عروبة الإخباري – قال مسؤول فلسطيني إن “فرنسا تبحث مع السلطة الفلسطينية ودول عربية، بالتفاهم مع الإدارة الأميركية، تقديم مشروع تسوية سلمية إلى مجلس الأمن الدولي يقوم على استئناف المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية قريباً”.
وأوضح أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة، في حديث لـ”الغد” إن “المبادرة الفرنسية تقوم على “حل الدولتين”، عبر إنهاء الاحتلال مع تبادل الأراضي والقدس عاصمة لدولتين وتجاوز قضية اللاجئين الفلسطينيين”.
وأضاف أن “التحرك يستهدف استئناف المفاوضات، في إطار المشروع الذي تسعى له فرنسا، بالتفاهم مع الإدارة الأميركية، ومحاولة إقناع الدول العربية به، بحيث يشكل مرجعية للعملية السلمية، بديلاً عن قرارات الشرعية الدولية”.
واعتبر أن “المشروع الجديد يعدّ نسخة أو إعادة إنتاج لنظيره السابق، إن لم يكن أسوأ منه، إزاء العديد من التنازلات عن الحقوق الوطنية في إقامة الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967، التي لم يذكرها المشروع صراحة، وغياب الحديث عن القدس الشرقية، وإسقاط حق العودة، مع التأكيد على تبادل الأراضي”.
ورأى أن “فرنسا تفكر بنفس المشروع الفلسطيني العربي الفرنسي الذي تم تقديمه إلى مجلس الأمن في 19 كانون الأول (ديسمبر) الماضي”، وفشل في نيل الأصوات التسعة التي تسمح بتمرير نفاذه.
وقد تزامن ذلك “مع موجة غضب فلسطيني مضادة بسبب تراجعه عما تم التوافق بشأنه من الدعوة إلى مفاوضات بمرجعية قرارات الشرعية الدولية ورقابة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، واحترام قرار تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 بشأن الاعتراف الدولي بفلسطين دولة مراقب، غير عضو، في الأمم المتحدة”.
وأوضح أن “الصيغة تلبي مطالب الاحتلال الإسرائيلي، التي أفصح عنها صراحة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أثناء حملته الانتخابية، عند تأكيد رفضه “إقامة دولة فلسطينية مستقلة خلال ولايته” وتفكيك المستوطنات وتقسيم القدس، بما يجعل العملية السياسية والتفاوضية في حالة انسداد”.
ونوه إلى “مساعي الاحتلال لتحويل الحدود إلى “إسرائيلية”، عبر مصادرة ألف دونم من أغوار الأردن، بالإضافة إلى 8 آلاف دونم تمت مصادرتها حتى الآن، لزرع المستوطنات وتوسيع القائم منها، تجاه مشروع نتنياهو بتحويل الأغوار إلى منطقة توسعية بحدود أردنية – إسرائيلية وليست أردنية – فلسطينية”.
وحول المصالحة الفلسطينية، أكد حواتمة قائلاً “لسنا بحاجة إلى مكة2 أو مكة3 وإنما تنفيذ الاتفاقيات السابقة ووضع الآليات التنفيذية المناسبة لترجمة خطواتها فعلياً”.
وأشار إلى أن “الحديث عن مكة2 يفتح الباب أمام تدخلات قطرية – تركية، وربما دول إسلامية أخرى، ما يضرّ بتحقيق المصالحة”، منتقداً “محاولة عقد اتفاقيات ثنائية بديلاً عن برامج الوحدة الوطنية المجمع عليها، إحالة إلى دعوات منطلقة من قطاع غزة إلى مكة2”.
ورأى أن “في ذلك دعوة صريحة للمحاصصة الثنائية التي لم تسفر شيئاً، قياساً بمشاهد اللقاءات المتوالية والاتفاقيات المبرمة، الممتدة منذ واقعة الانقسام في العام 2007، وصولاً إلى تكريس الفصل بين الضفة الغربية وغزة”.
وطالب “باستئناف الحوار الوطني الشامل، واجتماع اللجنة العليا للإطار القيادي المؤقت تحت مظلة منظمة التحرير، وقيام اللجنة التنفيذية للمنظمة بالبحث مع القيادة المصرية لأجل عقد اجتماع اللجنة “القيادية” بهدف وضع الآليات التنفيذية المناسبة للاتفاقيات السابقة، وعدم الالتفاف على ذلك بصيغ المحاصصة الثنائية”.
وزاد أن “الجانب الفلسطيني رفض الصيغ المصدّرة له من بعض الدول العربية والإسلامية، بينما نمت مصالح عديدة عند كلا طرفي الانقسام بفعل عدم تحقيق المصالحة، ما فتح الميدان لأن تتحول التحالفات الإقليمية والدولية للفريقين إلى قوى تتدخل يومياً في الشؤون الداخلية الفلسطينية”.
وشدد على “وجوب وقف اللعب على سياسة التناقضات في الدول العربية لمصالح ضيقة، واحترام الالتزام الفلسطيني بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مقابل عدم زجّها في قضايا ساحاتها المحلية”.
وقدّر “بعدم قدرة حكومة التوافق الوطني على إنهاء الانقسام، لكونها نتاج اتفاق ثنائي بين “فتح” و”حماس” وليست وليدة توافق وطني شامل”.
وأحال في ذلك إلى “مضيّ زهاء العام تقريباً على اتفاق “إعلان الشاطئ” في 23 نيسان (إبريل) من العام الماضي بغزة، من دون أن تستطيع الحكومة القيام بأي خطوة لفرض سلطتها على القطاع، ولن تقدر على ذلك وسط غياب الوحدة الوطنية”.
