عروبة الاخباري – خاص – كتب سلطان الحطاب لا اترك العقبة الا وارغب ان اعود اليها، فبيني وبينها عشق لا ينتهي وحين ادخلها اشعر انني اعيش الاردن كله بجهاته الاربع، فهذه الثمرة من التاريخ الجغرافي هي محصلة لما كانت عليه العقبة ( ايله) في التاريخ حين كانت تجمع ما بين من جاءوا من اليمن ومن جاءوا من الشام وهذا ما عكسته العهدة المحمدية لاهل ايله وقراها التي ابرمها الرسول ( ص) مع امير ايله وقراها حنّة بن رؤبة الغساني الذي التقاه في تبوك والتي جاء فيها ” انت آمن في برّك وبحرك ومن آويت من اهل الشام واهل اليمن ” .. اذن هذه العقبة التي ازورها والتي رئيس مجلس المفوضين فيها هي امتداد لاهل الشام واهل اليمن الذين جاءهم الهاشميون منذ عبور الشريف حسين لها واقامته فيها .. ثم قدوم المؤسس الامير عبدالله اليها لتقوم الامارة فالمملكة .. وتمتد لنعيش المملكة الرابعة الان بقيادة الملك عبدالله الثاني ..
العقبة التي اولاها الهاشميون عنايتهم ورعايتهم لم يزد عدد سكانها حين وصلها الشريف حسين عن ( 200) نسمة بعد انتشار الطاعون فيها بداية القرن الماضي اي قبل قرن واحد بالضبط ..
العناية الهاشمية بلغت ذروتها بجعل العقبة منطقة اقتصادية خاصة وليست حرة كما صححني الدكتور هاني الملقي وصحح الكثيرين حتى ممن بلغوا من علم المناطق الحرة والخاصة شانا كبيرا .. اذ ان هناك فرق كبير بين التسميتين في الدلالة والمصطلح..
العقبة .. ايله التي حملت اسم ابنة مدين بن ابراهيم عليه السلام والتي ولدت على شاطئها بلغت اوجها زمن اميرها حنّة بن رؤبة وهي تبلغ الان ما كانت بلغته وتزيد بما اكسبها زمن التطور البشري من عمران وازدهار واستثمارات، ولكنها مازالت لم تبلغ طموح القائد الملك عبدالله الثاني والذي افرد لها احد جنوده ليدافع عن الفكرة الاساسية في المنطقة الخاصة ويرعاها ..
استمعت الى الدكتور الملقي لساعتين .. لديه هموم كثيرة يتغلب عليها بادامة العمل والمتابعة، وزرع الافكار الجديدة فهو لا يعود الى عمان الا لحضور اجتماع، وحين سالته ضحك ولم يجب فقلت نيابة عنه: ( اللي بغيب عن عنزه ما بجيب توم ) قال : بلاش هذا المثل لكن قل ان المتابعة ضرورية وان تراجع المنطقة لجهة الفكرة والمضمون والاستثمارات في السنوات السابقة يجعلني وفريقي نبذل جهودا اكبر ..
لقد انطلقت الفكرة قوية وجرى تجسيدها ونجحت ولكن اعتراها الصدأ لبعض الوقت ولم يدرك البعض المطلوب تماما وراحت بعض الامزجة تفرض نفسها ..
الرجل .. الملقي يؤمن بالتراكم والبناء فوق البناء ولا يقلل من جهد احد . بل يذكر للاخرين فضلهم ..
عاشت منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة حالة مدّ وجزر وظل الهاجس ان يتسع فيها الاستثمار وان تبلغ اهدافها التي توختها الخطط . ورغم بعض الضغوط الاجتماعية التي كانت تستهدف بعض مشاريع الاستثمار والتنمية نتاج عدم توفر الوعي الكافي وفشل بعض الادارات في احتواء الحالات المطلبية ونتيجة الثقافة الريعية التي ظل يؤمن بها البعض رغم انعكاس مشروع العقبة الاقتصادية على اهل العقبة الانتقال بهم الى حالة جديدة اكثر مردودا لما اصابوه من ارتفاع اسعار الاراضي وتنظيمها وتوفر مناخات استثمار وعوائد على السكن وازدهار السياحة..
العقبة الان في مرحلة جديدة تستهدف ان تنطلق لمواصلة تحقيق الاهداف.. ويضع رئيس السلطة في ذهنه ثلاثة ابعاد يخضعها للتنفيذ وهي العقبة السياحية والعقبة التجارية والعقبة النقل . وهي ابعاد يخدمها تحديد الاهداف وتوفير كل الوسائل حتى لا تندغم الاولويات ..
فالعقبة هي الميناء الاردني الوحيد وهي لذلك محطة تجارية ومنطلق اساسي للنقل الذي يخدم الاردن والعراق في الدرجة الاولى .. وهي مركز للسياحة في منطقتها القريبة وادي رم والبتراء وحتى هي نفسها ..
