عروبة الإخباري – رغم التأكيد على أن المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني في تقدم، إلا أن المجتمعين في لوزان السويسرية أنهوا ساعات مساء أمس بالتأكيد على أنها “طويلة وصعبة ومعقدة”، مشيرين إلى أن ذلك سيؤجل حسم الموضوع، مع تمديد المفاوضات لينهي المتباحثون الليل مارثون البحث عن اتفاق.
وأعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف مساء أمس انه تم احراز ما يكفي من التقدم لمواصلة المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني اليوم.
وقالت هارف “حققنا ما يكفي من التقدم خلال الايام الماضية ليستحق الامر البقاء حتى الاربعاء (اليوم)”، لكنها تداركت انه ما يزال هناك “العديد من المواضيع الصعبة”.
كما أكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس مساء أمس ان المفاوضات حول البرنامج النووي الايراني “تتقدم” لكنها “طويلة وصعبة ومعقدة”، فيما قال المفاوض الايراني حميد بائدي نجاد انه ما تزال هناك مسائل “لم تحل”.
وأوضح أن إيران مستعدة لمواصلة المفاوضات مع القوى الكبرى في لوزان.
وصرح المفاوض للصحفيين “ما يزال هناك مسائل لم تحل. إننا نركز على هذه المسائل. تم اقتراح حلول على الأطراف وأدلى هؤلاء بتعليقاتهم. هناك تبادل للاراء لكن العملية يجب ان تستمر حتى الوصول الى حل”.
وكان مسؤول أميركي أعلن في وقت سابق ان مفاوضات لوزان يمكن ان تتواصل اليوم اذا تم احراز تقدم.
واضاف “ستنتهي المفاوضات حين يتم ايجاد الحلول. نحن مستعدون للاستمرار. لسنا محددين بساعات. الجميع يعتقدون ان الجهود يجب ان تتواصل حتى الوصول الى اتفاق”. وعليه تتواصل المفاوضات الصعبة قبل ساعات من انقضاء مهلة محددة للتوصل الى تسوية تاريخية.
وعاد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس الى لوزان التي كان غادرها أول من أمس للانضمام الى نظرائه في مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين بالاضافة الى المانيا)، وسط معلومات شحيحة عن تقدم المباحثات في اجواء محمومة تزداد سخونتها مع اقتراب مهلة منتصف ليل أمس.
في هذه الاثناء، اعلن مسؤول اميركي كبير أمس ان المفاوضات في لوزان حول البرنامج النووي الايراني قد تتواصل اليوم اذا تم احراز تقدم.
وقال المسؤول في الخارجية الاميركية ان “خبراءنا ودبلوماسيينا يعملون من دون كلل لنرى اذا كنا قادرين على التوصل الى اتفاق. سنواصل بالتأكيد العمل اذا واصلنا احراز تقدم وصولا الى الغد (الأربعاء) اذا كان ذلك مفيدا”.
من جانبه صرح المتحدث باسم المنظمة الايرانية للطاقة الذرية بهروز كمال وندي للصحافيين ان المفاوضات الماراتونية حول الملف النووي الايراني تتقدم لكن “ببطء”.
وقال المسؤول الايراني “نتقدم لكن ببطء. فنظرا الى الطابع المعقد للمسائل وواقع ان الامر يتعلق بالدراسة النهائية للمواضيع، فان ذلك يجري ببطء”.
وكان مصدر دبلوماسي قال في وقت سابق “لم تحل الامور”، مضيفا ان المحادثات ستتواصل وانه ما يزال من الممكن التوصل الى اتفاق.
وصرح مصدر آخر قريب من المفاوضات “آمل في ان نتوصل الى شيء ما اليوم (أمس)”، واصفا اجواء المحادثات بانها صعبة على الدوام.
ومن المفترض ان تتوصل الدول الست الكبرى (الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا والصين وفرنسا والمانيا) مع إيران الى تسوية اولية اساسية في ملف بالغ التعقيد يلقي بثقله على العلاقات الدولية منذ 12 عاما.
والهدف هو التثبت من عدم سعي إيران لحيازة القنبلة الذرية، لقاء رفع العقوبات الدولية التي تخنق اقتصادها.