وتابع قائلاً “لقد توالد عن الانقسام جسم هرميّ لسلطة “حماس” في غزة، التي تحاول اليوم استيعاب نحو 35-40 ألف موظف، تم استحداث وظائفهم أثناء الانقسام، ضمن مؤسسات السلطة، بتكلفة شهرية تقدر بنحو 25 مليون دولار، أبدت قطر الاستعداد لتغطيتها على امتداد العام الحالي”.
ودعا إلى “تنفيذ الخطوات المقرّة في برنامج الوحدة الوطنية بالقاهرة، وتشكيل حكومة ائتلاف وطني شامل ووضع الآليات التنفيذية لإسقاط النظام وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وفق التمثيل النسبي الكامل”.
وبشأن أزمة مخيم اليرموك، قال حواتمة إن” الوفد الفلسطيني الموحد الموجود حالياً في سورية يسعى إلى بحث معالجة الأزمة، وفق قاعدة تحييده عن الصراع الدائر في الأراضي السورية، عملاً بالحل السياسي بعيداً عن العمل العسكري”.
وأفاد بأن “الوفد سيبحث مع جميع الفصائل، المتواجدة في الساحة السورية، الحلول لأزمة المخيم وفتح الممرات لعودة النازحين، ما قد يشكل الحضور الشعبي الكثيف عامل ضغط معتبر لإخراج التنظيمات المسلحة من المخيم، أسوة بدحر سبعة أخرى مماثلة في وقت سابق”.
وكان من المفترض زيارة الوفد إلى سورية في 27 نيسان (إبريل) الماضي، ولكن دمشق اعتذرت، ومن ثم أجلت الموعد الذي تحقق أول من أمس”.
وبين حواتمة أن “الجهود الفلسطينية حثيثة لتخفيف معاناة اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك، وبقية المخيمات الفلسطينية، من خلال التواصل مع كافة الأطراف المعنية، والحملات الدولية لحماية المخيم”.
وأشار إلى أن “البحث جارٍ الآن مع “حماس” لإخراج “أكناف بيت المقدس” من المخيم، أو على الأقل وقوفهم على الحياد”.
ولفت إلى “وجود نحو 750 عنصراً مسلحاً داخل المخيم، منهم حوالي 350 عنصراً تابعاً “لأكناف بيت المقدس”، و200 للنصرة و200 لتنظيم “داعش”، حيث تتواجد جنوب المخيم بعمق الحجر الأسود والقدم والتضامن المجاورين للمخيم”.
وأوضح أن “جبهة “النصرة” قد انقسمت على نفسها؛ بين الانضمام إلى “داعش” وتسهيل اقتحامه للمخيم، وأخرى متمسكة بالقاعدة، على غرار ما حدث مع “أكناف بيت المقدس” الذين يقدمون أنفسهم بانتمائهم إلى “حماس” و”الإخوان المسلمين”.
وأرجع “الإصرار الفلسطيني على “تحييد” المخيم، إلى تعزيز مواقع مخيمات اللجوء والشتات، وحماية اللاجئين والحفاظ على المخيم من تبعات العمل العسكري الذي يجلب الدمار والخراب ويؤدي إلى مزيد من الشهداء والجرحى والنازحين، ويخلق تداعيات سلبية تصيب مصير المخيمات الأخرى في سورية، كما ستسحب نفسها في مخيمات لبنان، لاسيما عين الحلوة”.
وزاد أن “المخيم الذي تتم إبادته لن يعود مجدداً، قياساً بتجربة مماثلة مع ثلاثة مخيمات في لبنان، وهي النبطية وتل الزعتر ونهر البارد”، مضيفاً “لا نريد نهر بارد آخر”.
ويضم المخيم اليوم، الذي يعدّ من أكبر مخيمات الشتات والرمز الأكبر لحق العودة، “حوالي 12 ألف لاجئ فلسطيني من إجمالي 180 – 200 ألف كانوا عديد سكانه قبل الأزمة”.
وأضاف حواتمة “لقد جرت محاولات عديدة لزجّ المخيم في أتون الصراع الدائر بسورية، لكن أبناءه أصروا على الحياد ورفضوا الاصطفاف إلى أي جهة، بينما تمكنوا من دحر سبعة تنظيمات مسلحة من أصل عشرة”.
لكن “هذا الأمر لم يدم طويلاً بفعل الأحداث والمتغيرات الجارية بالمنطقة، وإزاء الأحداث القائمة التي باتت معها القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية في الظل بعدما كانت في موقع الصدارة المركزية”.
واعتبر أن “الفلسطينيين وقعوا في “عاصفة تخبط” داخلية أمام تبني فريق منهم للعمل العسكري المسلح داخل المخيم، مقابل اتجاه آخر يحظى باجماع اللجنة التنفيذية للمنظمة يأخذ بالحل السياسي”.
وأكد موقف “الديمقراطية” المؤيد “لوحدة حال المنظمة ورفض التخبط والدعوة إلى احترام خيار أبناء المخيم بنبذ العمل العسكري، وفتح ممر آمن لعودة النازحين للمخيم وليس خروج المتبقين منهم”.
ونوه في هذا السياق إلى “قرار اللجنة التنفيذية للمنظمة، خلال اجتماعها في 18 نيسان (إبريل) الماضي برئاسة الرئيس محمود عباس، بتحييد المخيمات ورفض العمل العسكري الذي يؤدي إلى دمار ما تبقى من المخيم والإضرار بأبنائه الباقين بين شهيد وجريح ونازح”