عروبة الإخباري – أشار الباحث الأكاديمي والخبير لدى مؤسسات دولية البروفيسور زافيراس تزاناتوس إلى تجربة سلطنة عُمان واعتبرها تعتمد على تنمية رشيدة غير مندفعة بلاد دراسة أو تأني . وقال إن “السلطنة” تمارس الاسلوب الاقتصادي بوعي شديد يمنحها قدرة الوفاء بالمتطلبات الداخلية واستثمار طاقات الشباب بشكل جيد .
وقال أنه زار سلطنة عُمان أكثر من مرة وفي كل زيارة يرى الاستقرار علامة على فعل اقتصادي يترجم توجه سياسي حكيم يقوده جلالة السلطان قابوس بن سعيد . .
جاء ذلك خلال حضور تزاناتوس إلى العاصمة البريطانية لإلقاء محاضرة تلقي الضوء على تفاعلات شهدتها المنطقة العربية داخل ما يسمى بدائرة الربيع العربي التي شهدتها عدة اقطار تبدأ من تونس وتمر بمصر وتتوقف عند ليبيا ثم تصل إلى اليمن .
حدد الباحث الأكاديمي والخبير لدى مؤسسات دولية عوامل الأسباب التي أدت إلى تكوين الظاهرة في دول الربيع العربي والانعطافات الشديدة التي مرت بها وعطلت المسار الديمقراطي ، الذي كان يراهن عليه البعض ، إذ أن الانفجارات التي جرت في تلك البقعة كان هدفها المعلن الوصول إلى تحسين الأوضاع بكل أطيافها والانتقال إلى انفتاح ديمقراطي حيث يستوعب قوى العمل وطاقة الشباب ، والتي تم تجاهلها خلال سنوات مما أحدث التراكم في قنوات خاطئة تماماً بسبب مسيرة التعثر واخفاق والفشل في طرح حلول تؤدي إلى تطورات نتيجة ارتفاع نسبة التعليم وتوسع السوق الاقتصادي بشكل عام .
تناول الخبير الدولي هذه القضايا من خلال متابعة الأوضاع الاقتصادية التي اختنقت نتيجة عدم وجود أفكار جديدة وانتقال النخبة في تلك البلاد للاستفادة من التنمية لصالح نفوذها في استيعاب الثروة التي اتجهت نحو الطبقات العليا وأهملت الأخرى الفقيرة والشابة مما نجم عن هذا الزلزال الذي لم يستقر بعد .
وفي لقاء مع “الشبيبة” خص البروفيسور في حديثه منطقة دول مجلس التعاون الخليجي باهتمام خاص ، إذ أنها ليست محل بحثه هنا نتيجة تركيزه على دول الربيع العربي التي شهدت طفرات غضب كان الأمل بتبلورها في نهج اقتصادي أولا، يستوعب هذه الطموحات في تنمية المجتمع خصوصاً نحو استيعاب الشباب.
قال :أن آفاق الهبات التي شهدتها مصر كانت راجعة لغياب خطة اقتصادية لم تتحرك في الوقت المناسب ادت إلى ارتباك للمسار السياسي مما افرز خلافات واضحة لا تريد الاستقرار ولا تزال تلتهب في ظل عدم وجود خريطة واضحة تحدد المسار وتمضي في دفع التنمية إلى استقرار واضح .
أشار أن مصر تجتهد في ترميم أوضاعها ، والتي انفجرت نتيجة الأسباب الاقتصادية والضغط على الداخل ، وكان المتوقع أن تنتهي هذه الاضطرابات بالوصول إلى تحريك مشروعات كبرى وهذا ما يحدث حالياً بشأن مشروع قناة السويس الجديدة لجذب الاستثمارات وطاقة الشباب .
واعتبر أن العجز كله يلف حول هذه الاخطار سواء قبل الهبات والانفجارات وما بعدها ، إذ الاسئلة الاقتصادية الملحة لا تزال قائمة دون وجود حالة لامتصاص البطالة المرتفعة وتجديد هذه الطاقات الشبابية وجذبها من الشارع والاحتجاج إلى توظيفها في مشروعات تستقطب هذه الطاقات .
العجز لامتصاص البطالة وحل الأزمة الاقتصادية نجم عنه نمو هذا التطرف الذي يبدد طاقات الشباب ويوجهها نحو خيارات مدمرة تشكل الانتحار ، بينما يملك مشروع الاصلاح امتصاص هذا الغضب في خطط تنمية تعيد الانتباه مرة أخرى إلى الانتاج وشحن معدلات النمو، بدلاً من هذا الارهاق الواضح وتظاهرات الغضب المؤدية إلى المزيد من الاضطراب والفوضى .
مصاعب
تحدث عن أن المصاعب المطروحة أمام دول الربيع العربي ستستمر بعض الوقت ولا يزال الأفق مرتبكاً لعدم الارتكاز على خطة تجمع الطاقات وتمنح الشباب الأمل. وأكد أن هذه الدول لا تمتلك من خيار سوى الاعتماد على تعليم يرتبط بالتنمية وبمشروعات عملاقة تستقطب البطالة المرتفعة وإعادة الحيوية إلى مؤسسات الدولة والخروج من المأزق بطوق نجاة واضح .
قال إن دول مجلس التعاون استثمرت عوائد النفط في بناء اقتصاد حيوي وتعليم الأجيال الشابة واستثمارها في مشروعات كبرى ، بينما الدول ذات الكثافة السكانية المرتفعة والتي شهدت انطلاق الربيع العربي لم يتربط التعليم بالمجتمع ، لذلك غاب تدريب العمالة وتأهيلها على تنفيذ المشروعات ، مما يدفع شركات كبرى عاملة في المنطقة الاستعانة بعمالة ماهرة من كوريا ودول آسيوية وضعت نصب عينيها تأهيل الشباب على اتقان الحرف واكتساب مهارات تكنولوجية تؤهلها لدخول سوق العمل.
خطة إنقاذ
وأكد على أن دول الربيع العربي عليها الارتكاز على اقتصاد ينقذ السياسة من التخبط والاختلاف والصراع ، لأن النظرية الاقتصادية الناجحة تستطيع قيادة الشعوب إلى بر الأمان دون انفجارات . وأضاف أن دول الربيع العربي قبل الانفجار كانت تعاني من أزمات طاحنة ، وعندما جرى تخصيص شركات القطاع العام كما حدث في مصر ، لم يتم تحريك الاقتصاد إلى الأمام ، وإنما لتكوين ثروات على القمة لأصحاب النفوذ وهذا الخطأ قاد إلى التمرد وحالة الغضب .
الاقتصاد السليم الذي يعمل لمصلحة المجتمع كله هو الدواء لردع الفساد ، والعمل على التخطيط لتحقيق معدلات نمو مرتفعة تستطيع القفز خارج التراكمات السلبية مع وضع خطة أيضاً لتأهيل عمالة شابة ودفعها إلى سوق العمل .
أشار إلى أن المأزق الحالي ينمي حالة التفكك ، وأن إعادة صيغة البناء مرة أخرى لابد من استنادها على اقتصاد حيوي يصنع مصلحة البلاد أولاً وتشغيل هؤلاء الشباب واشباع الحاجات الضرورية من صحة وتعليم وسكن ومستقبل يمنح الثقة ولا يزرع الخوف أو التردد