الحلول صناعة عُمانية ..والبدر العماني لم يُفقد

عروبة الإخباري – خاص – بقلم سلطان الحطاب – يبدو ان الأمر اصبح مختلفا ولو استشيرالامام الشافعي صاحب مقولة ” لابد من صنعاء وان طال السفر” في استبدالها الان امام فقدان التوازنات العربية وسيادة منطق الانفعالات لوافق ان يكون قوله ” لابد من مسقط وان طال السفر ” لا لنشر المذهب وانما للبحث عن الصلح بين الفئات المتقاتلة .. ( فاصلحوا بينهما)..
هنا في مسقط ومنذ ما يقارب عقد كامل صيغت كثير من المبادرات والمشاريع والطروحات السياسية والحلول، فقد امتلكت سلطنة عمان التي حافظت على علاقات خارجية ودولية متزنة وبحياد ايجابي يضع في الاعتبار المصالح المشتركة للاطراف المتنازعة بعين الاعتبار ..
لقد حافظت السياسة الخارجية العمانية على اتزان واستقرار وقراءات عميقة وتامل وابتعاد عن المجاملات على حساب المبادىء وكان لحفاظها هذا الذي انعكس في مختلف سلوكيات السلطنة في التعامل مع كل الاطراف الاقليمية والدولية التقدير الكبير الذي جرى الاقرار به بشكل واضح..
وقد جاء ذلك على السنة شخصيات عربية وعالمية عديدة ..
قدرت وثمنت عاليا سياسة عمان الخارجية الاقليمية والدولية وعكست نجاح هذه السياسة وقدرتها على الصمود والاقناع رغم كل اشكال التشويه والتعتيم ..
فالاردن الذي ظل يمسك بمصالحه وكانه يسير على حبل فلا تغويه الوعود السريعة ولا الصفقات المفتعلة ادرك ان ” انصر اخاك ظالما او مظلوما ” هي بالمعنى الاسلامي الحقيقي الذي لم يمارس الا حين راى الفعل العماني من خلال سياسة السلطان قابوس في الحرب الدائرة على اليمن وليس بالمعنى الجاهلي الذي ظل يقف وراء فتح النار على اليمن وتصنيف معارضتها او ثورتها ” بالمعادية والطائفية ” ونحن نرصد الحالة اليمنية يتاكد لنا اهمية الدور العماني وشجاعته ومسؤوليته وخروجه عن الانخراط الاعمى في تحالفات مزقت اكثر مما بنت وفرقت اكثر مما جمعت واستنزفت المال والارواح واظهرت العرب اعداء على انفسهم اصدقاء لاعدائهم وقد فقدوا البوصلة والادراك ولذا فانه من يفكر بابعاد سلطنة عمان عن الحل السلمي في الحرب على اليمن  فهو خاسر ..
اذن بقاء سلطنة عمان في الوساطة وتمكينها من هذا الدور لوقف الحرب وحقن الدم وانقاذ الشعب اليمني هو الربح وهي التجارة المباركة التي جرى الاستدلال بها في هذه الحرب العبثية.. ” هل ادلكم على تجارة ” !! انها السلام والوساطة للمصالحة وحقن الدم .. انه دور الحكيم زهير بن ابي سلمى الشاعر العربي الجاهلي القديم الذي قال عنه الرسول ” تمنيت ان عاش حتى اراه ” وهو الشاعر الذي دعا القبائل العربية وخاصة قبيلتي عبس وذبيان الى وقف الحرب بينهما والتي استمرت لسنوات طويلة حتى تفانوا ( من الفناء) ونبههم من مخاطرها وكيف انها لا تلد الا اطفال مشوهين وهي على فواجعها ليست بحاجة الى الوصف فالذين ذاقوها يعلمونها

