الهجمة الشرسة على المسجد الأقصى المبارك من قبل المستوطنين اليهود وقوات الاحتلال الإسرائيلي تحولت إلى فعل يومي، يمر مرور الكرام، ولولا ثلة من أبناء فلسطين وبناته الذين يدافعون عن الأقصى بأسنانهم ربما لما سمع أحد في العالم عن اقتحام الاحتلال اليهودي الصهيوني للحرم القدسي الشريف وتدنيس المسجد الأقصى المبارك.
للأسف الشديد، فإن رد الفعل العربي والإسلامي لا وجود له، إذا استثنينا بعض الإدانات من بضع دول عربية، ومناشدة المجتمع الدولي لإنقاذ القدس.. نعم، “مناشدة المجتمع الدولي” من أجل إنقاذ أولى القبلتين وثالث الحرمين، وهذه المناشدة ليست إلا “كوميديا عربية سوداء”، فهل سيتطوع ما يسمى “المجتمع الدولي”، وعلى رأسه بريطانيا وفرنسا وأمريكا وروسيا، إلى إنقاذ القدس والمسجد الأقصى، وهي التي سلمت المدينة المقدسة لليهود عام 1948 كما سلمتهم فلسطين قبل ذلك بثلاثين عاما.
تدنيس المسجد الأقصى المبارك من قبل الإرهابيين الإسرائيليين من المستوطنين اليهود، وقوات الاحتلال الصهيونية، دون أي رد فعل من مليار ونصف المليار مسلم، يكشف الدرك الأسفل الذي وصلت إليه الأمة، فلا أصوات ترتفع، ولا مقاومة للمخططات اليهودية الصهيونية الإسرائيلية، باستثناء قلة من الفلسطينيين المقدسيين، وحتى ما يسمى السلطة الفلسطينية في رام الله تتصرف بطريقة بائسة ويائسة ومتهاوية، وبدل أن تتحرك على الأرض لإنقاذ المسجد الأقصى المبارك، يوجه زعماء هذه السلطة مناشدات بائسة، وكأن المسجد الأقصى ينتمي لموزمبيق أو جزر الواق واق.
عار على الأمة العربية وعلى الأمة الإسلامية، وعلى حكام العرب والمسلمين أن يتم تدنيس المسجد الأقصى دون أن يتحرك أحد، بينما تحرك العالم كله من أجل صنمين لبوذا في أفغانستان، وانشغلت الأمم المتحدة والأمين العام واليونسكو بمصير الصنمين، بينما يتم الاعتداء على القدس والمسجد الأقصى المبارك، ويتم تهويدها في غفلة من الزمن.
اقتحام الإرهابيين اليهود من مستوطنين وجنود للحرم القدسي الشريف والمسجد المبارك هو إعلان حرب على الأمة، وسكوت الأمة على هذا الاقتحام يعني الخضوع والخنوع والاستسلام والمهانة.
وبينما تغلق قوات الاحتلال الإسرائيلي أبواب المسجد القبلي في الحرم القدسي بالسلاسل، وتطلق الرصاص وقنابل الغاز داخله، تصدر إحدى الدول العربية بيانا تطالب فيه قوات الاحتلال بحماية الأقصى؟!!” تطالب من يدنسون المسجد الأقصى بحمايته!!. ويطالب وزير خارجية السيسي بالمحافظة على طابع “القدس الشرقية”، ويعتبر “إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية هو السبيل للعمل على مكافحة الإرهاب والتطرف ومنع انتشاره في المنطقة”. فلا يوجد من قضية للسيسي ونظامه الانقلابي سوى منع التطرف والإرهاب “العربي والإسلامي” دون أن يكون هناك إرهاب يهودي.
الأخطر من ذلك أن اليهود يقتحمون المسجد الأقصى ويدنسوه، بينما يعقد أركان سلطة رام الله مباحثات سرية مع نائب رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي في عاصمة عربية “لبناء الثقة بين الجانبين”، وبما أن العرب مشغولون ولا وقت لديهم، فقد قررت “لجنة متابعة مبادرة السلام العربية على مستوى وزراء الخارجية برئاسة مصر” عقد (اجتماع طارئ) في الخامس من الشهر المقبل، لبحث التصعيد الإسرائيلي .. اجتماع طارئ الشهر المقبل؟!
غير معقول ما يجري في العالم العربي، حتى أفلام الخيال العلمي تعجز عن الإتيان بمثله، أمة تنتهك أقدس مقدساتها ولا تحرك ساكناً.. فماذا بقي بعد ذلك؟