عروبة الإخباري – خاص – كتب سلطان الحطاب – الساعة من اللقاء لم تكن كافية ولكنها فتحت نافذة للمعرفة والمعاينة وحملتني واجب ان اشهر ما رايت وما علمت فهذه الخدمات المنوعة يغطيها جيش من المنتسبين الذين استطاعت قيادتهم ان تصنع عملا مؤسسيا هو الاميز في العالم العربي رغم انه لا وجه للمقارنة مع الامكانيات المادية ..
ثلاثون الفا وزيادة من الاردنيات والاردنيين انخرطوا في جهاز الدفاع المدني وقد تنوعت تخصصاتهم لتغطي كل ما له علاقة بحاجة المواطن السريعة امام الكوارث او المفاجآت او الاخطاء الطارئة .. لم اكن اعرف ان جهاز الدفاع المدني بهذه الجاهزية والكفاءة حتى جربت بنفسي واختبرت ذلك فوجدت ان الزمن ما بين اتصالي ووصول سيارة الدفاع المدني لا يتجاوز عشر دقائق واخشى ان قلت انها سبع دقائق بالضبط ان استثير شك القراء ..
جديد الدفاع المدني هو قدرة قيادته على تقديم الافكار وتجسيدها في تطوير الجهاز والارتقاء به والاستمرار في ادامة التدريب والتاهيل . ولعل اخر الافكار التي لفتت انتباهي هي هذه الحافلة التي تحمل رقم ( 911) واشارة الدفاع المدني والتي شاهدتها وهي وغيرها تعتبر نقلة عملية في عمل اسعاف الدفاع المدني فالحافلة جاهزة لاستقبال اثنتي عشرة حالة طارئة سواء اصابات جروح او حريق او تسمم او غيرها وهي مبنية بمواصفات وبراءة تصميم من الدفاع المدني نفسه ومن اقتراحات مدير الدفاع المدني نفسه الشخصية العسكرية المحترفة التي اكدت بادارتها مؤسسية الجهاز وتطلعه للتنافس والتميز وقد جرى عرض الفكرة على احدى الشركات الصناعية المعنية ببناء الحافلات وضمن تصور خبراء ومهندسي الدفاع المدني واشرافهم حتى جرى انفاذ الفكرة بشكل لفت انتباه جلالة الملك الذي حيّا الفكرة وقد دفعه ذلك على امداد الدفاع المدني وبتبرع منه بعشرين حافلة من نفس السوية التي لفت انتباه زوار عرب واجانب في معرض سوفيكس ليفتح ذلك افق اختيارها واقتنائها لما تتمتع به من مواصفات . وهذه الكلف من انفاذ الفكرة الاردنية وبيد اردنية تختصر الكلفة لـ 75% لو كان الامر يتم بالاستيراد وقد لا تكون المواصفات المطلوبة بمستوى الانجاز الاردني ..
في هذا السياق فان توسع تخصصات مديرية الدفاع المدني جعلها تتمدد لتدخل تفاصيل الحاجات المدنية وحتى تخطي الفهم التقليدي لدور الدفاع المدني ..
كان الباشا الفريق الركن طلال الكوفحي مدير عام الدفاع المدني يحدثني باعتزاز عن جهازه وقدرات هذا الجهاز الفنية والتنفيذية وتغطية خدماته لكل انحاء المملكة اذ نادرا ما يكون هناك تجمع سكاني او قرية في الريف او البادية لا تصلها خدمة الدفاع المدني مباشرة بوجود مركز فيها او بصورة غير مباشرة عن طريق التواصل بها في تغطية قل نظيرها حتى في الدول المتقدمة ..
اهتمام جلالة الملك بجهاز الدفاع المدني والاعتناء به والتماس المباشر بقيادته جعله يولي عناية اضافية نظرا لدخول الجهاز تفاصيل حياة المواطنين وهذا ما دفعه لتزويد الجهاز بطائرات هيلوكبتر ستكون في الخدمة قريبا وعلى اسس مختلفة ..
جهاز الدفاع المدني يقدم خدماته المكلفة للمواطنين مجانا فسيارة الدفاع المدني التي تتجه لحمل مريض من منزله الى المستشفى او الى موقع اخر في اي حالة من حالات الطوارىء او الاسعاف فانها تكلف ما يقارب ( 100) دولار اذا ما جرى اختيار وسيلة من المجتمع المدني في حين لا يتقاضى الدفاع المدني شيئا وقد ذكر لي المدير العام ان كلفة اطفاء احد المصانع زادت عن (30) الف دينار من المواد المستعملة للحريق وهذه قدمت مجانا ايضا بنفس سوية ارسال سيارة الاسعاف اذ ان الحرص من جانب جلالة الملك حتى الان ان تخدم المواطن من جانب جهاز الدفاع المدني مجانا ..