” وما الحرب الا ما علمتم وذقتم     وما هو عنها بالحديث المرجم ” ..
وزهير اعتبر من الشعراء القلائل في الشعر العربي والعالمي في ذلك الذي دعا الى قيم السلام وكراهية الحرب..
السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان اخذ على عاتقه ومسؤولية بلاده استمرار السعي من اجل المنطقة .. من اجل العرب والجيران وحتى المجتمع الدولي وقد حفظ السجل العماني الكثير من المبادرات . فالعمانيون استقبلوا الرئيس الايراني حسن روحاني والسلطان زار طهران في مهمة تطبيع العلاقات الايرانية مع الغرب ومع المملكة العربية السعودية تحديدا .. وعمان استضافت اتصالات ومحادثات سرية ايرانية اميركية ظلت تتفاعل وظلت عمان توفر البيئة والحاضنة والمناخ وتحض وتتابع حتى نجحت اللقاءات الاميركية والايرانية واعتقد ان نجاح الاتفاق النووي الايراني لعبت السلطنة فيه مساهمة واضحة واساسية بتاسيس الدعوة اليه وتمكين اطرافه من ان ينطلقوا من مسقط الى عواصم عالمية ومواقع اخرى .. وان الرسائل التي نقلتها عمان بين طهران وواشنطن سياتي زمن الكشف عن اهميتها . وقد بدا ذلك الان ..
والمساعي الايرانية المتراكمة والمتصلة تستوقف المراقبين المنصفين الذين يتذكرون الدور الذي كان يقوم به الراحل الحسين في راب الصدع العربي ومنع انزلاق المنطقة الى الحروب والصراعات والتدويل وخاصة بعد الغزو العراقي للكويت .. هذه المهمات تقوم بها سلطنة عمان الان بفاعلية وانفراد وشجاعة ..
سلطنة عمان التي رفضت التحالف العربي للحرب على اليمن لم تاخذها العزة التي اخذت غيرها الى الاثم بل وقفت وحذرت ودقت ناقوس الخطر . ولم تكتف بالمراقبة او النقد او حتى الحياد الذي ظلت كثير من الاطراف تاخذه على سلطنة عمان دون ان تدرك سبب الحياد العماني وانه في الاصل ابتعاد عن الفتنة او التورط فيها وهي رؤية لا يراها الا حكيم بحجم السلطان ووعيه وانسانيته وحرصه على المصالح العربية والاسلامية ..
وسلطنة عمان وسلطانها وسياساتها المعلنة والممارسة ظلت تشكل اهم ركن في حل جميع ازمات الشرق الاوسط ..
ففي حين انصرف الكثيرون عن القضية الفلسطينية الى شؤونهم ومصالحهم وظل الاردن في خندقها ..
ظل يجد الدعم العماني لذلك وخاصة في قضية بيت المقدس وقد ذكر ذلك الراحل الحسين طيب الله ثراه في ان جلالة السلطان قابوس هو صاحب الحل لازمات عديدة ..
اذن ” في الليلة الظلماء يفتقد البدر ” .. وهاهو بدر عمان يضيء هذا النفق العربي المظلم حيث يحشر العرب الان انفسهم في تحالفات تحت اسماء عربية ودولية يمارسون فيها جلد الذات وقتل النفس وتدمير بيوتهم بايديهم بعد ان ازمنت امراضهم وطال استفحالها واتسعت جراحهم دون ان تعالج ..
سلطنة عمان الان تاخذ مكانتها في الموقع الاصعب . موقع زرقاء اليمامة التي رات خلاف ما راى اهلها والتي حذرت ووعدت في المنعرجات والمنعطفات وامام القرارات الصعبة والخطيرة ..
لقد لعبت السلطنة الان دور الرائد الذي لا يكذب اهله ولا يسمعهم ما يرغبون ولكن ما ينجيهم وينقذهم ويحفظ عليهم دماءهم وكرامتهم .. ويخرجهم من لعبة الامم ..
حين رفضت عمان الانخراط السريع في اعادة بناء مجلس التعاون على اسس مختلفة تزيد من تبعيته وليس استقلاله ..
كانت تقرا الوقائع والمعطيات والمستقبل . ولذا قالت كلمتها ولم تمش بل امسكت بالمصلحة العربية ودعت لها ونبهت من التجاوز عليها ..
كان الموقف العماني واضحا في اخر جلسات مجلس التعاون .. وايضا من الحرب في سوريا ومن التحالف الدولي الذي شكل للرد على تنظيم الدولة وجاء الموقف العماني اكثر وضوحا في الحرب التي شنت على اليمن الدولة الشقيقة المجاورة ..
العمانيون لم يتشفوا في دولة جارة حاربتهم وهددت كيانهم في السبعينيات مع بداية النهضة العمانية لانهم ادركوا ان الذي حاربهم هو نظام سياسي تلقى الدعم الخارجي وجزء من صراع الحرب الباردة في مراحل سخونتها انذاك .. وهم اليوم اي العمانيين يقفون الى جانب الشعب اليمني بكل فئاته وطوائفه ومكوناته لا يتذرعون بالطائفية او يختبئون خلفها ولا يحملون المكونات اليمنية فوق ما تحتمل .. فاليمنيون كانوا ومازالوا هكذا . ولم يكتشف احد من خصومهم الدولاب والذين يريدون محاربة ايران كان عليهم ان يحاربوها من خلال حدودهم وليس من خلال الشعب اليمني او السوري في حين تبقى ايران سالمة .. والا كان هذا اشبه بمن اراد حرب بريطانيا باخر جندي هندي !!!..
