عروبة الإخباري – بألقِ طفلٍ ثمانينيٍّ حكيم أطل شيخ الفنانين الأردنيين الفنان رفيق اللحام على جمهور مؤسسة عبد الحميد شومان، في حفل تكريمه الدافئ الحميم الذي أدار فقراته أول من أمس الفنان د. خالد خريس، سارداً محطات من مسيرته بلغته وأسلوبه.
مديرة عامة مؤسسة عبدالحميد شومان فالنتينا قسيسية قدمت للحام درعاً تكريمياً، فيما شكّل المعرض المرافق لحفل التكريم إضاءة نوعية على تجارب اللحام العديدة، من خلال 16 لوحة، بأساليبها وتقنياتها المتنوعة.
في مستهل تقديمه للحام قال خريس: «أنْ ترى طفلاً في الثمانين من عمره ينظر إلى لوحاته الفنية وكأنه يراها لأول مرة، ويتحدث عنها وكأن حبرها لم يجف، ويضعها على مرأى من نظره أينما حلّ وارتحل: في غرفة نومه وفي الصالون، وفي ممرات البيت، فهذا هو الفن، وهذا هو الفنان بعينه، وهذا هو رفيق اللحام».
خريس أضاف قائلاً: «ليس من السهل الحديث عن الفنان رفيق اللحام المولود في ثلاثينيات القرن الماضي، فمسيرته طويلة وحافلة وزاهرة»، ويصف خريس شخصية اللحام بقوله «السهل الممتنع يكمن في شخصية هذا الفنان، فهو من رواد الفن التشكيلي العربي، الحب عنوانه، الاستيقاظ مبكراً للاستماع إلى شقشقة العصافير، والحرص على قيافته، وأن يبدو دائما برونق يضاهي رونق لوحاته».
من جهته شكر الفنان اللحام القائمين على الحفل، مؤكداً أن لهذا التكريم منزلة خاصة لديه، كونه يأتي من مؤسسة ثقافية ريادية. اللحام أخذ جمهوره بجولة عمانية خمسينيات وسيتنيات القرن الماضي، مستعرضا البدايات، ليس التشكيلية والفنية فحسب، بل والصحية والتعليمية والتنموية، وكل ما يخطر ببالك، أو لا يخطر، وصولا للألفية الثانية واحتفالية عمان عاصمة الثقافة العربية العام 2002، وليس انتهاء بتشجيعه للمواهب الفنية الشابة مؤكدا في سرده العفوي والحميم أن العمر لا يقاس بالسنوات، بل بالحب الذي كلما كبر فينا ازددنا جمالاً وطفولة وعطاء.
اللحام الذي يرى في الحرف العربي إرثاً حضارياً رائعاً لا يجاريه في جماله أي حرف آخر، يقول: «عاصرتُ تحولات عمان البطيئة والسريعة والفجائية، ورافقت نهضتها العمرانية والحضارية، وظلت عشقي الأول والأخير. إذ كنت أطرب لأي ثناء عليها، وحين كان يتغزل الأشقاء العرب بمدينتي عمان، رائين أنها أجمل المدن العربية وأنظفها، فإن سعادتي لحظتها لا توصف. ولذلك كان تقديري لأمانة عمان وحبي لها جزءاً من حبي لعمان المدينة والعاصمة. لقد أسعدني الحظ أني، ومنذ الخمسينات، تعاونت مع بعض لجانها كمواطن عماني، فكنت عضواً، ولسنين طويلة، في «لجنة تجميل عمان»، وعضواً في لجنة «تسمية شوارع عمان».
اللحام ختم بالقول: «لا أريد أن أختم هذه الكلمة بغير ما تعودت أن أردده في هكذا مناسبات، فإني أشكر الله الذي أمد في عمري ورزقني من كرمه ونعمائه، ما أشعرني دائماً بأنني حققت كل ما تمنيته وطلبته من ربي، حتى أني أشعر بأني أُعطيت أكثر مما طلبت».
ولد رفيق اللحام في دمشق العام 1932، ساهم بتأسيس اتحاد الفنانين التشكيليين العرب في العام 1971، ورابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين التي ترأسها في العام 1979 وعايش حركة التشكيل الأردنية بمختلف تفاصيلها، مثّل الأردن في مؤتمر الفنون الدولي في هولندا سنة 1969. أقام عشرات المعارض الشخصية، وشارك في معظم المعارض الجماعية الأردنية منذ العام 1951، ولوحاته موجودة في متاحف ومؤسسات ولدى العديد من مقتني الأعمال الفنية.
حصل على وسام الكوكب من الدرجة الثانية من جلالة الملك الحسين سنة 1988، نال جائزة الدولة التقديرية للفنون التشكيلية في العام 1991. وجائزة رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين في العام 1993.
قام بتدريس الفن، وحصل على عدد من الأوسمة الرفيعة من المغرب وفرنسا واليونان. قام بتصميم العشرات من طوابع البريد التذكارية والشعارات والشهادات والميداليات والعملة الأردنية. عمل في القصور الملكية لثمانية أعوام، كما عمل في وزارة السياحة والآثار.
لخص في كتابه «رحلتي مع الحياة والفن» بعض مفاصل تجربته وطفولته وسيرة حياته.