كنت اقترحت وانا استمع لافكار عديدة ايجابية ومتزايدة مع التطورات الحديثة لمجتمعنا ان تكون هناك قنوات جانبية او مساندة في القطاع الخاص للدفاع المدني ولكن يبدو ان الاحترافية وطبيعة الرسالة التي يريدها جلالة الملك من هذا الجهاز ذو النواة العسكرية بواجهة مدنية تستلزم ان يظل على هذا المستوى من الانضباطية والمؤسسية والالتزام بالوقت والدقة لافتا المدير انتباهي الى الاسهام الكبير الذي يقوم به جهاز الدفاع المدني في تقديم الخبرة والمشورة والتدريب والمساعدة لاطراف عربية عديدة وبالمقابل ايضا تلقي الخبرات والمساعدات التقنية والفنية من وسائل واليات من اطراف دولية ودول صديقة متقدمة تقديرا لهذا الجهاز وبما يقوم به من مساعدة ودور وعناية ..
يبقى امام هذه المهام الكبيرة لجهاز الدفاع المدني ونحن على ابواب الشتاء وامام تحديات كبيرة في المنطقة ان نلفت الانتباه لضرورة دعم جهاز الدفاع المدني بكل الامكانيات سواء دعم موازنته وعدم التقنين والتقشف فيها او اختصارها فالاستثمار في الجهاز هو استثمار مباشر في المواطن الاردني قبل الصحة والتعليم او بموازتهما اذا ما علمنا اهمية الدور وطبيعته ..
ولذا فان مناشدة الحكومة والسادة النواب للوقوف الى جانب موازنة افضل واوفى الجهاز ضرورة وواجب وطني لا يعادله الا واجبات وطنية محدودة ..
الساعة التي امضيتها في ضيافة مديرية الدفاع المدني اضاءت لي مساحات واسعة من معرفة الجهاز ودوره وواقعه وتطلعاته والافكار الايجابية التي يجسدها فقد تحدث الفريق الركن طلال الكوفحي عن الطموحات والافكار المستقبلية للجهاز وعن الدعم الملكي والزيارات التي يقوم بها جلالة الملك وعن التوجيهات الملكية واهميتها في ارتقاء الجهاز وتلبيته لمتطلبات المواطنين وحاجياتهم ..
اليوم ينساب عمل جهاز الدفاع المدني بكل اريحية وبشكل تلقائي وقد استقر في ذهن الناس وثقافتهم دوره والمعرفة به حتى في القرى والارياف والجهاز يجري تداول اسمه حين الحاجة وطلب العون على السنة كبار السن من رجال ونساء . خاصة تلك الاعمال الجليلة التي يقوم بها وفي احداها استطاعت امراة ان تنجب توائم في احدى مهمات الدفاع المدني وهناك سيارات مجهزة للولادة او القلب او التنفس الرئوي وغير ذلك بتخصصات عديدة ومختلفة فاقت نظيرتها في دول عربية غنية تاخذ الان من التجربة الاردنية وتعتمدها في الادارة وانفاذ العمليات وفي التغطية الواسعة التي تطرح سؤال على السنة المنتسبين احيانا بالقول هذا ليس من تخصصنا حين كان مدير عام الجهاز يرد ولكننا وطن واحد ونحن خلف الملك عبدالله الثاني كلنا اسرة واحدة كما يقول القائد الاعلى يقوم احدنا بتغطية ما يمكن ان يقوم به الاخر مرونة العمل واريحيته والتناغم القائم في الجهاز لفت انتباهي الى مهارة الادارة وقدرتها على الاحتواء والانضباط وتقديم النموذج الامثل للمنتسبين للجهاز وهذا ما جعلني اؤكد قناعاتي ان النجاح سواء في القطاع العام او الخاص انما يبدا بالادارة وينتهي بها او اليها ..
يبقى ان اقول من موقع ذكر الفضل لاهله ان المناقبية العالية والاحتراف والخبرة العميقة العسكرية وحتى المدنية في جهاز الدفاع المدني لادارة الجهاز وقيادته لها الفضل في التقاط افكار الملك وترجمتها وفي احداث الرضى العام الذي يرضي القائد الاعلى حين يرى ان احد اجهزته الامنية يترجم افكاره ويحقق تطلعاته وينهض بالمسؤولية فالاصل هو صناعة الفكرة او التقاطها وترجمتها وحين ذلك يكون النجاح ..
وبهذه المناسبة في زيارتي للمديرية وكتابتي عنها فانني اتمنى لهذا الجهاز وكل المنتسبين اليه ان يظلوا عند حسن ظن قائدهم وان يلتقطوا توجهاته وان يتفانوا في خدمة وطنهم ومواطنيهم