صوت عمان .. صوت السلطان في مبادرته الانسانية لحقن دم اليمنيين لابد ان يرتفع عاليا ليكون فوق صوت المعركة العبثية التي تحصد الان اليابس والاخضر وتستنزف التنمية والمال في المنطقة وتحرم الشعوب المنخرطة فيها من حقها في التنمية وبناء مجتمعاتها .. فلو ان ربع المال الذي انفق على الاسلحة في الحرب على اليمن وظف في التنمية وبناء اليمن ومساعدة اهله لما حدث ما حدث وراينا اليمن مستقرة وقادرة على الوقوف على اقدامها ..
ما يجري وتحاول سلطنة عمان وقفه والخروج من دائرته هو دوامة العداء والاستثمار في العداء والدم وتوريث ذلك فامن اي بلد في الجزيرة والاقليم لا يقوم على حساب البلد الاخر وشعبه وانما امن الاقليم والمنطقة حيث تتظافر كل الاطراف لصناعته والدفاع عنه ..
واذا كانت سلطنة عمان قد نجحت في تعقيل الموقف الايراني في كثير من القضايا ونجحت ايضا في تسويقه باعتباره راغب في الحوار والسلام لدى الغرب وقد نجحت في ذلك فمن باب اولى ان يستمع العرب – بعض العرب – للموقف العماني وان ياخذوه على احسنه . وان يتعاملوا معه بلغة السياسة والمصالح العامة وليس بلغة خفية تصنعها جهات متطرفة ومتزمتة، لا علاقة لها بالعصر مازالت تشيع القسمة والتطرف وحين نبحث عن جذور العنف والتطرف ..
نجدها في تلك اللغة ومن يقف وراءها ويحميها ويتستر عليها ..
سلطنة عمان كانت في المصالحة الايرانية مع اطراف عربية وفي مصالحة اعضاء مجلس التعاون الخليجي وجمعهم على رؤية مشتركة بعيدة عن هيمنة اي طرف على طرف ..
وفي الحوار الايراني الاميركي . والاوروبي الايراني ..
وفي اطلاق سراح اسرى اميركيين .. وايرانيين وفرنسيين وفي حل ازمات طارئة وسريعة وفي تخفيف توترات كان يمكن ان تشتعل .. وكان لكل جهودها ثمار ونتائج ملموسة ظل البعض ممن اخذتهم العزة بالاثم يهرب من استحقاقاتها بالاعتراف للسلطنة وسياستها الخارجية بالنجاح ..
اليوم نحن احوج ما نكون للموقف العماني المجرب ومبادراته وهاهي عمان تضع جهدها مجددا وبشجاعة برسم وقف الحرب على اليمن وحقن الدماء فيه فهل حان الوقت لانجاح المبادرة العمانية بالضغط على الاطراف المشتبكة ؟؟ وهل حان الوقت لتنهض اصوات اخرى وتسمع في تقدير المبادرة العمانية ..
سيجد عرب الحروب الداخلية انهم يقعون تحت شعار ” اسد عليّ وعلى العدو نعامة ” وحين يعاد تعريف العدو الذي ضاعت صفته سيجدون انفسهم كما قال وقد خسروا حين لم يستمعوا الى النصيحة والمبادرة العمانية وقد ندموا حيت لا ينفع الندم . لان قرونا كثيرة تمارس النطح في الجسم العربي ستنكسر في الصخور والجبال اليمنية ولذا يجب وقف المناطحة .. فهذه الارض اليمنية لها تجارب عميقة في المقاومة ورفض التدخل والهيمنة واليمنيون لا يداس طرفهم وقد جرب عبد الناصر حربا ندم عليها ودفع ثمنها باهظا وكانت من نتائجها هزيمة عام 1967 .. فهل تتعظ الاطراف المتحاربة الان من تلك الحرب ؟؟..
والقيادة الحكيمة لا تلدغ من حجر مرتين ولا تستدرج لارضاء هذا الطرف او ذلك . وهي قادرة على قراءة الموقف العماني ومبادرة السلطان بشكل منصف يدفعها لتسويق هذه القراءة وحتى الدفاع عنها ..
الموقف العماني المعلن من الحرب على اليمن يتزامن مع عيد النهضة العمانية التي انطلقت عام 1970 في يوليو الثاني والعشرين منه حيث انبلج الفجر العماني المبارك وارتحلت عمان باتجاه الامل والازدهار وبناء انسانها الذي عانى كثيرا وهو يدرك الان من خلال قيادته قيمة السلم والتنمية والبناء ..
عُمان تحت انظار العرب المخلصين وفي موقع رجائهم ان تواصل دورها ورسالتها وصعودها في نهضتها والتي مازال يحدوها السلطان قابوس بن سعيد بقيادته ويلهمها بمبادراته وحرصه على ادامة مؤسساتها التي لم نرها تهتز او تتراجع حتى حين كان السلطان قائد النهضة وبانيها في رحلة علاج طويلة خارج السلطنة ..
المؤسسات العمانية قوية ومتماسكة ولديها فائض عطاء للانسانية ولذوي القربى في اليمن والجوار حتى لا يقال ” وظلم ذوي القربى اشد مضاضة ” ..
وقد جرب اليمنيون على اختلاف الوانهم ذلك من قبل ومن بعد ومازالوا ..

 

 

Related posts

الفايز يلتقي السفير السعودي لدى المملكة

20 شركة غذائية أردنية تشارك بمعرض الخليج الصناعي

مليشيات الحوثي يعلنون مواصلة استهداف السفن الإسرائيلية حتى لو باعت أصولها