راجح الخوري/يا لها من دموع !

كان من المثير للإستغراب ان يقرأ المرء خبرين متزامنين عن ذرف الدموع، دموع أممية تُذرف على صور أطفال يذهبون الى المقابر مختنقين بغاز الكلور الذي يمطر به نظام الاسد السوريين، ودموع رئآسية تُذرف لمجرد ان اطفال العائلة كبروا وسيغادرون الى الجامعة.

غريب كيف تستطيع العيون التي تدمع لفكرة مغادرة الأبناء هنا، ان تكون من زجاج هناك امام شريط الموت الوحشي الذي يحصد الأطفال بالمئات… ربما لا تحرق النار إلاّ الأيدي التي تلتقطها، ولكن كيف يكون الأمر اذا كانت هذه الأيدي قد ساهمت في شكل او في آخر في ارسال اولئك الأطفال الى المقابر؟
نقلت الوكالات خبر غرق أعضاء في مجلس الأمن في البكاء أثناء اجتماع مغلق عُرضت فيه رواية مصورة لشاهد عيان عن هجوم بغاز الكلور على بلدة سرمين السورية أسفر عن موت عدد من الأطفال تقل أعمارهم عن أربع سنوات إختناقاً.
السفيرة الأميركية سامنتا باور قالت بصوت متهدج، إن ديبلوماسيين تابعوا بكثير من التأثّر شريط فيديو التقط في مستشفى إدلب يظهر أطباء يحاولون عبثاً إنعاش أطفال وهم يختنقون حتى الموت، لكن أولئك الأطفال لا يحتاجون الى دموع ديبلوماسية تُذرف عليهم في قاعة أممية بلا روح، تكفيهم دموع ذُرفت من عيون أمهات فقدن الروح امام فلذاتهن يموتون إختناقاً، ولكن هل هذه هي المرة الأولى التى يموت فيها الأطفال والكبار بقنابل الغاز التي يلقيها النظام السوري على الناس منذ أربعة أعوام؟
وهل نسي الباكون في مجلس الأمن وبينهم السيدة باور ان مذبحة الغوطتين حصدت العشرات من الضحايا بالغاز، وان باراك اوباما هدد بالعقاب ثم لحس تهديده نزولاً عند رغبة فلاديمير بوتين، الذي بلغت الفظاظة في وزير خارجيته سيرغي لافروف درجة اتهام المعارضة بقصف ابنائها، ولم يكن هناك في المناسبة لا “نصرة” ولا “داعش” في ذلك الوقت، وهل غاب عنهم الإستخدام المتواصل للغاز الذي صار يلقى مع البراميل المتفجرة؟
باور تقول إن جريمة سرمين نفّذت بواسطة مروحيات والنظام وحده يملك المروحيات، ولكن “يجب ان يقتنع كل أعضاء مجلس الأمن ليُحاسب الفاعلون على أعمالهم”، وهذ لن يحصل لأن الرفيق لافروف مقتنع بأن الأطفال تنشقوا الغاز من مطابخ امهاتهم.
الخبر الثاني يقول إن دموع باراك أوباما تنهال وتكاد أن تشطف المكتب البيضاوي لمجرد التفكير في ان إبنته البكر ماليا [١٦ سنة] ستنتقل قريباً الى الجامعة، وقد اعترف بهذا: “ابدأ بالبكاء وسط النهار ولا أدري السبب لماذا اشعر بهذا الحزن الشديد لمجرد انها ستفارقني”؟
فعلاً غريب وهناك ما يقرب من خمسين ألف طفل سوري فارقوا الحياة امام عيني “بريزيدنت أوماما”.

Related posts

ما الخطر الذي يخشاه الأردنيون؟* د. منذر الحوارات

العرس ديموقراطي والدعوة عامة!* بشار جرار

انشاء سوق طوعي لأرصدة الكربون قد يساعد شباب ريادة الأعمال على إيجاد فرص عمل* د. حازم الناصر