سقط نوري المالكي أو أسقط من قمة هرم السلطة في بغداد، كان من أشهر فتاويه وهو رئيس وزراء العراق المؤيد من طهران “بأن القبلة كربلاء، وأن جيشه ومليشياته التي تحارب عرب العراق بأنهم يمثلون جيش الحسين في مواجهة جيش يزيد “، لقد شبع قتلا في أهل العراق الشقيق، وفي عهده اكتظت السجون بالرجال والنساء من عرب العراق لا لذنب اقترفوه في حق وطنهم وإنما لأنهم طالبوا بالحرية والعدالة والمساواة والمحافظة على عروبة بلادهم أرضا وسيادة وموارد. لقد شرّد المالكي غضب الله عليه آلاف العراقيين من منازلهم ومن وطنهم العراق بحثا عن الأمان وسلامة الأسر.
ثمانية أعوام لم يستقر العراق في عهد نوري المالكي، دماء تسيل كل دقيقة بيد مليشيات حزب الدعوة الذي يقوده المالك إبان حكمه للعراق، ومن قبله الجعفري أرانا الله فيه عجائب قدرته، يعينهم في ذلك حزب الحكيم منظمة بدر، ومليشيات حزب الله العراقي، ومليشيات عصائب “أهل الحق” الباطل، وغيرهم من الفرق الشعوبية الطائفية الحاقدة، وفوقهم قاسم سليماني الإيراني يعد الخطط ويجهز السلاح والتدريب لمقاتلة عرب العراق الشقيق.
في زمان المالكي والجعفري نُهب العراق مالا وموارد وسلاحا واستبيحت الساحة العراقية من قبل إيران بموافقة حزب الدعوة وكل الأحزاب الشيعية المؤيدة من إيران حتى الذاكرة التاريخية لحضارة بلاد الرافدين العريقة قد سرقت وبيعت في الأسواق العالمية بأبخس الأثمان لأن من استولى عليها نهبا من متاحف العراق لا يعرف القيمة التاريخية لكل قطعة وقعت بيده.
(2)
منذ احتلال العراق عام 2003 والحدود العراقية العربية محكمة الإغلاق من قبل دول الجوار العربي، بينما الحدود بين العراق وإيران مفتوحة على امتدادها دون رقيب وعن طريق تلك الحدود مع إيران دخل كما يقول أصحاب الحق من العراقيين أن هناك ما يزيد على 8 ملايين إيراني دخلوا العراق بهدف تغيير هيكل التركيبة السكانية لصالح غير العرب وأهل السنة على وجه التحديد. كانت المقاومة العراقية للاحتلال الأمريكي والإيراني على أشدها لكنها لا تجد نصيرا لها من العرب، وعندما غادر الأمريكان العراق وأبقوا على بعض قواتهم هناك، برز النفوذ الإيراني بأجلى صوره في العراق الأمر الذي جعل الأمير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة العربية السعودية مخاطبا الإدارة الأمريكية يقول “إنكم تسلمون العراق كله لإيران دون مبرر (21 / 9 / 2005) “.
(3)
خرج المالكي مرفوضا من كل القوى العراقية، ولكنه كوفئ بمنصب نائب رئيس الجمهورية العراقية وهو مركز سيادي. والسؤال من حل محل المالكي الحقود على عرب العراق؟ والحق أنه لم يتغير شيء في الموازين، السيد حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي الجديد جاء من رحم حزب الدعوة الذي قاد العراق منذ عام 2003 وحتى اليوم إلى كوارث سياسية وإنسانية وسلم العراق برمته للهيمنة الإيرانية وما لم يستطع السيد العبادي قوله في الشأن العربي تبنيا لمبدأ التقية يقوله نوري المالكي كما حدث في الأسبوع الماضي عندما أدان المالكي بصفته نائب رئيس الجمهورية العراقية اعتقال السلطات البحرينية زعيم حركة الوفاق البحرينية الشيعية الشيخ علي سلمان، وفي شهر يوليو الماضي تعرض مقر سكني لقوى حرس الحدود السعودي في منطقة الشمالية “جديدة ــ عرعر” لأكثر من ثلاث قذائف صاروخية انطلقت من الحدود العراقية.
المليشيات الشيعية التي تتلقى أوامرها من المعتمد الإيراني قاسم سليماني في بغداد مابرحت تمطر عرب العراق في الأنبار ونينوا وغير ذلك من المناطق التي يغلب عليها التواجد العربي بكل أنواع الأسلحة الفتاكة تحت ذريعة محاربة الإرهاب وكان تلك المليشيات الطائفية التي أتينا على ذكرها لا تمارس الإرهاب بعينه.
(4)
السؤال الذي يطرح نفسه على النخب الحاكمة في دول مجلس التعاون.. ما الذي تغير في السياسة العراقية تجاه دول المجلس أولا وثانيا تجاه عرب العراق؟ مابرحت الحرب قائمة ضد أهل السنة في العراق، وما برحت السجون العراقية مكتظة بالأبرياء منهم، ومازال التمييز الطائفي على أشده ومازال التحشيد المسلح “الحشد الشعبي” من قبل حزب الدعوة الحاكم يشتد ضراوة على عرب العراق، بالأمس انطلقت من الحدود العراقية جماعة مسلحة إرهابية همها الإخلال بأمن وسلامة المملكة العربية السعودية، والمالكي يهدد الحكومة البحرانية لاعتقال بعض أفراد الطائفة الشيعية توافقا مع إيران، وفوق هذا كله تتساعى دول مجلس التعاون الخليجي لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين عواصم خليجية وحكومة حزب الدعوة في بغداد علما بأن المليشيات الطائفية تحارب في سوريا إلى جانب نظام بشار الأسد الذي يدمر الأخضر واليابس في أرض بلاد الشام.
آخر القول: إنني أناشد قيادات مجلس التعاون الخليجي عدم التسرع في عودة العلاقات الدبلوماسية بين عواصم الخليج العربية والعراق حتى يقدم حزب الدعوة الحاكم في بغداد برنامج عمل محدد المدة بالاستجابة لمطالب عرب العراق وإخلاء السجون من الأبرياء وتحديد علاقة العراق بإيران دون مواربة ولا لبس، وإلغاء سياسة الاجتثاث والبند أربعة إرهاب وتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الكل من أهل الخبرة والعلم بدلا من وزراء الطوائف والمحاصصة وتجديد جوازات العراقيين الذين هجروا العراق بعد 2003 وإلغاء بطاقة الهوية وجواز السفر لكل من منحت له بعد عام 2003 ما لم يكن مولودا لأبوين عراقيين لا لبس في أصولهما العراقية.