تحدثنا عن ذلك طويلا والملقي يمتلك رؤية واضحة . بناها من رؤية الملك .. والرجل لا يريد ان يغرق في التفاصيل فهو لم يات كما عرفت ليصبح رئيس بلدية . ولا محافظ او لممارسة السلطة بمقدار ما يريد ان يواصل اطلاق المشاريع التنموية والاستثمارية وتسهيل التعاطي معها بالقوانين والاجراءات الواضحة وبالتالي تعظيم المردود للعقبة الاقتصادية التي واجهت انحسارات في عديد من الابواب الاقتصادية ورده على المشروع تورط فيها مسؤولان حين عاودوا اختصار العقبة وافقادها لونها ونكهتها وفلسفة اقامة المنطقة الخاصة فيها وذلك عبر السنوات الخمس العجاف الماضية . ولولا الاستدراك الملكي الذي اوقف مدّ التراجع لكنا خسرنا مشروع المنطقة الخاصة ولذا ياتي الدكتور الملقي ليكمل مكارم الاقتصاد والتنمية والاستثمار بالمزيد من ذلك ..
ما زلت اعتقد ان هذا الجسم الاقتصادي الذي سيخرج الى العافية والانطلاق مرة اخرى ليواصل رحلته في دعم الاقتصاد الوطني هو جسم بحاجة الى روح من الثقافة والترفيه والمدنية وهذه الجريمة يمكن ان توفرها سياحة موجهة ومهرجانات وندوات واستثمارات تقدم مدينة اطفال حديثة ومسارح وورشات فنية ومهرجانات وسوى ذلك ليجد المقيم المستثمر في العقبة انه يرغب في المكوث لزمن اطول ..
رايت استثمارات سياحية في زوارق النقل السياحي صاحبت انطلاقتها الجديدة اعفاءات اقرتها سلطة العقبة الخاصة.. كما استهدفت معالجات ادارة سلطة العقبة الخاصة توسيع مظلات الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية . فكان قرار مجلس الوزراء بتوفير تامينات صحية اوسع للعاملين في الميناء من ابناء غزة المقيمين في الاردن . وتحقيق منسوب اعلى من الرضى والانجاز ..
لقد كان للوقفة الحازمة التي مارستها سلطة العقبة الخاصة وبمبادرة متصلة من الدكتور الملقي الاهمية الكبيرة في اجتثاث مخالفات البناء والتعدي على الشوارع بالبسطات وبناء محلات تجارية متعددة الاغراض مخالفة..
وكانت الكلمة التي القاها الملقي في لقاء العقبة الذي عقد اخيرا وغطته الراي وشاركت فيه اطراف عديدة حكومية واهلية في العقبة اهمية كبيرة لانها شخصت الواقع ووضعت الاصبع على مواقع الخطأ ونقدت بمسؤولية وجرأة .. ولذا اعاد الملقي تعريف فرص الاستثمار وتحدث عن المشاريع التي قامت والتي ستقوم ووصف العوائق وكيفية التغلب عليها مؤكدا ان لا مجال للهروب من استحقاقات المرحلة في دعم الاستثمار وتوسيع فرصه وفي اطفاء كل اسباب الاحتجاجات والاضطرابات مهما كانت ذرائعها . مؤكدا على حجم خسارة الاقتصاد الوطني نتاج استمرارها ..
في الاوراق المقدمة كثير من التشخيص ولعل ما اثاره الرئيس التنفيذي لشركة تطوير العقبة من معطيات جاءت لتؤكد على ضرورة مواصلة الانجاز وحسم التساؤلات به ولذا كان الميناء الاساسي وما انجز منه مكسبا ما كان ليتحقق لولا المواظبة والصبر والحرص والاصرار . وهناك مكاسب كبيرة ومشاريع عديدة تعبر عن نفسها الان وباشكال مختلفة ..
فما استمعت اليه من المهندس غسان غانم وما شاهدته من الجولة التي رافقته فيها يشير الى ان الشركة تعاود انطلاقتها التي لم تتوقف لكن بارادة اقوى وبنفس جديد يستند الى التحفيز والثقة الملكية التي يوليها الملك لمن يعملون باخلاص ..
ففي باب المشاريع تواصل شركة المعبر ومشروعها الضخم انطلاقته وقد انجز ايضا مسجد الشيخ زايد كتحفة وتشكلت المرحلة الاولى والهامة من الميناء ويتواصل مشروع سرايا بعد تعثر وبعد ان تمكنت ادارته من انقاذه بمزيد من راس المال وبالعمل على الوفاء بالتزاماتها تجاه المستثمرين الذين ارادوا الانسحاب من شراء الشقق المحجوزة باسمهم ..
اما مشروع ايلة فإنه يتواصل وقد قطع شوطا واضحا وهناك مشاريع عدة للصناعة واللوجستيات وللتعليم كما الجامعة الاردنية في العقبة وكذلك المستشفى الجديد وضاحية تالابي والتوسع السياحي فيها..
