عروبة الإخباري – أثارت تصريحات نائب الرئيس العراقي نوري المالكي وتهجّمه الأخير على السعودية، ومطالبته بما سماه “وضعها تحت الوصاية الدولية” خلافات عميقة بين الرئيس العراقي فؤاد معصوم والمالكي، إذ تبادل الطرفان رسائل نصية، ومكالمات هاتفية بشأن تلك التصريحات التي شكلت مصدر إحراج للرئيس معصوم، الذي كان يقضي إجازته في منتجع السليمانية شمالي العراق.
وأوضح مسؤول عراقي رفيع في ديوان رئاسة الجمهورية العراقية حسب ما نقلت مواقع إخبارية، أنّ “رئيس الجمهورية فؤاد معصوم انتقد تصريحات المالكي بشدة، واعتبرها مسيئة وتفوح منها الطائفية اتجاه دولة شقيقة للعراق”، مطالباً المالكي بـ”عدم تكرار تلك التصريحات مرة أخرى، والاهتمام بمشاكل العراق، بدلاً من مهاجمة الآخرين في كل ظهور إعلامي له على التلفزيون الخاص به”، في إشارة إلى تلفزيون آفاق الذي يملكه المالكي ويظهر فيه بشكل أسبوعي لمدة ساعتين يتحدث عن قضايا مختلفة”.
وبيّن المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن “معصوم أبلغ التحالف الوطني بضرورة إسكات المالكي، أو أنه سيضطر إلى استخدام الفقرة الدستورية الخاصة بصلاحية رئيس الجمهورية، والتي تتيح له إقالة نائبه في حال أضر بالمصلحة العامة دون الرجوع للبرلمان”، مشيراً إلى أن معصوم أبلغ التحالف بأنه “في الوقت الذي يسعى فيه العراق لتحسين علاقته بدول الجوار، وخصوصاً الجوار الخليجي وفتح السفارتين السعودية والقطرية في بغداد، تأتي تصريحات المالكي كمعول هدم ونشر للطائفية”.
بدوره، نفى المتحدث الرسمي باسم الرئيس العراقي خالد شواني، أن تكون تصريحات المالكي معبّرة عن موقف الرئاسة العراقية والحكومة تجاه السعودية، مؤكداً أنّ الرئيس فؤاد معصوم اعتبر هذه التصريحات آراء شخصية لنائب رئيس الجمهورية، موضحاً خلال تصريح متلفز أنّ الأخير يكنّ كل الاحترام للمملكة العربية السعودية ويسعى لتوطيد العلاقات معها، لافتا إلى دوره بالمساهمة في إعادة العلاقات العراقية السعودية إلى مسارها الصحيح.
من جهته، اعتبر الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني تصريحات نوري المالكي الاستفزازية وغير الواقعية تندرج ضمن مساعيه لتخريب علاقات العراق بأشقائه العرب، وفصله عن محيطه العربي الطبيعي، خدمة لمصالح أجنبية لا تمت بصلة للمصالح الوطنية العراقية، مشيداً بالتوضيحات الصادرة من رئاسة الجمهورية والحكومة العراقية عن مواقفها في هذا الصدد.
وأكد الأمين العام أن المواقف والجهود الصادقة السعودية ودول المجلس في مكافحة الإرهاب تجعلها في مقدمة دول العالم في هذا الشأن، ومن هذه الجهود مشاركة المملكة ودول المجلس بفاعلية في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الارهابي في العراق وسوريا، بما يساعد على تعزيز القدرات الدفاعية العراقية، حفظاً لوحدة العراق وأمنه واستقراره، وحماية لشعبه العربي العزيز، مشددا على حرص دول المجلس على تعزيز علاقاتها مع العراق الشقيق بعد سنوات من التوتر الناتجة عن السياسات التي تبناها المالكي.
وأوضح المصدر الذي رفض الكشف عن هويته، أنّ الرئاسة بصدد إعداد بيان رسمي للاعتذار للسعودية، توضح فيه ملابسات تصريحات المالكي، وتؤكد أنها لا تمثل سياسة العراق تجاه السعودية والمحيط العربي، كاشفاً عن إجراء اتصالات مكثفة بين قيادات الكتل السياسية لتلافي الموقف.
ونأت الحكومة العراقية بنفسها عن تصريحات المالكي، وقال المتحدث الاعلامي باسم الحكومة، سعد الحديثي، إن الموقف الحكومي لم يتغير تجاه العلاقات التي تربطه بدول العالم ودول الجوار الجغرافي العربي والاسلامي، من ضمنها المملكة العربية السعودية، مؤكداً سعي الحكومة إلى تجسيد هذه العلاقة مع دول الخليج العربي، التي أسفرت عن موافقة المملكة على فتح سفارتها في بغداد.
وفي سياق متصل، استنكرت منظمة التعاون الإسلامي تصريحات المالكي التي وصفتها بـ ” غير المسؤولة”، لأنها صدرت من مسؤول يتولى منصباً رفيعاً في الحكومة العراقية، مؤكدة أنها تتعارض مع ميثاق المنظمة الذي يدعو لتعزيز العلاقات بين الدول، على أساس الاحترام وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، وأشارت إلى أن هذه التصريحات تتنافى مع الواقع الذي أثبت الدور الفاعل للمملكة في مكافحة التطرف والإرهاب.
وكان نائب الرئيس العراقي قد شنّ في وقت سابق هجوماً غير مسبوق على السعودية، واعتبرها داعمة للإرهاب والتطرف، داعياً إلى وضعها تحت الوصاية الدولية، وقال في مقابلة تلفزيونية إن المملكة تمثل “جذر الإرهاب وجذر التطرف بسبب المذهب الوهابي، مشيرا إلى أن الإرهاب يتغذى من أموال السعودية.