موقف قطر .. ” ما ضل صاحبكم وما غوى ” !!/بقلم سلطان الحطاب

عروبة الاخباري – خاص – كتب سلطان الحطاب – ” ان النزاع العربي الاسرائيلي يعد قضية مصير ووجود كعرب . ولن يتحقق الاستقرار الامن في المنطقة الا بتسوية عادلة تستند الى مقررات الشرعية الدولية ” ..
هذا هو جوهر الموقف القطري وهو خلاصة للموقف العربي المعلن وتأكيد له .. فلماذا الجدل اذن خاصة وان دولة قطر بقيادتها الشابة المتحمسة لا تكتفي بتأكيد موقفها النظري بل تخرج لتأكيده عملياً بجملة من المبادرات كان آخرها وأقواها الاسهام القطري المعلن والملتزم بتقديم مليار دولار لاعادة اعمار غزة وذلك من خلال مؤتمر المانحين المنعقد في القاهرة أمس الأول الخميس 10/10/2014 والذي يتقدم المواقف العربية كافة وحتى العالمية اذ لم يزد ما وعدت به الولايات المتحدة التي تتزعم فكرة التفاوض والمطالبة بتسوية سلمية عن 200 مليون دولار الا قليلا..
فلماذا استمرار تشويه الموقف القطري والحملة عليه بالمزايدة مرة وبالمناقصة مرة اخرى .. وما دوافع المنتقدين ؟؟
يتفهم المراقب ان تؤيد قطر حماس ولكن هذا التأييد لم يكن على حساب التمثيل الفلسطيني الذي تقربه قطر والذي ظلت من خلاله تستقبل الرئيس محمود عباس وتستمع لمقترحاته . كما لم يأت هذا التأييد على حساب الوحدة الوطنية الفلسطينية فأمير قطر زار غزة في زيارة لم يقم بمثلها الا بعد العدوان الاسرائيلي على لبنان عام 2006ودعمه الكبير انذاك للبنان قبل ان يتورط حزب الله في الحرب في سوريا ..
لقطر اسلوب في التعامل داخل مجلس التعاون ومع دول الاقليم والمجموعة العربية ومن يرون فيه نشازاً انما ينطلقون من الفهم الجامد والجاهز والتقليدي لبنية النظام العربي التي حاولت قطر هزها بالتغيير حين اطلقت قناة الجزيرة لتضرب حجارة في بركة الحال العربية الآسنة والمتغضة وتحرك وجهات نظر متعددة ليس بالضرورة ان تتفق مع الموقف القطري ..
قطر ظلت موجودة حين غاب الكثيرون وظلت تسند العديد من المواقف التي استهدفت من دوائر طامعة ..ومتدخلة ..
رفضت قطر التطبيع من الحال العربية ورات نفسها تقاتل الى جانب الشعب السوري وان بوسائل غير مباشرة الى جانب الشعب الليبي رغم ادراكها انها دولة لا تستطيع ان تلعب دور العواصم المركزية التاريخية كدمشق وبغداد والقاهرة ولكنها رات ان الدفاع عن الحالة العربية فرض عين حين قبلت ان تتعاطى مع التحديات بشجاعة وان لا تلهيها تجارة او بيع عن المساهمة الحقيقية في انقاذ الشعب السوري الذي لم تتعاط معه باسلوب المقايضة او تخفيف نفوذ قوى ضاغطة لحساب اخرى حتى ان قطر التي شاركتها دول الخليج الموقف من الوضع في سوريا اختلفت قطر معها في تحديد الاهداف والنتائج لهذا الصراع السوري فقد ظلت البوصلة القطرية اكثر البوصلات دقة ولم تقبل ان تكتب في شركات الرعاية الغربية في تشويه الاسلام او قبول الصورة النمطية للمفهوم الغربي عن الارهاب وهذا ما عبر عنه الشيخ تميم بن حمد آل ثاني امير قطر الشاب بوضوح في مؤتمر مكافحة الارهاب او في مؤتمر بناء التحالف الغربي في باريس قبل شهرين حين تميز التيارات والتكوينات الاسلامية بعضها عن بعض الادارة الاميركية ومن اكتتبوا معها في شراكة التحالف دون معرفة الاهداف حتى لا تلتهم كل التكوينات الاسلامية وتترك المنطقة عزلاء يملأها التطرف ..
لم تقل الولايات المتحدة ولا من اكتتب معها من الحلفاء العرب اي اسلام مجسد في حركات محددة يريدون بل ذهبوا ليوقعوا للولايات المتحدة على شيك بياض وحتى تلك الدول العربية التي تاخذ شرعيتها من الاسلام ويحمل علمها لااله الا الله لم تعلن اي اسلام تريد رغم انها ظلت مصدر مرجعية اسلامية مُنتقدة حملها الغرب والشرق مسؤولية عن ذلك خاصة وانها اسرجت خيول العرب والمسلمين تحت اسم ” الجهاد ” لصالح الاهداف الاميركية في افغانستان وساهمت في احتلال العراق حين قالت بضرورة مساعدة التحالف الاميركي غير الشرعي لضرب العراق واحتلاله ..