واذا كان استحقاق 31 آذار(مارس) لا يمثل الفرصة الاخيرة، الا انه محطة اساسية من اجل مواصلة المحادثات سعيا للتوصل الى اتفاق تاريخي كامل يحسم كل التفاصيل التقنية بحلول 30 حزيران(يونيو).
واشار المفاوضون من الجانبين الى ان الفشل في التوصل الى اتفاق أمس لا يعني تلقائيا القطيعة ونهاية كل المفاوضات.
غير ان الجميع متفقون على ان الوضع سيكون أكثر تعقيدا وصعوبة بكثير، ولا سيما بسبب الضغوط الداخلية في الولايات المتحدة وإيران، حيث سيعزز فشل مفاوضات لوزان موقف المعارضين لاي اتفاق في واشنطن وطهران.
ولليوم الثالث على التوالي تحدث رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس محذرا من ان التوصل الى اتفاق حول الملف النووي الإيراني “سيمهد الطريق” أمام طهران للحصول على السلاح النووي.
وقال في خطاب أمام البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) “أكبر تهديد لامننا ومستقبلنا كان وسيبقى محاولة إيران حيازة اسلحة نووية. الاتفاق الذي تجري صياغته في لوزان يمهد الطريق نحو هذا الهدف”. وتعهد نتنياهو ان “تقوم إسرائيل بكل ما بوسعها لضمان امننا ومستقبلنا”.
كما حذرت السعودية أمس من ان إيران لن يكون بامكانها الحصول على فوائد من اتفاق نووي محتمل مع القوى الكبرى من دون التعاون مع جيرانها العرب في الخليج.
ووجه هذا التحذير وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، الذي طالب في اجتماع مجلس الوزراء بحسب ما اوردت وكالة الانباء السعودية الرسمية “دول (5+1) بأن تسعى أولا لتحقيق التوافق بين إيران والدول العربية، بدلا من الالتفاف على مصالح دول المنطقة لاغراء إيران بمكاسب لا يمكن أن تجنيها إلا إذا تعاونت مع دول المنطقة”.
وقبل ان يغادر موسكو ابدى لافروف تفاؤله، معتبرا ان احتمالات التوصل الى اتفاق “جيدة”.
وقال “لا شيء مؤكدا مئة بالمئة لكن الفرص كبيرة اذا لم يرفع أي من الاطراف المشاركين سقف مطالبه في آخر لحظة”.
والمفاوضات مستمرة في لوزان منذ ستة ايام ليل نهار. وبعد ماراثون دبلوماسي غير مسبوق مستمر منذ 18 شهرا، تصطدم دائما بنقاط مهمة.
والمطلوب في المقام الأول تحديد مدة الاتفاق، اذ تطالب الدول الكبرى بتحديد اطار صارم لمراقبة النشاطات النووية الإيرانية وخصوصا في مجال البحث والتطوير لمدة لا تقل عن 15 عاما، غير ان ايران ترفض الالتزام بأكثر من عشر سنوات.
كما ان مسألة رفع عقوبات الأمم المتحدة ما تزال تشكل نقطة خلاف كبيرة. فايران تريد ان يتم الغاؤها فور توقيع الاتفاق الا ان القوى الكبرى تفضل رفعا تدريجيا للعقوبات الاقتصادية والدبلوماسية التي يفرضها مجلس الامن الدولي منذ 2006.
وفي حال رفع بعض هذه العقوبات، فان بعض دول مجموعة 5+1 تريد الية تسمح باعادة فرضها بشكل سريع في حال انتهكت ايران التزاماتها، كما افاد دبلوماسي غربي.
وحضت ماري هارف المتحدثة باسم الخارجية الاميركية مساء أول من أمس المفاوضين على اتخاذ قرارهم وقالت “حان الان وقت القرارات (…) حان وقت ان نقول نعم او لا”.
واضافت “قلنا ان 31 آذار(مارس) حد اقصى. ينبغي ان يعني ذلك شيئا. القرارات لن تكون اسهل بعد 31 من الشهر. اذا لم نتوصل الى توافق سيتعين علينا ان ننظر الى الطريق امامنا ونرى اين نحن. وبعدها نتخذ القرارات”-