عروبة الإخباري – يكفي أن يكون أدونيس.. ليكون الجدل والفكر.. وتخرج الكلمات من غُرفها السرية.
هكذا جاء المفكر والشاعر يحمل بيد «باقة ورد» وباليد الأخرى «فأسا» يهدم «العادي» و»السائد» و»التقليدي».
ألقى في البداية ثلاث قصائد فأشعل «حرائق» اللغة.. وأمسك بـ «قرون/ الوقت» وأعلن ان «لا أحد يفلت من غُباره».
أدونيس الذي قدمه شاعر جميل جريس سماوي بدا هادئا وعميقا وزلزل «أرض/ اللغة» و «أقام في سمائها مسكنه الخاص».
أدونيس «اتهم» (قيس) ودافع عنه.. وطالبه بـ «رفض العصر».
واختتم قصائده باعلان خطير «مات الكوفيون» ومات البصريون وفي أنفسهم شيء من حتى».
كان جمهور الفحيص «يُصغي اليه» وكان الشاعر الكبير «يتلصص على عقولهم».
باغتهم بارائه الصارمة.. صفقوا له واتفقوا كما اختلفوا.
قالها أدونيس «صراحة»: لا نُريد الخلود.. «نُريد الحياة».
كما طالب أدونيس العرب باعادة قراءة التاريخ و «غربلته» وتمزيق الكثير من «صفحاته».
كان كالعادة يحمل «معولا» وأخذ يهدم «أصنام» الكلام.. صنما.. صنما.
اكد أدونيس ان «تاريخنا العربي قام ولقرون مضت على أيدلوجيا» ولهذا طالب بـ «نسيانه» بل أنه «أدونيس» عد التاريخ العربي بأنه قائم على «الكذب الايدلوجي» وعلى «امتداح السلطة» ولم يتناول التاريخ «الايدي الخلاقة والمبدعة».
وتساءل: دلوني على شاعر عربي كبير كان متدنيا بمعنى الاسلام الرسمي.
واشاد أدونيس بفكر «المتصوفين» و»الصوفية» بصفتها تحمل «رؤى» مختلفة.
قال أدونيس: «كان الانسان العربي يرث هويته كما يرت بيته» بينما الصوفية ترى ان «الهوية يبتكرها الانسان».
واكد ان فكرة «التسامح» التي يتحدث عنها كثير من العرب والمسلمين هي فكرة تحمل «التعالي» المطلوب «المساواة» مع الآخر.
أشاد أدونيس بالشاعر العربي «أبو نواس» المجدد في اللغة.. وقال: انه كان يحمل لغة جديدة.
وقال أدونيس: الحداثة ليست أبراجا وسيارات بل «نقلة في الفكر والنظر الى العالم».
وعد ان «عصر النهضة» هو «عصر ارتداد» ونحن «عائمون في الفضاء».. وصفعنا بقوله: «نحن لا مستقبل لنا.. لأننا بلا ماض وبلا حاضر».
أدونيس خرج من «الفحيص» سعيدا كما اسمه، وحمل معه «محبة الحاضرين» وبتكريم يليق به من ادارة المهرجان.
في مديح «الفحيص».
أعلن الشاعر والمفكر العربي الكبير أدونيس دعمه وحبه لمهرجان الفحيص. ووصف المهرجان خلال محاضرة القاها هناك بأنه»جزء من حياة يومية للناس وجزء من مدينة وحياة شعب . وهو مهرجان أهلي وانا أُحيي القائمين عليه».
واضاف ادونيس بعد ان قدمه الشاعر ووزير الثقافة السابق جريس سماوي قائلا: «أدونيس..هذا السوري العتيق العربي العروبي، لم ياتِ لكي يلقي سلاماً، بل ليوقد ناراً، التنوير هو هاجسه والانسان محور كتاباته» اعدكم بأمسية متفردة في المتعة مع هذا الشاعر المتمرد، المثير للجدل».
ان التصوّف أحدث ثورة فكرية داخل الفضاء الاسلامي. واكد ادونيس ان «المسلمين حاليا ليسوا بمستوى الرؤية الإسلامية للعالم».
وقال ادونيس، ان العرب يفتقدون الى الارادة والاستقلال.وانهم يقبعون في «سجن التبعية». واشار الى ان العرب بلا ماض ولا حاضر وبالتأكيد لن يكون هناك مستقبل.
