علي حمادة/في ظلال الحرب الأهلية الإسلامية !

يواجه النظام العربي أكبر تحد له منذ عقود طويلة. ويتجاوز التحدي الراهن في خطورته التحدي الاسرائيلي منذ اربعينات القرن الماضي، حيث يستقر التحدي الذي نقصد في ثنايا المجتمعات العربية، ويستمد زخمه من حالة اشبه ما تكون بـ”حرب اهلية اسلامية” تتواجه فيها الجمهورية الاسلامية في ايران مع النظام العربي المشرقي من الخليج الى المحيط. ولعل ما يحصل في العراق من تطورات دامية، والحرب الدموية في سوريا، والآن الاحداث الخطيرة في اليمن، تؤشر الى ان المنطقة الواقفة فوق صفيح شديد السخونة تتجه بخطى وثّابة الى هذه “الحرب الاهلية الاسلامية”، لتستقر فيها لعقود مقبلة.

المواجهة مفتوحة ايضا وان في شكل آخر في لبنان الذي يجهد العديد من قادته لنزع ما امكن من فتائل “الحرب الاهلية الاسلامية” الكامنة في جميع مناحي الحياة المشتركة بين اللبنانيين. ولكن بمقدار ما تبقى ذاكرة الحرب بين ١٩٧٥ و١٩٩٠ حية يمكن ان تشكل احد الروادع الاساسية التي تنقذ لبنان من الانزلاق في تلك “الحرب الاهلية”.
في العراق انهارت الدولة مع سقوط صدام حسين، وما جرى هو بناء دولة قابلة للحياة على انقاضها، ودخل العامل الايراني بقوة في التركيبة الوطنية عبر المكون الشيعي الذي عانى الامرين مدى عقود، فبدا لقليلي الحيلة من قادتهم ان سقوط صدام، فرصة سانحة للثأر من ظلامة التاريخ، وتوهم بعضهم انه يمكن اقامة دولة مركبة مذهبيا وإتنيا يقودها ويتحكم فيها مكوّن واحد من المكونات، وتتحكم قوة خارجية (ايران) في هذا المكون على أسس مذهبية عقيدية. ولم يمض عقد من الزمن حتى انفجر العراق بالجميع، وولّد ظلم اهل الظلامة السابقة تطرفا شهده العراق في المئة عام الفائتة. وها ان الذين رفضوا الشراكات الوطنية مع المعتدلين يضطرون الى مواجهة نوعين من الاعداء: المتطرفون، والبيئة الغاضبة الحاضنة لهم في شكل او آخر. ومن يتابع تطور الحرب على “داعش” يكتشف كم ان “الوحش” الذي خلقوه صار حقيقة لن يسهل القضاء عليه.
في سوريا لا يختلف الامر كثيرا في العمق: نظام وحشي ذهب الى ابعد الحدود في القتل المنظم فدفع جزءا من المجتمع الى المواجهة والقتال، وفتح الباب أمام لجوء الناس الى المساجد، ومنها الى الحركات المسلحة الاسلامية. واليوم يلمس العالم حجم الخطيئة التي ارتكبت عندما رفض المجتمع الدولي (الغرب) من الناحية العملية اسقاط نظام قتلة الاطفال، وتدمير جسر العبور الايراني هناك. والحرب مستمرة بأفق مفتوح.
يبقى اليمن الذي يجري خطفه وإلحاقه بساحات “الحرب الاهلية الاسلامية”. وكل الدلائل تشير على ان الساحة اليمنية باتت جاهزة لكي تصير حمام الدم الاكبر مستقبلا في المشرق العربي!
قصارى القول: الحرب دهمتنا في المشرق العربي. واملنا ان يعي اللبنانيون ولا سيما منهم “المستكبرون” ان “الشعرة” يمكن ان تنقطع في اي وقت ما لم يدركوا حجم المازق.

Related posts

كيف نخفف من خسائر الحرب؟* ماهر أبو طير

كلمة السر «في سرك»!* بشار جرار

كيف نتكيّف سياسياً مع المرحلة “الترامبية”؟* حسين الرواشدة