عروبة الإخباري – يستذكر الأردنيون اليوم الذكرى الـ47 لمعركة الكرامة، التي يحتفل بها في مثل هذا اليوم من كل عام، لتعود الذكرى محملة بمعاني الانتصار، والألق من جديد، مبرهنة على أن للنصر على العدو الطامع الغادر، طعما رائعا.
فقبل 47 عاما كان الأردنيون على موعد مع النصر المؤزر في يوم الكرامة، يوم هلل الجند وكبروا: الله أكبر، وكان القائد المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، يحث الشعب والجنود الأبطال على الصمود والنصر.
في ذلك اليوم، استشرف الحسين العظيم، روح الانتصار على العدو في معركة خاضها الجيش العربي الباسل.. جيش الكرامة، ويومها اعتبر اغلى الرجال، يوم الكرامة، أعز مناسبة وطنية على قلوب الأردنيين، فربطها بانتصارات الأجداد الفاتحين، وأثنى على الرجال الأبطال وتضحياتهم وانتصاراتهم في الكرامة.
يقول العميد الركن المتقاعد حافظ الخصاونة انه “في الحادي والعشرين من آذار (مارس) وقبل 47 عاما، شهدت أرض الرباط والمرابطين أعنف المعارك مع عدوٍ متغطرس، امتلك العدة والعتاد، واختال بصلفه وغروره وغطرسته، ورفع أنفه بعد نشوة حزيران (يونيو) 67، ليمد جسور وهم وخيال، ويضع سيناريوهات لتوسيع حدود كيانه وتحقيق أحلامه”.
ويضيف الخصاونة “في تلك الليلة الآذارية، زحفت قوات العدو بصمت بعد اعتداءات على طول جبهتنا الغربية، لم تتوقف منذ حرب عام 1967، بهدف تنفيذ مخططاته، محيطا نفسه بهالة من العنجهية والغرور”.
في الساعة الخامسة يوم الخميس من الحادي والعشرين من آذار (مارس) 1968، قطع صوت السكون هدير عجلات المجنزرات والشاحنات المدججة، والطائرات المحلقة فوق سماء الكرامة، معلنة بدء هذا اليوم لكل عربي. ويضيف أنه بعد “الانتكاسات المتلاحقة للامة، حاولت قوات الجيش الاسرائيلي السيطرة على الضفة الشرقية، بهدف التحكم بجبال السلط الابية، لكن ابناء العشائر في قرية الكرامة، التحموا جنبا الى جنب مع قوات الجيش الأردني الباسل، لصد ذاك العدوان الغاشم الظالم، فلقنوا العدو درسا لا ينسى في فنون القتال ومهارات المناورة بصد اي هجوم، لانهم يعلمون ان هذا اليوم هو “من أجل الكرامة”، فكان لهم ما ارادوا، وكانت لهم الرفعة برغم انف الظالمين”.
ويقول الخصاونة ان “القوات المسلحة تكونت حينها من: الفرقة الثانية وسلاح المدفعية، في حين كانت قوات العدو تتكون من ثلاثة ألوية مدرعة، وثلاثة ألوية مشاة محمولة، وكتيبة مظليين، وعدة أسراب من سلاح الجو”.
وفي هذا اليوم، التحق بقافلة الشهداء الخالدة من قواتنا الباسلة 86 شهيداً، وجرج 108 جنود، ودمرت 13 دبابة و39 آلية مختلفة، أما في صفوف العدو فسقط 250 قتيلاً و450 جريحاً، ودمرت 88 آلية مختلفة، شملت 27 دبابة و18 ناقلة و24 سيارة مسلحة و19 سيارة شحن و7 طائرات مقاتلة”.
ويؤكد على ان هذا اليوم “سيبقى خالداً في قلوب الملايين، بحيث كان من أجل الكرامة”، مبيناً ان الاعتزاز الهاشمي يبقى متواصلا بالإشادة بتضحيات الجنود الشجعان الذين سطروا يوم عز وفخر للأردن.
ويقول العميد الركن المتقاعد محمد العلاونة، ان المعركة “جسدت أهمية إرادة الجندي العربي، التي كانت ذات كفاءة عالية وساهمت بفعالية في الحسم العسكري، كما وأبرزت أهمية الإعداد المعنوي، بحيث كان هذا الإعداد على أكمل وجه، فمعنويات الجيش العربي مرتفعة اذ ترقبوا يوم الثأر والانتقام من عدوهم، وانتظروا ساعة الصفر بفارغ الصبر للرد على الظلم والاستبداد”.
ويضيف العلاونة ان “المعركة ابرزت حسن التخطيط والتحضير والتنفيذ الجيد للجيش العربي، وأظهرت أهمية الاستخبارات، اذ لم ينجح العدو بتحقيق عنصر المفاجاة، نظراً لقوة الاستخبارات العسكرية الأردنية، التي كانت تراقب الموقف عن كثب، وتبعث بتقاريرها لذوي الاختصاص، بحيث تمحص وتحلل النتائج، فتنبأت بخبر العدوان الاسرائيلي، ما اعطى فرصة للتجهيز والوقوف في وجهها”.
ويوكد العلاونة ان الجيش العربي سطر في معركة الكرامة اروع البطولات والانتصارات، وستظل هذه المعركة الخالدة في زمانها ومكانها منحوتة في ذاكرة الأردنيين، لانها جعلت من وحدة الدماء التي سالت على أرض فلسطين والأردن، ذكرى عز وفخار ورمزا لطهر الشهادة في سبيل القضية، التي حمل الهاشميون امانة الدفاع عنها، مقدمين اروع الامثلة في التضحية والفداء.
ويختتم العلاونة قائلا ان “يوم الكرامة كان يوماً اغر في تاريخ العسكرية العربية بشكل عام والأردنية بشكل خاص، اثبت فيه الجندي الأردني قدرته على تحمل الصعاب وانتزاع النصر، وكفاءته في القتال خلال احلك الظروف”.