واضاف ادونيس: «ليس في تاريخ الشعر العربي، شاعر واحد يقال عنه: كان متديناً»،»المشكلة في الدين، فكيف بثورة باسم الدين»، «لا يجب المماهاة بين الانظمة والمجتمعات، فهذا ظلم للمجتمعات»، «لا جامعة ولا مدرسة لها مستوى يضاهى بين الجامعات الغربية»، «في التسامح شيء من التعالي، الانسان بحاجة للمساواة وليس للتسامح»، «عصر النهضة هو عصر الارتداد وليس الحداثة، ونحن الآن لسنا بأي عصر»، «لا يمكن مهما يكن أن نعود الى الماضي، والدليل، اننا لسنا موجودين في الحاضر، نحن تائهون وبالمعنى الحضاري لسنا موجودين»،»الغرب لديه رؤية ومشرع وهدف والعرب ليس لديهم أي من ذلك»،» جائزة نوبل لم أسع اليها ولا تعني لي شيئاً فقد حصلت على جوائز أهم منها وهي الغونكور الشعرية وغيرها من الجوائز».
وقال: ان التصوّف أحدث ثورة فكرية داخل الفضاء الاسلامي. واكد ادونيس ان «المسلمين حاليا ليسوا بمستوى الرؤية الإسلامية للعالم».
وقال ادونيس، ان العرب يفتقدون الى الارادة والاستقلال.وانهم يقبعون في «سجن التبعية». واشار الى ان العرب بلا ماض ولا حاضر وبالتأكيد لن يكون مستقبل.
كما القى الشاعر ادونيس ثلاث قصائد، منها قصيدة»بابل» وقصيدة « «اصغي اليكم». ومنها»ضدّ تلك الوحوشِ التي سُمّيت واقعاً، لم أكن شاهداً، كنت أصغي..من بعيدٍ بعيدٍ، للصخور التي تتحدث عن أوّل الرّجالِ، وعن آخرِ الرّجالْ.
ووما قرأ ادونيس في الامسية: «إنها الحرب»، والتي قال فيها: «إنها الحرب تغرز قرنيها في رأس الوقت/ وها هي الأرض تدور – تكاد أن تسقط/ السّماء كلمةٌ سريّةٌ في جيب شُرطي./ إنها الجريمة -/ تهبط سلّم التّاريخ متأبطةً ذراع الفلك/ لغةٌ تلتهم اللحم والعظم/ بؤس يرنُ في سمع الأرض كأنه جرسٌ بحجم الكون/ تُربي الكلمات قطعناً من الذّئاب/ تُسمى الرصاصة ريشةً ويسمّى القتل هيكلاً/ قولي أيتها الريحُ/ كيف نجرف ذلك الرمل/ الذي يزحفُ من علٍ/ ويملأ رأس التاريخ؟/ حقاً/ لا أحد يفلتُ من غباره/ غير أن العذابَ يواصلُ حفرَ أنغامهِ/ في جسد الوقت».
ثم قرأ ادونيس قصيدته الثانية «قصيدة بابل»، التي جاء في مقتطفات منها.
«نبني ملكا آخر، جئنا/ نعلن أن الشعر يقين/ والخرق نظام/ هو ذا نجم/ يتوهج بين كواحلنا/ ثقة بجحيم خطانا/ ثقة بفضاء/ يتناسل ملء حناجرِنا».
ثم اختتم ادونيس قصيدته الاخيرة التي قال فيها.
«يخرج العطر من وردة الاسئلة»، «تخرج الأمثلة من فم الارض مخنوقة ../ سيكون ظهور على شاطئ الفرات…/ آدم من حديد وحوّاء جبانة».
واختتمت الامسية بفتح باب النقاش مع الشاعر والمفكر الذي لم يتوان عن تقديم افكاره وآرائه بما تمر به المنطقة العربية للجمهور. وكان أدونيس صدرت له العديد من المؤلفات الشعرية والنقدية، وحصل على العديد من الجوائز. منها: جائزة الشعر السوري اللبناني. منتدى الشعر الدولي في بيتسبورغ، الولايات المتحدة 1971. وجائزة جان مارليو للآداب الأجنبية. فرنسا 1993. وجائزة فيرونيا سيتا دي فيامو روما. إيطاليا 1994. وجائزة ناظم حكمت. إسطنبول 1995. وغيرها. وصدر له هذا هو اسمي، دار الآداب، بيروت، 1980.
وجرى في ختام اللقاء حوار ساخن بين ادونيس والحضور ونال تكريما من ادارة المهرجان باقة ورد ودرع الفحيص ورمز الفحيص رأس الحصان.
طلعت شناعة-الدستور