سميح المعايطة/الملك لا يحتاج الى مخرج لإقالة الحكومة

في زحمة الأفكار والمبادرات والحرص على إظهار النوايا الحسنة تجاه الإصلاح يجب أن لا ننسى الدستور ومرجعيته في إدارة أمور الدولة، وهي مرجعية ملزمة للجميع، دون أن نعطي لأي أمر آخر مرجعيه ليست له.

جلاله الملك قدم مبادرة حسن نوايا تجاه عمليه الإصلاح في بداية عمل مجلس النواب الحالي عندما فتح الباب أمام فكره المشاورات لاختيار شخص رئيس الحكومة، وهي مبادرة إصلاحية تؤكد حرص الملك على بناء موسسات الحكومات البرلمانية.

وفي خطاب العرش تحدث جلالة الملك عن بقاء أي حكومة ما بقيت تحظى بثقة مجلس النواب، وبقاء مجلس النواب ما بقي يخطى بثقة الناس ورضاهم، وهي توجهات متقدمة وبعضها جزء من الدستور مثل بقاء الحكومة ما بقيت تحظى بثقه النواب، وكل هذا جاء حرصاً من الملك على أن يعطي قوة دفع لعملية الإصلاح، لكن هذه التوجهات الإيجابية لا تعني أن الدستور فقد مكانته المرجعية في توزيع الصلاحيات على سلطات الدولة، فالدستور هو المرجع، وهو الذي تتم من خلاله عملية بناء المؤسسات.

أي حكومة لا ترحل الا اذا فقدت ثقة مجلس النواب، لكن هذا مبتدأ يحتاج الى خبر، وأيضاً ترحل إذا قرر الملك اقالتها وتشكيل حكومة جديدة، وعملية تشكيل أي حكومة بموجب الدستور صلاحية الملك ومن حق مجلس النواب منحها الثقة او حجبها، أما المشاورات لاختيار شخص الرئيس فهي عملية سياسية ليست ملزمة للملك وليست جزء من الدستور، ولم تستقر حتى كعرف سياسي، تماما مثلما هو رحيل أي حكومه يمكن ان يتم بحجب مجلس النواب الثقه وايضاً نص الدستور على حق الملك في اقاله اي حكومه اذا رأى ذلك .

حديث رئيس النواب قبل أيام عن عملية المشاورات التي سبقت تشكيل هذه الحكومة ووصفها بأنها لم تكن ايجابية، وجهة نظر محترمه ويشارك بها معظم المتابعين الذين لم يقتنعوا بأنها كانت تجربة تعزز الإصلاح بل عمليه شكلية، لكن البعض رأى فيها مخرجا للملك فيما إذا قرر تشكيل حكومة جديدة بأن لا يعود لذات الطريقة ، أو مخرجا لترحيل الحكومة دون الحاجة لحجب الثقة من المجلس، وهي تفسيرات سياسية، لكنها تتجاوز حقيقة هامة وهي أن جلاله الملك لا يحتاج الى مخرج يمثله تصريح صحفي، لان الدستور الذي يمثل المرجعية لنا جميعا يعطي للملك كل الصلاحية بترحيل اي حكومة وان يشكل اي حكومة دون الحاجة الى مشاورات ولا لحجب النواب ثقتهم عن الحكومة، والدستور يعطي للملك الحق بحل مجلس النواب اذا ماراى مصلحة للدولة، فالملك يعمل وفق صلاحيات دستورية، وأي شبه أعراف او مبادرات حسن نوايا للتمثل بديلا عن الدستور .

الحكاية ليست بقاء هذه الحكومة او رحيلها ، فالملك يعلم جيدا رأي الناس بها ، ويعلم ايضا أولويات الدولة والمرحلة ، لكن الحكاية ان علينا ان لاننسى الدستور ، وان لاننسى ان الملك ليس بحاجة الى مخرج لان الدستور هو المخرج المرجعي ومانح الصلاحيات لكل السلطات

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري