سناء عاصم/سلام عليه يوم ولد

يحتفل العالم بميلاد السيد المسيح عليه السلام، فتضاء أشجار الميلاد، وتزين البيوت وتزدهر الفرحة بهذا اليوم في أرجاء العالم.. ونحن حين نستذكر هذا اليوم انما نستذكر المعجزة الالهية في ميلاد سيدنا عيسى عليه السلام والتي سطرها القرآن الكريم بالتفصيل منذ الحمل وحتى المخاض فالميلاد، ومعجزة تكلمه في المهد.. فميلاد السيد المسيح هو أحد أيام الله المشهودة قال تعالى:
( وذكّرهم بأيام الله)
أننا نتفق مع المسيحيين في ان ميلاد المسيح عليه السلام معجزة الهية..وأن يوم ميلاده عيد للبشرية جمعاء، ذلك أن سلسلة الأنبياء هي السلسلة التي تحمل رسالة الله للعالمين، وهي التي تضيء للبشرية دروب الخير والهداية.
نقف مع هذه الذكرى لننشر مبادئ التعايش والتصالح والود والتسامح مع الاخرين.. فنحن لسنا أوصياء على خلق الله.. والاسلام دعانا للتعامل مع بني البشر بالحسنى ما لم يناصبونا العداء، وهذا التعامل يكون على اساس الاخوة الانسانية قال تعالى:(وقولوا للناس حسنا) بغض النظر عن ديانتهم ومعتقداتهم.
يقول سيدنا علي كرم الله وجهه:
(الذنب الذي لا يُغفر هو ظلم الناس بعضهم لبعض)
ان علينا أن نعيش بسلام رغم اختلاف المعتقد، وأن نقدس أنبياء الله جميعا لأنهم يدعون الناس الى القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة..(لا نفرق بين أحد من رسله).
وتتجلى صور التعايش في بلادنا حين نعلم أن النصارى يهنئون المسلمين بأعيادهم، ويزورون جيرانهم وأصدقاءهم من المسلمين، وكذلك يفعل المسلمون، بل يصل الأمر في بعض مدننا أن المسيحيين يقيمون للمسلمين في شهر رمضان المبارك موائد الافطار، ويحترمون الصائمين في نهار رمضان فلا يأكلون أمامهم، مراعاة لحرمة شهر الصيام..
وأن احدى المدن الاردنية يبنى فيها مسجد فيسميه المسلمون (مسجد المسيح عليه السلام) تأكيدا على التعايش مع جيرانهم من المسيحيين.. وترسيخا لمبدأ أخوّة الأنبياء جميعا.
ولا غرابة أن يصل التعايش بين المسلمين والمسيحيين الى درجة أن يُسلّم المسيحيون مفاتيحَ كنيسة القيامة لأسرة مسلمة من أهالي القدس لتقوم على رعايتها..
وهاهو الشاعر المسيحي السوري ( جاك شماس) يشارك في مسابقة البردة في الامارات ويمتدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقصيدة تعبق بالحب وعندما سئل عن سر عشقه لنبينا صلى الله عليه وسلم قال:(كيف لي ألا أعشق إنسانا بهذا المستوى النبيل من الانسانية والخلق..)؟
وهاهو جورج جرداق الشاعرالمسيحي اللبناني يؤلف موسوعة عن سيدنا علي كرم الله وجهه من خمسة أجزاء يُجلي فيها عظمة الاسلام وعدالته ويبهر علماء المسلمين بما كتبه عن الاسلام وعظمة منهجه وتسامحه.
هذه صور مضيئة من تجليات التسامح والتعايش تكشف لناعظمة الاسلام ونظرته السمحة لأصحاب الديانات السماوية..
فلماذا يعتقد البعض أن العلاقة بين الاسلام والمسيحية هي صراع ينتهي باقصاء الآخر أو الغائه ويغذي فكرة التطرف مع أن امكانية التعايش بين الاسلام والمسيحية موجودة منذ العهد النبوي وحتى يومنا هذا..
وبماذا نفسر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اعتبر ايذاء الذمي من أهل الكتاب ايذاءً له فقال: (من آذى ذميّا فقد آذاني..)..؟
ووصية أبي بكر الصديق لجيش الفتح الى بلاد الشام:(لا تقتلوا طفلا ولا شيخا كبيرا ولا امرأة ولا تقطعوا شجرة..واذا مررتم بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم)
لدينا نقاط كثيرة يمكن أن نلتقي عليها ونتعايش على أساسها..
والاسلام حين أباح الزواج من أهل الكتاب انما هو تطبيق لمبدأ التعايش والتسامح وقد تزوج كبار الصحابة نساء من الديانة النصرانية كسيدنا عثمان رضي الله عنه
انها دعوة لنا أن نعيش التسامح بأبهى صوره، وأن نعرّف ابناءنا بهذه الذكرى.. وهذه المعجزة المذكورة في القرآن، معجزة ميلاد المسيح عليه السلام.. ولا يصح ان نتجاهل هذه الذكرى بدعوى انها لا تخصنا انما تخص المسيحيين وحدهم.. اذ يشكل هذا التجاهل الارضية الملائمة للعداء والتعصب.. والاسلام بريء من التطرف والتعصب..
عيد ميلاد مجيد.. وسلام عليه يوم ولد.

Related posts

رئيس حزبي لمجلس النواب العشرين*أ. د. ليث كمال نصراوين

من يدفع فاتورة الحرب وكيف نتعامل مع آثار العدوان؟* حسين الرواشدة

توجهات إيجابية في ميدان الشراكة بين القطاعين العام والخاص* د. محمد أبو حمور