والملقي يلقي بالا على المسؤولية الاجتماعية ويحفزها وسط تطبيق صارم للقانون الذي تم الاسترخاء في تطبيقه مما افسد نهج استكمال المشاريع ومنع تعثرها.
العقبة الان تسعى لمزيد من الاستثمارات وينفتح مكتب الملقي على شبكة من العلاقات العربية والدولية وعلى استقطاب اوسع لرجال المال والاعمال..
في زيارتي الأخيرة لاحظت لأول مرة منذ سنوات ومن زيارات عديدة لم تنقطع الانسجام الواضح و “الهرموني” الذي ينظم علاقات السلطات في العقبة بصورة لافتة فهناك انسجام يقف وراء هذه الانطلاقة الجديدة بين السلطات في العقبة وتحديدا بين المحافظة وبين سلطة منطقة العقبة الخاصة. وبين شخص المحافظ وشخص رئيس السلطة وبين السلطة التنفيذية في المنطقة الخاصة والسلطات الامنية والعسكرية في المنطقة الجنوبية، فكل القدرات مسخرة لعمل جماعي ينتظم لصالح ترجمة التوجه الملكي بدون تجاذب او تجذيف او رفع شعارات”تخرب فينا ولا تعمر بغيرنا” التي حاول البعض رفعها.
الانسجام يقود الى سيمفونية العقبة الاستثمارية ويستطيع المايسترو ان ينظم الفرقة لتعزف بكل ادواتها وعلى مختلف اصواتها في حدود الانسجام والمصلحة العليا.
الحديث مع رئيس السلطة أصاب الاستثمارات والمواقع السياحية التي يوليها الملقي اهتمامه فهناك عمل متصل مع الفنادق والملكية وشركات النقل السياحي لبناء سياحة داخلية اقتصادية مزدهرة وفي متناول معظم الاردنيين الذين ظلوا دائما مولعين بالمقارنة مع شرم الشيخ الأكثر انخفاضا في الاسعار.
وقد كان لقائي مع السيد مدير فندق العقبة الانتركونتننتال “مازن ابو سخا” قد وضعني في صورة واقع الاشغال في الفنادق وموسم السياحة والمطالب التي يريدها القائمون على السياحة حتى تزدهر وتعبر الى موسمها بنجاح، وثقة وقد رأى المدير العام ان فرصة متأتية الان لذلك من خلال التغيير الذي حدث في المنطقة الاقتصادية وتعيين ادارة جديدة اخذت بعين الاعتبار وضع السياحة وساهمت في تخفيض بعض الرسوم والعوائد والاقتطاعات وهناك نفس جديد يجري البناء عليه..
ما زالت الشكاوى من المستثمرين في مجالات الصناعة واللوجستيات والنقل قائمة رغم تقديم حلول واضحة تأخذ الان مداها ومفعولها فميناء الحاويات تطور الاداء فيه بادارة جديدة ومؤسسة الموانئ تنتظر استكمال التغيير فيها..
لقد سببت المماطلات وبطء اجراءات الحكومات المركزية وارتباك قراراتها الكثير من المشاكل خاصة حين جرى دمج الجمارك في العقبة بالجمارك الوطنية المركزية وهو خطأ أكد عليه الكثيرون ويقع عليه ما يقرب من الاجماع. لان فصل الجمارك كان يميز العقبة الاقتصادية الخاصة وكان يمكن للقرار اللامركزي او داخل العقبة ان يحل كثير من المشاكل التي لا يحلها القرار المركزي حين يكون بعيدا في العاصمة وتكثر عليه الافتاءات.
وجهاء العقبة بدأوا الان متعاونين مع الادارة الجديدة ومتفهمين لما بدأت تعمل عليه سيما وان لديهم ملاحظات عديدة على عمل ادارات سابقة همشت دور المجتمع المحلي وأحدثت حالات من التسيب الذي لم يرتبط بادارة محددة.
وكان لي لقاء مع السيد زياد الشويخ النائب السابق ورجل الاعمال العقباوي المعروف والذي امتنع عن التعليق واكتفى بالقول نحن عضد ومساعدي من يعمل من اجل العقبة ولن نقف حجر عثراء في وجهه .
وحين كنا نقول رأينا الذي اثبت صوابه كان البعض يغضب اننا بانتظار مرحلة جديدة نعلق عليها الاهمية شريطة ان يتواصل العمل وتختفي كل الظواهر السلبية ويجري ابعاد الذين كانوا دائما يزينون العمل دون انجاز.
الملك عبدالله الثاني الذي يقصد العقبة باستمرار يضع عينه على تطويرها باستمرار ولذا فإن من يتولون الامور هناك هم في امتحان مستمر ويستطيعون بالعناية الملكية والدعم في انفاذ المشاريع والقرارات ان يحققوا الكثير وهذا ما نتوقعه لهذاه الادارة ومن هذه الادارة.