راجح الخوري/عبدالله بدأ بقصف البيت الأبيض؟

لم ينتظر الملك عبدالله العودة الى الأردن ليبدأ القتال ثأراً للطيار معاذ الكساسبة، بدأ القصف في واشنطن وعلى البيت الابيض تحديداً وببراعة مثيرة تماماً، عندما قال غاضباً جداً أمام السناتور دونكن هنتر: “نعم نحن ذاهبون الى هناك لمعاقبة داعش، لكن مشكلنتا الوحيدة هي خشيتنا ان يَنفد وقودنا ورصاصنا”، وذلك ليس في إشارة الى الضرورة القصوى للدعم اللوجستي فحسب، بل في اشارة ضمنية الى ميوعة موقف ادارة باراك أوباما وعدم وجود إستراتيجيا فاعلة وقوية لمواجهة الارهابيين.

وسواء شارك الملك عبدالله، وهو طيار بارع، في الغارات على داعش كما تردد أو لم يشارك، فإن انتقاده الضمني لأوباما كان أشبه بقنبلة في الكونغرس حتى قبل ان يقطع زيارته عائداً، لقيادة بركان الغضب الاردني الذي اثارته الجريمة الوحشية بإحراق ذلك الطيار البطل، الذي واجه النار مُنتصبُ القامة وبنظرة لا توصف فيها من الاحتقار للقتلة ما لا تستطيع اللغة التعبير عنه.
الاعضاء الـ ٢٦ الجمهوريون والديموقراطيون في لجنة القوات المسلحة أجمعوا على “ضرورة ان نتحرك بسرعة لضمان ان يحصل الاردن ودول الائتلاف على العتاد العسكري الذي تحتاج إليه”، وقد بعثوا برسالة الى “البنتاغون” تطلب الإسراع في تزويد الأردن قطع غيار الطائرات والمعدات اللازمة.
المثير هنا انهم بدوا كأنهم من كوكب آخر، عندما قالوا إنهم فوجئوا وقلقوا من قول الملك عبدالله إن بلاده تواجه تعقيدات وتأخيراً في الحصول على أنواع معينة من المعدات نتيجة البيروقراطية في “البنتاغون”، لكأنهم لم يسمعوا مثلاً صراخ حيدر العبادي منذ أشهر وهو يطالب بدعم القوات العراقية التي يعاد بناؤها في سياق الحرب على “داعش”!
وفي حين سارع البيت الأبيض الى الإعلان انه سيدعم أي جهود اضافية من الاردن في الحملة العسكرية، تذكّر الكثيرون ما سبق لأوباما ان قاله في ٢٠ آب من العام الماضي بعد ذبح الصحافي جيمس فولي، من انه سيصعّد عملياته ضد التنظيم الارهابي وانهم سيدفعون ثمن جرائمهم، لكن الذبح لم يتوقف مذذاك ووصلت السكاكين أخيراً الى عنقي اليابانييّن قبل حرق معاذ، فيما كانت الشكوى من بطء الأميركيين وعدم جديتهم تعلو هدير المقاتلات.
بعد سقوط الموصل قال اوباما للعراقيين لكي يوحدوا صفوفهم “ان الذئب يقف عند الباب”، ومع قيام ائتلاف الـ ٤٠ دولة ضد الأرهابيين تصوّر كثيرون ان الحملة على “داعش” ستحقق نتائج سريعة وتوقف زحفه الدموي. ولكن بعد سبعة اشهر من الحرب والبيانات عن عمليات القصف، سمع الكونغرس من الملك عبدالله كلاماً بدا كأنه لم يكن معلوماً، بما يؤكّد مرة جديدة ان البطء وعدم وجود استراتيجيا قوية لمواجهة الارهابيين قد يضعان الذئب على أبواب البيت الأبيض!

Related posts

ما الخطر الذي يخشاه الأردنيون؟* د. منذر الحوارات

العرس ديموقراطي والدعوة عامة!* بشار جرار

انشاء سوق طوعي لأرصدة الكربون قد يساعد شباب ريادة الأعمال على إيجاد فرص عمل* د. حازم الناصر