واشنطن: محادثات مسقط حول نووي إيران صعبة وجدية

عروبة الإخباري – انتهت المفاوضات بين واشنطن وطهران مساء الاثنين في سلطنة عُمان حول البرنامج النووي الايراني من دون تحقيق اي اختراق بعد يومين من المحادثات التي وصفها الجانبان بانها “جدية”. في وقت قدّم خامنئي على حسابه على تويتر الاثنين دعمه في تسع نقاط للمفاوضات النووية التي تجري حاليًا في مسقط.
وخصص وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره الايراني محمد جواد ظريف في مسقط عشر ساعات في محاولة لتقريب المواقف بين بلديهما.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية جنيفر بساكي ان المحادثات في سلطنة عمان كانت “صعبة ومباشرة وجدية”، وان الولايات المتحدة تبقى “مركزة للغاية على احراز تقدم” مشددة على ان “هناك وقتا كافيا لتحقيق ذلك”. كما قال احد كبار المفاوضين الايرانيين ان المحادثات انتهت من دون احراز اي تقدم، لكنه مع ذلك اكد تفاؤله بالتوصل الى اتفاق.
ونقلت وكالة ايسنا عن نائب وزير الخارجية عباس عرقجي قوله في ختام يومين من المحادثات بين وزيري الخارجية الاميركي والايراني برعاية الاتحاد الاوروبي “ليس بالامكان الحديث عن احراز تقدم في المفاوضات، لكننا متفائلون بالتوصل الى اتفاق بحلول” 24 تشرين الثاني/نوفمبر. واشار الى ان هذا الاتفاق قد يكون “اما شاملا واما اقله على مستوى عام”، ملمّحا الى ان محادثات تقنية قد تستمر الى ما بعد 24 تشرين الثاني/نوفمبر.
ووصف عرقجي هذه المحادثات المغلقة بين وزير الخارجية الاميركي جون كيري ووزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في احد فنادق مسقط بانها “جدية وحقيقية ومعقدة”. وتركزت المفاوضات على نقطتين: حجم البرنامج الايراني لتخصيب اليورانيوم في المستقبل، وكذلك مستقبل مفاعل اراك بالمياه الثقيلة وموقع التخصيب في فوردو من جهة، والجدول الزمني لرفع العقوبات الدولية ضد ايران من جهة اخرى.
وقال عرقجي ايضا “لم نتوصل الى ايجاد حل نهائي حول هذه النقاط”، مضيفا “هناك اقتراحات وافكار لدى الفريقين قلق واعتراضات تجاهها”. وستتواصل المفاوضات الثلاثاء في مسقط من خلال اجتماع لكبار المسؤولين السياسيين في ايران ومجموعة 5+1 (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة والمانيا). واضاف عرقجي انه من المقرر عقد لقاءات ثنائية مع روسيا والصين ومحادثات مع الدول الاوربية. واشار الى ان لقاء بين ممثلين اميركيين وايرانيين امر “محتمل”.
وبعد هذا اللقاء الثلاثي في سلطنة عمان، سيعقد اجتماع لمسؤولين سياسيين كبار في ايران ودول مجموعة 5+1 الثلاثاء. واوضحت بساكي في هذا الصدد ان الاجتماعات سيعقد في سلطنة عمان “لفترة من الوقت لم يتم تحديدها بعد”. وكان الاجتماع بدأ الاحد على وقع تصريح للرئيس الاميركي باراك اوباما قال فيه ان “فجوة كبيرة” لا تزال قائمة بين الطرفين.
وتساءل اوباما في مقابلة مع شبكة سي بي اس الاحد “هل سنتمكن من سد هذه الفجوة الاخيرة، بحيث تعود ايران الى المجتمع الدولي، وترفع عنها العقوبات تدريجيا، ونحصل على تطمينات قوية وأكيدة، يمكن التحقق منها بانهم غير قادرين على تطوير سلاح نووي؟”. واضاف ان “الفجوة لا تزال كبيرة. وقد لا نتمكن من التوصل الى ذلك”.
واعتبر اوباما انه لا بد من ردم هذه الهوة “لكي تتمكن ايران من العودة الى المجتمع الدولي، وليتم رفع العقوبات بشكل تدريجي، ولكي نحصل على ضمانات قابلة للتحق منها بان الايرانيين لن يطوروا قنبلة نووية”. ورد المرشد الايراني علي خامنئي مساء الاثنين على الرئيس الاميركي بشكل غير مباشر عبر تويتر معلنا دعمه للمفاوضات الجارية في مسقط.