تميز الان قطر موقفها عن اولئك الذي قلبوا لكل التنظيمات الاسلامية ظهر المجن ورفضوا التعاطي مع اي شكل من اشكال الاسلام سوى ماارادته الولايات المتحدة من تعريفها الخاص للاسلام وهو ذلك الذي يقف معها ولا يناقضها والذي لا يرى في اي شكل من اشكال المقاومة لاسرائيل الا ارهابا ..
ليس سهلا ان يمرر الموقف القطري الان وسط كل هذه المعارك والغبار والهياج ضد الاسلام نفسه ولكن هذا الموقف القطري يذهب للحفاظ على مرتكزاته الاساسية التي تبرر له الخروج على الصف العربي الاعوج وذلك بدعم غزة بهذا الدعم السخي الذي لم يفعل مثله الاخرون مما لا تقل ثرواتهم عن قطر وظلوا يقدمون خطابا لا طعم له وانقلبوا حتى على كل اشكال المقاومة بلا استثناء ..
الدول العربية التي رفضت كل التكوينات الاسلامية لم تسال نفسها ما هو البديل؟ . فالذين ظلوا من دول النظام العربي يقيمون الحد السياسي على كل من خرج عن رؤيتهم نراهم الان في فراغ فهل الديموقراطية عندهم هي البديل؟ هل القومية؟ ام اليسار؟ او الليبرالية؟ ام ماذا؟ .. انهم لم يطرحوا سوى الحصول على تذكرة في المهمة الاميركية التي لن يكتب لها النجاح لان التحالف الان مهدد بالتشظي والتفتت لعدم وضوح اهدافه فهناك من اكتتب لاسقاط الاسد ونظامه وهناك من اكتتب للانتصار للشعب السوري وهناك من راى في ذلك فرصة لاعادة انتاج الحالة العراقية لتكون اكثر توازنا منها في زمن المالكي وهناك من اكتتب لامر في نفس الولايات المتحدة ولسواد عيونها ورغبة منه في تاسيس رصيد حماية لنظامه ..وهؤلاء لم يقولوا للولايات المتحدة شيئا غير نعم وهم لا يعرفون ” لا ” حتى في تشهدهم الذي انكروه اخيرا حين خرجوا من جلودهم لم يقولوا ” لا ” للعدوان الاسرائيلي على غزة بل صمتوا على ذلك وكانوا في صمتهم ساكتين عن الحق والذي يحشرهم في مرتبة الشيطان ..فاين هم حتى من التبرع الذي لم يهزوا شباكه لانقاذ الشعب الذي تهدمت منازله وبنيته التحتية وجرى قتل اطفاله ومازال محاصرا .. اذن متى يكون التبرع ولماذا تقدم الاموال بالمليارات للتحالفات الغربية التي ما ان تنتهي من مهمة تدمير بلد عربي او اسلامي حتى تنعقد في تحالف آخر وقد راينا ذلك في افغانستان والعراق ونراه الان في الحرب على ما يسمى الارهاب ..
الحرب الاميركية على الارهاب كلام تثبت الوقائع انه يراد به باطل فنحن لم نفهم موقع ” العتبة ” الاميركية ولم نستبن “السقف” وكل ما ادركنا حتى الان معارك ضد تنظيم واحد هو تنظيم الدولة الاسلامية والذي فيه اكثر من قول وحين اتيح المجال لاسقاط نظام الاسد الذي ظلت الولايات المتحدة ” تحمر ” عيونها امامه بالخطابة رايناها لا تفعل شيئا في الوقت المتاح على ذلك لتصبح الضربات الاميركية في سوريا بردا وسلاما على نظام الاسد وهي في النهاية لخدمته لانها ستفرغ سوريا من كل اشكال مقاومة هذا النظام حين ترفض دعم المقاومة الوطنية السورية وتتحفظ عليها حتى الان . وكل ذلك لا يفهم الا في اطار ان ما تريده الولايات المتحدة هو سوريا الخاوية المدمرة التي لا نظام فيها بديلا لنظام الاسد لان ذلك هو الهدف الاسرائيلي وهو الهدف الذي جرى تحقيقه في تدمير العراق بحل جيشه حين عملت الادارة الاميركية ليست للمصلحة الاميركية المعلنة وانما لتطبيق المسودات الاسرائيلية التي حرصت اسرائيل عليها ونفذها الوزير “بريمر” وما يجري في سوريا الان يتطابق مع ما جرى في العراق وهو ما دفع وزير الخارجية الايراني اللهيان لكشف اوراقه حين قال للولايات المتحدة ناصحا “ان اسقاط الاسد يشكل خطورة على اسرائيل وامنها واستقرارها ” وبقي تقديم اوراق اعتماد ايران للاكتتاب في شركة مكافحة الارهاب والمقصود الارهاب السني لان الارهاب الاخر من ميليشيات شيعية في العراق ومن احتلال الحوثيين لصنعاء ومن اشتراك حزب الله في قتل السوريين وغير ذلك لم تات الولايات المتحدة الاميركية على ذكره المستهدف اذن هم السنة العرب .. هي العروبة بمعناها العميق واطارها الاسلام لان في ذلك مخزون المقاومة الذي ظل يهدد كل اشكال الغزو للمنطقة من الحروب الصليبية حروب الفرنجة الى الغزوة الصهيونية القائمة ..
الموقف القطري ظل الاكثر وضوحا في زمن خلط الاوراق وبيع الطلاسم فهو لم يضل ولم يغو وقد رايناه ينقذ نفسه بالتميز في دعم الشعب الفلسطيني وما اصابه العدوان في غزة لادراك القطريين ان الشعب الفلسطيني بصموده هو العقدة امام المنشار الاسرائيلي والموقف الاميركي المؤيد له ..
واذا كانت ايران التي تحتل بالوكالة اربع عواصم عربية لا تشكل خطورة عند الاميركيين فلماذا يقول المكتتبون بالشركة الاميركية ..ان تركيا هي الخطر .. وان تركيا تحلم “بالعثمانية” وهم بذلك ينسون حروب الصفويين ضد الدولة العثمانية .. فهل تركيا توسعية ؟ هل خذلت تركيا غزة ام وقفت معها ؟.. هل تحتل تركيا صنعاء . وهل لها حزب في لبنان كحزب الله ..
وهل تحتل العراق وتصنع فيه ميليشيات تقتل شعبه ؟ هي تحتل سوريا وتقاتل شعبها وهل تستميت للدخول الى التحالف الدولي لمقاومة الارهاب ؟ ام ان تركيا ليست في تلك المحطات التي ذكرناها وانها اذا لم تحارب التحالف الدولي علنا فانها لا تنساق لتحقيق اهدافه بل انها تضع شروطها التي تمكنها من تاخير تدخلها او الاحتفاظ باستقلال قرارها حتى تحافظ على دورها رغم محاولات الزج بها في الحرب الاميركية على الارهاب من اجل اصطياد القوة التركية وتحطيمها وافشال التجربة التركية الجديدة المؤثرة والمرحب بها في الشارع العربي الذي لا يتعبر الموقف التركي في القضايا العربية تدخلا ..
فتركيا لم تحتل سوريا ولم تفكر في ذلك وهي لم تسقط نظام الاسد حين كانت قادرة على ذلك لاعتبار عدم تفريطها في تجربتها وعدم مغامرتها بها في حين ظلت ايران من خلال حكم الملالي تصدر ازماتها بالتزامن مع اخفاق سياساتها الاقتصادية والداخلية ومحاصرة المعارضة ..
ايران تدافع عن نظامها بتصدير الازمات الداخلية في حين تركيا تحافظ على تجربتها بمحاولة تصفير خلافاتها والا لما انتقلت من دولة مدينة الى دائنة..
باختصار قطر اخذت موقفا مشرفا في الكثير من مواقفها ولعل ما يزكيها هي انها لم تفقد بوصلتها باتجاه القضية الفلسطينية ولا حتى باتجاه خياراتها الاسلامية حين سألت التحالف الغربي في باريس ما هو البديل فلم يجيبها احد وغطى العرب على موقفها الواضح بالمزيد من الاشاعات والتشكيك واعتبارها الولد الضال الذي خرج على أهله دون ان يدركوا ان ابوة النظام العربي كانت ومازالت ظالمة وان الربيع العربي الذي لم ينجح في تنقية الجسم العربي من الامراض والعلل راح يستعمل الدواء الغربي وخاصة الاميركي الذي ظل يدمن عليه طويلا دون ان يدرك خطورة النهايات ..
تستحق قطر الثناء على موقفها المتميز وسوف نرى من الرابح ومن الخاسر اخيرا بعد انتهاء الزفة الاميركية وحفلة الزار التي بدات ولا نعرف على وجه التحديد متى ينفض سامرها !!.

 

Related posts

قمة الرياض: الأوقاف الأردنية صاحبة الاختصاص بإدارة المسجد الأقصى

قمة الرياض: لا سلام مع إسرائيل قبل انسحابها حتى خط الرابع من حزيران 1967

عباس يدعو إسرائيل للانسحاب من غزة لتتولى فلسطين مسؤولياتها السيادية