لم يكن باراك اوباما ليقول إن موسكو وطهران أصبحتا تشعران بأن الرياح لم تعد تجري لمصلحة بشار الاسد، لو لم تكن الوقائع الميدانية الأخيرة قد وضعت مناطق الساحل في مرمى نيران المعارضة، وكذلك لو لم تكن التحركات السياسية الناشطة وخصوصاً على المستوى الروسي، قد أعادت التركيز على مسألة محورية طالما أعاقت التوصل الى تسوية سياسية تنهي الأزمة السورية، اي الإتفاق على عملية الإنتقال السياسي!
وهكذا لا يغالي بعض المحللين في القول إن الزخم الروسي المتصاعد في تحريك الأمور لإحياء التسوية السلمية، بعدما سقطت كل رهاناتها ورهانات الاسد على الحل العسكري، عاد الى ما كان قد وصل إليه قبل أشهر عندما نشط السؤال وراء الكواليس:
من يقبل باستضافة بشار الاسد وحاشيته وتحت أي شروط؟
حتى الروس في بداية العام الماضي لم تكن لديهم الحماسة او القابلية لمنح الاسد اللجوء، خوفاً من ان يؤّثر هذا على مصالحهم مع الدولة السورية الجديدة بعد إنتهاء حكمه . لكن الحمّى الديبلوماسية الروسية المتصاعدة منذ أشهر توحي ان موسكو تتولى البحث عن صيغة مقبولة للحل تستند الى عملية مبرمجة للإنتقال السياسي تخرج الاسد من السلطة بعد تشكيل حكومة لفترة انتقالية تجري انتخابات تؤسس لقيام سلطة جديدة .
الحمى الديبلوماسية الروسية برزت في اللقاء الثلاثي الذي جمع سيرغي لافروف وجون كيري وعادل الجبير في الدوحة، وكذلك في المحادثات الثلاثية بين وليد المعلم وميخائيل بوغدانوف وحسين أمير عيد اللهيان التي جرت في طهران عقب محادثات الدوحة، وايضاً في إستدعاء فلاديمير بوتين وليد المعلم على عجل قبل اسابيع، للبحث في مواجهة تنظيم “داعش” وحل الازمة السورية .
كل هذا يؤكد ان الاميركيين الذين يعتمدون على الروس في إيجاد مخرج يمكن ان يحيي التسوية السياسية بالعودة الى عقد مؤتمر “جنيف – 3 “، باتوا يعرفون جيداً الآن ان لافروف ومعاونيه يعملون على صيغة تحيي “جنيف – 1 ” شرط وضع برنامج تطبيقي لعملية الانتقال السياسي التي تصر عليها المعارضات السورية سواء في الائتلاف او الذين اجتمعوا في القاهرة قبل أسابيع.
وهكذا عندما ينتقل بوغدانوف من طهرن الى القاهرة للقاء أحمد الجربا، وعندما يقرر الإئتلاف الوطني إرسال وفد برئاسة خالد خوجة الى موسكو التي كان قد رفض دعوتها لحضور مؤتمر “موسكو – 1″، وكذلك عندما يصادف هناك وجود وفد من لجنة المتابعة للمعارضة السورية في إجتماع القاهرة، يصبح من الواضح تماماً ان هناك صيغة لترجمة عملية الانتقال السياسي، تحاول موسكو تسويقها. وهو ما يطرح السؤال:
هل ان طهران بعيدة منها، وهل كان اوباما ليقول ان الريح ليست لمصلحة الأسد؟