربية، اليوم، أستطيع أن أدلي برأيي فيما سألتني عنه. قلت: قطر متواجدة على كل الساحات التي ذكرت، وهناك تنسيق وتعاون منقطع النظير بين القيادة في المملكة العربية السعودية والقيادة السياسية القطرية، ولكون قيادة عاصفة الحزم في اليمن بيد المملكة العربية السعودية فإن الأمر سلم لها. تقوم تلك القيادة بتوزيع القوات وتحديد المهام بين القوات العربية المشاركة في قوات عاصفة الحزم. وأذكّر الكل بمعركة عاصفة الصحراء عام 1991 شارك فيها 33 دولة، وكانت القيادة والتوجيه بيد القيادة الأمريكية (الجنرال شوارزسكوف) على الرغم من أن قوات بريطانية وفرنسية وألمانية وإيطالية وعربية كانت هناك، لكن لم يظهر إلا القادة الأمريكان. ولا يقلل هذا الموقف من قوات عاصفة الحزم، ولا من دور بقية القوات الأخرى المشارك في المعركة.
وبشأن دور القوات الإماراتي، أعتقد أن ذلك تم حسب خطة القياد المشتركة، وتم توزيع المهام بين القوات المتعددة، وقد أدى جيش دولة الإمارات العربية المتحدة دورا في عدن، تجدر الإشادة به، وفي تقديري أيضا أنه لو كلفت الوحدات العسكرية القطرية المشاركة ضمن قوات التحالف العربي بأي مهام فإنها ستنجزها حسب الخطة الموضوعة من قبل القيادة العامة للمجهود العسكري.
ما تقوم به دولة قطر من معونات إنسانية ، تقوم به جمعيات خيرية وحكومية، ودور الدولة أكبر وأهم من تقديم المعونات الإنسانية، ولكن يجب أن لا نقلل من ذلك الأداء، فيد تحارب، وأخرى تضمد جراحا، وثالثة تبني وهكذا والجميع في المعركة.
أريد تأكيد أن مجموعة من دول مجلس التعاون أعطت تفويضا للقيادة السعودية في إدارة الأزمات الراهنة في الوطن العربي، بالتشاور والتنسيق فيما بين تلك القيادات العليا, واتفقوا على جميع السيناريوهات لإدارة الأزمات ، وأعتقد أن ذلك أمر مطلوب.
لم يفوت صاحبي ما قلت دون تعليق. قال: كلامك يحتاج إلى إعادة النظر فيه. ليست دولة الإمارات العربية المتحدة على وفاق مع مجموعة دول مجلس التعاون في القضايا السورية والإيرانية والليبية. وفي اليمن، انفردت الإمارات باتخاذ قراراتها مستقلة عن القيادة المشتركة، وهذا ما يقول به اليمنيون.
قلت: شاركت القوات الجوية السعودية والخليجية في تحرير عدن ومحافظات أخرى، وما أعلمه أن القيادة في عدن مشتركة بين الأطراف المعنية، ولا تنكر القيادة السياسية في أبوظبي ذلك.
قال صاحبي إنه ليس مقتنعا بما قلت، وأكد احترامه لرأيي، ولو أنه لا يتفق مع رأيه في غياب قطر عن الساحة.
( 3 )
سألني ما هو رأيي فيما جرى ويجري في الكويت.. قلت ما جرى في 26 يونيوالماضي، جريمة كبرى، ارتكبت في مكان عبادة ضد مصلين لله قانتين، ليس فيهم حامل سلاح، ولا يهمني من ارتكب تلك الجريمة، سني أو شيعي, يهمني أن الوطن الكويتي تعرض لعمل إرهابي شنيع، لا تكفي إدانته، بل لا بد من الثأر من كل من فعل ذلك الجرم.
وفي 13 أغسطس الجاري تعرض الوطن الكويتي لعمل لا يقل خطورة عن تلك الجريمة آنفة الذكر، لكن المخطط والمنظم والممول قوى خارجية، بالتعاون مع قوى محلية، ذكرت وسائل الإعلام الكويتية أن وراء تلك الجريمة الإرهابية حزب الله اللبناني وإيران.. والأخطر أن المصادر الكويتية ذكرت أن هناك شخصيات كويتية ذات مكانة مرموقة متورطة في الجريمة. لكن، هالني موقف القيادة السياسية في الكويت التي طلبت من حركة 14 آذار اللبنانية عدم التصعيد ضد الأطراف اللبنانية المتورطة في تلك الجريمة النكراء. والسبب رغبة القيادة الكويتية في عدم إثارة الموضوع لبنانيا، كي لا يؤثر على المصالح الكويتية في لبنان. يا للهول!! هل المصالح الفردية، أو الجماعية أهم وأغلى وأثمن من الوطن؟ كنت أقدر أن الإدارة الكويتية ستطلب من مواطنيها الانسحاب من لبنان، وعدم السفر إليه، حتى يتم التحقيق، ثم لكل حادث حديث.
دبلوماسية الاسترضاء التي اتبعت سواء لحزب متهم أو لدولة متهمة بالتورط في العبث بأمن الوطن الكويتي، لكيلا تتضرر مصالح كويتيون، موقف يشجع أطرافا أخرى على أن تتجرأ على القيام بأفعال وأعمال في الكويت أو غيرها من دول مجلس التعاون، وتلحقها بأعمال إرهابية فردية ولو خارج الحدود، مهددة بأنه إذا ألقي القبض على أحد من تلك العصابات الإجرامية، فإن الويل والثبور سيحلان بتلك الدولة أو هذه.
كما أن التبرير الذي صدر عن الأسلحة المكتشفة غير منطقي، أنه تبرير الخائف… تقول تلك التبريرات، إن السلاح الذي تم العثور عليه، لم يكن الوطن الكويتي مستهدفا به، وإنما دولة مجاورة، وتبرير آخر قيل إن هذه الأسلحة كانت نتيجة للغزو العراقي للكويت، وبقيت مخزنة ولم تكتشف إلا الآن، علما بأن المعلومات تؤكد باتت تلك الأسلحة حديثة جدا ومتطورة.
جاء موعد إقلاع طائرة صاحبي ولم يكتمل الحديث.
آخر القول: واجب دول مجلس التعاون الخليجي اليوم، أن يبينوا بكل وضوح وبلا تورية أو تبرير، جميع الأعمال الإرهابية، ومن القائمون بها، ومن المنظم والممول، ولو كانوا من بين صفوف الأسر الحاكمة.