عروبة الإخباري – هاجمت صحيفة “قانون” الإيرانية، الاثنين، بتقرير مطول رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، بسبب زيارته قبل أيام للمملكة العربية السعودية.
ويعد هذا الهجوم الأكثر عنفا من بين المقالات والتقارير التي كتبت ونشرت ضد مشعل في الصحافة الإيرانية.
فقالت “قانون” إن “الربيع العربي يعدّ من أكبر التطورات الإقليمية والتاريخية التي شهدتها المنطقة بسبب ثورات الربيع العربي التي حدثت في دول عربية عدة، وأدخلت معادلات سياسية واستراتيجية جديدة على منطقة الشرق الأوسط”، بحسب تعبيرها.
وأضافت “قانون” أن الدول والتيارات والأحزاب السياسية التي تأثرت بالربيع العربي أصبحت تفرز حلفاءها وتختارهم بعناية، لترسيم حدود مصالحها المشتركة معهم.
وقالت “قانون” موضحة: “قبل حدوث الربيع العربي كانت السعودية وتركيا تشكلان حلفا استراتيجيا هاما، وكانت قطر مستقلة في سياستها كما أن إيران كانت لها سياستها الخاصة في المنطقة”.
وأوضحت الصحيفة أن هذه الخريطة السياسية والتحالفات المتشكلة كانت قبل بدء الثورة السورية. وبعد تطور الأحداث التي شهدتها سوريا، أخذت إيران مواقف يبدو أنها لم تكن على مزاج بعض حلفاء إيران في المنطقة، ومن بينهم حركة المقاومة الإسلامية “حماس”.
وشرحت صحيفة “قانون” أسباب الخلاف بين إيران وحركة حماس، قائلة: “حماس تعدّ جزءا من جماعة الإخوان المسلمين. والمعارضة السورية جزء كبير منها من الإخوان، ولم تتحمل حماس مواقف إيران تجاه الثورة السورية، فوقفت إلى جانب المعارضة السورية ضد بشار الأسد ومصالح إيران، ومن حينها بدأت الأزمة والخلاف بين حماس وطهران”.
وهاجمت الصحيفة مشعل، قائلة إن “الأوضاع في سوريا اتخذت مجرى آخر الآن، وهناك مواقف إقليمية ودولية كثيرة تغيرت لصالح إيران لإنهاء أزمة سوريا، لكن مشعل خلافا لمساعي إيران وتحركها لإنهاء الأزمة السورية، اتجه نحو الرياض ووقف بجانب السعودية، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل وقف مع السعودية في سياق عاصفة الحزم حتى يغير المعادلة لصالحها في اليمن”
وقالت الصحيفة إن “اللعبة السياسية التي تنتهجها حماس في هذا الظرف الراهن والحساس لا يمكن وضعها في إطار المساعدات المالية، لأن السعودية في الحرب الأخيرة على غزة لم تساعد غزة وسكانها إلا من خلال إرسال الأكفان لأهالي غزة”، بحسب تعبيرها.
وتابعت “قانون” هجومها على “حماس”، قائلة: “تقارب حماس التي تعدّ حركة مقاومة إسلامية ترفع لواء الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني.. وقوفها مع آل سعود الذين لا يمتلكون إلا الأيديولوجيا الوهابية لا يمكن تفسيره إلا بأنه إعلان حرب على إيران من قبل حماس بالوكالة عن السعودية”.
وتحدثت “قانون” عن موقف “حماس” من “عاصفة الحزم”، وقالت: “منذ حرب السعودية على اليمن التي تصدرت أخبارها وكالات وصحف العالم، ظهرت هناك مواقف قابله للتأمل خلال الأجواء السياسية التي تشكلت بعد عاصفة الحزم وهي مشاركة حماس ودعمها للسعودية في حرب اليمن. وعندما طرحت هذه المواقف في إيران عن مشاركة حماس في عاصفة الحزم لم يعر القادة في إيران أي اهتمام لها، حتى ذهب مشعل في آخر أيام شهر رمضان بنفسه إلى السعودية، لإعلان تحالف حماس مع السعودية”.
وأشارت الصحيفة إلى أن “حماس” سوف ترسل قوات خاصة إلى السعودية، وهذه القوات تقوم بمواجهة أنصار الله الحوثيين من تحت الأرض عن طريق استخدام حفر الأنفاق التي تبرع فيها “حماس” واشتهرت بها خلال حروبها مع إسرائيل (حماس نفت ذلك- “عربي21”).
وقالت “قانون” إنه حتى هذه اللحظة لم تحصل إيران على أي تفاصيل عن اجتماع مشعل مع الملك سلمان بن عبد العزيز، خلال زيارة وفد “حماس” إلى السعودية، لكن إسماعيل هنية أعلن نجاح الزيارة.
ولأهمية زيارة مشعل إلى الرياض، أجرت صحيفة “قانون” لقاءات عديدة مع قيادات سابقة في الحرس الثوري الإيراني، وبعض النواب في البرلمان الإيراني لتسليط الضوء على إعادة العلاقات السعودية مع “حماس” وموقف إيران من ذلك، ويبدو أن زيارة مشعل لم تكن على مزاج قادة الحرس الثوري ولا النواب الإيرانيين.
وقال القيادي السابق في الحرس الثوري الإيراني وعضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، محمد إسماعيل كوثري، لصحيفة “قانون”: “أخطاء كهذه من قبل حركة حماس حدثت سابقا، ولم تتعلم من الدرس السوري، وارتكبت أخطاء استراتيجية بسبب مواقفها من التطورات في سوريا”.
وأضاف كوثري: “يجب أن تدرك حماس جيدا أن الشعب الفلسطيني لم ولن يصل إلى حقوقه المشروعة من خلال التحالف مع السعودية. وعلى خالد مشعل أن يكون أكثر دقة في قراراته، وأن لا يذهب إلى السعودية من أجل قضايا وأمور مالية”.
وأوضح كوثري أن إيران سوف ترد على زيارة مشعل إلى السعودية في الوقت الذي تراه مناسبا، كما أنها سوف تتخذ القرار الذي يكون في صالح الشعب الفلسطيني.
ومن جانب آخر، قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، نوذر شفيعي، لصحيفة “قانون” إن “ما قامت به حركة حماس لن يؤثر على الدعم الإيراني للشعب الفلسطيني المظلوم، ونحن نعلم جيدا أن لدى حركة حماس علاقات سرية مع السعودية، أما الآن، فقد أصبحت واضحة للجميع”.
وأضاف شفيعي: “على حماس أن لا تسعى لكسب دعم الطرفين، أي السعودية وإيران في آن واحد، لأن موقف إيران من دعم حماس يعدّ موقفا إسلاميا ومبدئيا، من منطلق الإيمان بالحق الفلسطيني”.
واعتبر شفيعي أن “السعودية تنظر لحركة حماس أداة سياسية تخدم مصالحها، وإذا قبلت حماس بذلك وتحالفت مع السعودية، فهذا يعني أنها تتجه نحو الوهابية، وستصبح خطرا على الإسلام والسلم الدولي”، على حد قوله.
وقال نائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، منصور حقيقت بور، لـ”قانون”: “زيارة خالد مشعل للرياض لم تكن آخر خطأ ترتكبه حركة حماس، فطوال السنين الماضية ارتكبت حماس أخطاء عدة، وتحالفت ضد إيران مع قطر وتركيا”.
واختتمت صحيفة “قانون” كلمتها، قائلة: “بغض النظر عن أهداف مشعل من زيارته إلى السعودية في هذا الظرف الحساس من المرحلة السياسية التي تمر بها المنطقة، فإنه يجب علينا أن ندرك أن هناك أيادي خفية تعمل على صرف الرأي العام عن القضية الفلسطينية بطرق عدة، منها عن طريق داعش أو عن طريق شراء بعض القيادات الفلسطينية التي تدعي بأنها تدافع عن حق الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي”.
وأضافت: “إذا كانت حركتا حماس وفتح تقومان بالعمل والتحرك واتخاذ مواقف خلافا للمصالح الإيرانية، فهذا لا يعني أننا سنتخلى عن دعمنا للقضية الفلسطينية”.
ويرى خبراء في الشأن الإيراني تحدثت إليهم “عربي21″، أنه من خلال رصد التصريحات الصحفية والإعلامية في إيران بشأن زيارة مشعل إلى الرياض، فإن من الواضح أن طهران تراها ضربة موجعة لسياساتها التي كانت تستند إلى خطاب المقاومة ودعم فلسطين، في ترويج نفسها في المنطقة.