واكد المرشد “تصميم” ايران على “اغلاق الملف النووي رغم عزم الخصوم على اطالة امده” وعزمه “ابعاد شر الشيطان الاكبر (الولايات المتحدة) وتسوية المشكلة”. كما شدد خامنئي “على سياسة ايران الحاسمة بعدم امتلاك السلاح النووي”، واكد دعمه “لقرارات المسؤولين الايرانيين باحترام الخطوط الحمر” التي حددها بنفسه واحداها تتعلق بحجم برنامج تخصيب اليورانيوم المقبل. وهذه المسألة احدى النقاط الشائكة في المفاوضات الحالية.
من جهته، يرزح الوفد الايراني المفاوض تحت وطأة الضغط الداخلي الذي يريد التوصل الى رفع كامل للعقوبات الاميركية والاوروبية والدولية عن ايران. وتريد ايران ان يتم ذلك بسرعة، بينما يريد اوباما ان ترفع العقوبات ضمن عملية بطيئة بالتوازي مع التزام ايران بتعهداتها الدولية. وجرت المحادثات المغلقة في فندق البستان الفخم قرب مسقط.
ونقاط الخلاف الاساسية تتمحور حول عدد آلات الطرد المركزي التي ستحتفظ بها ايران مقابل تخفيف العقوبات وعمليات تفتيش في المواقع النووية الايرانية. وتنفي ايران وجود اي نية لديها بالحصول على السلام النووي، وتؤكد ان برنامجها سلمي يهدف الى انتاج الطاقة، ما يتطلب تطوير قدراتها في مجال تخصيب اليورانيوم.
كما تشكل مدة الاتفاق الطويل الامد المرجو بين ايران ومجموعة الدول الست (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن زائد المانيا) مادة خلاف، فمن جهة تريد ايران اتفاقا لمدة خمس سنوات، فيما يريد الغرب ضعف هذه المدة على الاقل. ويرى المحللون ان تباعد المواقف وعدم تحقيق تقدم كاف يجعل من الصعب التوصل الى حل قبل 24 تشرين الثاني/نوفمبر.
وقال علي فايز من مجموعة الازمات الدولية لوكالة فرانس برس ان “التوصل الى حل شامل لم يعد ممكنًا قبل التاريخ النهائي. ان ما يمكن تحقيقه هو اختراق يبرر تمديد مدة المفاوضات”. واضاف “ان ما نحن بحاجة اليه هو قرار سياسي شجاع لا يبدو ان احدًا مستعد لاتخاذه”.
وتؤكد الولايات المتحدة وايران انه من غير المطروح بتاتا تمديد المفاوضات، لكن ورغم الخلافات، ليس من مصلحة اي من الطرفين الانسحاب من العملية. وتنفي الولايات المتحدة وجود اي علاقة بين المحادثات النووية والقتال الدائر ضد تنظيم الدولة الاسلامية، فيما وجدت واشنطن وطهران نفسها في المعسكر نفسه ضد المتطرفين.
كما يشكل فوز الجمهوريين في الانتخابات النصفية الاميركية ضغطا اضافيا على المفاوضات التي تديرها ادارة الرئيس اوباما الديموقراطية، خصوصا مع وجود شخصيات عدة جمهورية تعبّر عن تحفظات ازاء انفتاح البيت الابيض على ايران. واذا اخفقت المفاوضات في احراز تقدم، فان الكونغرس الاميركي قد يفرض عقوبات جديدة على ايران.
ويمكن للرئيس الاميركي ان يمارس حقه في نقض قرار الكونغرس، الا ان اي عقوبات جديدة ستصعب لدرجة كبيرة استمرار الجانب الايراني في المفاوضات. ويخضع ظريف ايضا لضغوط، اذ ان بعض اعضاء مجلس الشورى الذي يهيمن عليه المحافظون، اكدوا ان الاتفاق الشامل يجب ان يصادق عليه النواب ليصبح ساريا.
والاحد طالب 200 من هؤلاء بان “يدافع المفاوضون بقوة” عن حقوق ايران النووية، وان يضمنوا “الرفع الكامل للعقوبات”. وحذر الاكثر تشددا منهم حكومة الرئيس الايراني حسن روحاني من تنازلات قد يقدمها فريق التفاوض الايراني. وستدخل المفاوضات بعد ذلك مرحلتها الاخيرة في 18 تشرين الثاني/نوفمبر للتوصل خلال ستة ايام الى اتفاق نهائي يمكن ان يشكل انتصارا دبلوماسيا لحسن روحاني وباراك اوباما.

Related posts

الفيدرالي يخفض الفائدة فما الانعكاسات على الأسواق؟

ترامب سيرشح السناتور ماركو روبيو لمنصب وزير الخارجية

الشرطة الهولندية تحتجز 50 شخصا في تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين