علي بدوان/ نتانياهو ووظيفة الانتخابات المُبكّرة

ستجري الانتخابات البرلمانية المُبكّرة للكنيست (البرلمان) العشرين في إسرائيل، ستجري في 17 آذار (مارس) المقبل، وعنوانها الرئيسي يتمثل في الصراع بين بنيامين نتانياهو ومعه حزب «الليكود» في مواجهة مجموعات الأحزاب المعارضة بما في ذلك الشركاء الذين تم إقصاؤهم مؤخراً (حزب يوجد مستقبل + حزب الحركة).

يريد نتانياهو ان تكون هذه الانتخابات استعراضية في مواجهة معارضيه، فقد حدّد الاتجاه الذي ستدور حوله حملته الانتخابية، بإعلانه أن الانتخابات ستكون حول من يدير الدولة، لتكون بمثابة «استفتاء عام» على شخصه، على رغم أن الانتخابات لرئاسة الحكومة ليست مباشرة، إنما هي للأحزاب التي يفوز زعيمُ أكبرها عادةً بمنصب رئيس الحكومة، وهو ما يتوقعه نتانياهو الذي يأمل بالفوز بحكومة يمينية مقبلة سيكون فيها نصيب حزب «الليكود» مُتميزاً عن الدورة الانتخابية السابقة للكنيست.

من المؤكد أن خطوة نتانياهو بالدفع نحو الانتخابات المُبكّرة تتسم بأهمية سياسية خارجية كبيرة لإرسال الرسائل الى الخارج وخاصة الى الإدارة الأميركية وبعض دول غرب أوروبا، بأنه ما زال الرجل القوي في إسرائيل، وإن حزب «الليكود» سيبقى قائداً للائتلاف الحكومي بسياساته المعروفة تجاه القضايا الأساسية المطروحة والمتعلقة بالعملية السياسية التفاوضية مع الفلسطينيين، وهي العملية الغارقة في الأوحال.

إن نتانياهو بفجاجته، وسعيه الى حكومة يمينية مقبلة مُتماسكة وأكثر تطرفاً، يُريد نزع حتى ورقة التوت من حكومته الحالية، والمُتمثلة بحزبي (يش عتيد/يوجد مستقبل) وحزب (الحركة) الليبراليين. ورقة التوت التي سترت عورة الحكومة الأشد يمينية في تاريخ إسرائيل والتي تضم ثلاثي التطرف (نتانياهو وأفيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت)، فضلاً عن العديد من وزراء من أحزاب الليكود والبيت اليهودي وإسرائيل بيتنا).

وعليه يعتقد نتانياهو أنه سينجح في خطواته التالية، حيث يسعى إلى تتويج حزب الليكود في الانتخابات المُقبلة كأكبر الأحزاب أصواتاً لينال التَرَشُح (بدعم أحزاب اليمين واليمين المُتطرّف) لرئاسة الحكومة، مُتوجاً ملكاً للدولة العبرية، على وزن ديفيد بن غوريون وأترابه.

وهنا نشير إلى أن استطلاعات الرأي الأخيرة التي جرت في إسرائيل والتي نُشِرت نتائجها في الصحف الإسرائيلية، تشير الى أن تكتل أحزاب اليمين المُتشدّد سيواصل السيطرة على غالبية مقاعد البرلمان المقبل، إذ يُتوقع أن يحصل حزب الليكود على 22 مقعداً (18 في الكنيست الحالية)، يليه حزب (البيت اليهودي) الأكثر تطرّفاً بزعامة نفتالي بينيت بـ 17 مقعداً، أي بزيادة خمسة مقاعد، ثم حزب (إسرائيل بيتنا) بـ 10 الى 12 مقعداً، ليشكلوا معاً كتلة برلمانية يتوقع ان يصل عددها الى 51 مقعداً (من مجموع 120). ويتوقع أن ينضم إلى هذه الأحزاب الحزبان الدينيان المتزمّتان (شاس وحزب يهوديت هتوراه) بـ (15 الى 17) مقعداً. وتعني هذه الأرقام أن فرصة تشكيل نتانياهو حكومة يمينية مُتطرفة جديدة ستكون سهلة. وهي حكومة ستعود إلى أجندات حكومات اليمين الأكثر تطرفاً، فتزيد موازنة الأمن والجيش، وتعزز عمليات التهويد والاستيطان في القدس والضفة الغربية، وترفع منسوب القمع الموجه ضد الفلسطينيين حتى داخل حدود العام 1948.

كما أشارت نتائج الاستطلاعات إياها، الى تراجع شعبية أحزاب الوسط الثلاثة، خصوصاً حزب «يش عتيد» (يوجد مستقبل) بزعامة يئير ليبيد (من 19 مقعداً إلى تسعة)، و»الحركة» بقيادة تسيبي ليفني (من ستة مقاعد إلى أربعة)، وحزب العمل (من 15 إلى 13 مقعداً فقط)، مع توقع اختفاء حزب «كاديما» برئاسة الجنرال شاؤول موفاز.

بالمحصلة، إن نتنياهو لاعب سياسة حتى درجة المقامرة، يريد انتخابات استعراضية، يخوض خلالها معركة كسر العظم مع خصومه السياسيين والحزبيين، لإعادة إنتاج حكومة يمينية متطرفة أكثر تماسكاً، من دون منغصات تعطل قراراته وسطوته وسياساته، ومن دون أن تمس شخصيته القيادية في إدارة الحكومة وإدراة دفة الموقف الإسرائيلي تجاه الاستحقاقات الموضوعة على الطاولة مع استمرار انسداد أفق العملية السياسية في المنطقة.

* كاتب فلسطيني

Related posts

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري

ما الخطر الذي يخشاه الأردنيون؟* د. منذر الحوارات