عروبة الإخباري – كتب الدكتور عبدالله ناصر سلطان العامري، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى المملكة الاردنية الهاشمية، مقالاً بعنوان “الأردن عمود البيت العربي” وجاء فيه:
تأتي زيارة سيدي جلالة الملك عبدالله الثاني الى بيته الثاني دولة الإمارات العربية المتحدة في اطار التنسيق والتعاون المتواصل وفي ظل ما يجمع البلدين الشقيقين من علاقات قوية ونموذجية متنامية عزّ نظيرها، حيث كانت هذه العلاقات وما زالت موضع اهتمام قيادات البلدين والمسؤولين والشعبين الشقيقين في كافة المجالات والشؤون دون استثناء.
والتقى جلالة الملك خلال الزيارة شقيقه الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في دولة الإمارات العربية المتحدة حيث تم بحث كافة الشؤون التي تتعلق بمصلحة الامة والبلدين الشقيقين، وقد أكد سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال اللقاء على إعتزاز دولة الإمارات العربية المتحدة بالمستوى المتقدم والرفيع الذي وصلت إليه العلاقات التاريخية الراسخة، التي تربط البلدين والقيادتين والشعبين الشقيقين .
في الحقيقة انها مسؤولية وأمانة كبيرة في الوقت الراهن تقع على عاتق دولة الامارات العربية المتحدة والمملكة الاردنية الهاشمية في الدفاع عن قضايا الامة العادلة وحيث ضرب الوهن والضعف اماكن ومراكز رئيسية في الوطن العربي الكبير جعلها عرضة لأطماع داخلية وخارجية، تعاظمت معها الاخطار والتهديدات التي تنذر بمزيد من الخراب والتمزيق للوطن العربي ووحدته المنشودة، فكان الاستشعار والإدراك لخطورة المرحلة المفصلية التي تمر بها أمتنا مبكراً من قبل قيادات البلدين الحكيمة بأن حملت لواء الامانة والمسؤولية وكثفت من نهج التشاور واللقاءات بهدف التصدي لكل ما من شأنه يهدد الامة ومستقبل الأجيال، فهذا هو ديدن القيادات الرشيدة في البلدين الشقيقين بالحرص على مصلحة شعوبها وأمتها وأمانتها التاريخية.
وتوصف العلاقات الإماراتية – الأردنية بأنها علاقات وثيقة ضاربة جذورها في الأعماق منذ القدم ، خصوصاً وان الاردن كان من الدول الأولى والشقيقة التي بادرت الى الإعتراف بقيام اتحاد الإمارات العربية وجرى ذلك في اليوم التالي لاعلان قيام الإتحاد بتاريخ 2/12/1971 ، كما ان هذه العلاقات النموذجية والعميقة على مستوى القيادات والشعبين الشقيقين في الامارات والاردن كانت على درجة عالية من التميز حتى قبل قيام الاتحاد ومع كافة الامارات، وتكلل ذلك منذ القدم من خلال التعاون والتنسيق الثنائي والتصدي للتحديات والاخطار المشتركة، منها حرص المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان (حاكم ابوظبي وقتئذ) على التواجد جنبا لجنب مع شقيقه المغفور له بإذن الله الملك حسين بن طلال على الساحة الاردنية في ارض المعركة في حرب عام 1967 لمواجهة العدوان الاسرائيلي في صورة توضح حقيقة الشعور الاخوي والمحبة التي ترخص لها الارواح فداءاً للامة وللاردن قيادةً وشعباً.
ان ما يتوج العلاقات هو ما يجمع الأسر الحاكمة في كلا البلدين من وشائج أخوية وثيقة تجاوزت الحدود الرسمية الروتينية ووصلت إلى روابط الاخوة والزيارات الخاصة المتكررة، فضلاً عن ان هذه العلاقات راسخة ومتينة بين الزعيمين الكبيرين بين صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وأخيه جلالة الملك عبدالله الثاني – حفظهما الله، وهي قديمة ممتدة واصيله لما كان يجمع الراحلين الكبيرين المغفور لهما باذن الله الشيخ زايد والملك حسين من محبة وتعاون ، كذلك بين الشعبين الشقيقين اللذين تربطهما وشائج المصير الواحد وابهى صور التواصل والتعاون والتكافل الاجتماعي.
ولا تقتصر العلاقات المميزة بين البلدين من خلال هذا التواصل، فهناك أيضا تنسيق مستمر وفعّال وعلى أعلى المستويات بين المسؤولين الأردنيين والإماراتيين، فضلا عن التوافق والانسجام الكبير في مواقف كلا البلدين تجاه كافة القضايا العربية والإسلامية والإنسانية، ويتضح ذلك من خلال حالة التنسيق المستمرة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والدفاع عن كافة حقوق الشعب الفلسطيني بإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين والقدس وفقا لقرارات الشرعية الدولية التي تفضي لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة، كما يسري هذا التعاون والمواقف الموحدة على جميع القضايا المشتركة والمهمة.
ان الإمارات العربية المتحدة قيادةً وشعباً تقدر عالياً الدور الاردني النموذجي والفريد تجاه الدفاع عن قضايا الامة العادلة خصوصا وان الاردن ظل على الدوام عبر قياداته ومؤسساته الرسمية يتميز بقدرة فائقة على التواصل وإسماع الصوت العربي الحق في المنابر الاقليمية والأجنبية، فضلا على ان الاردن يعتبر داعم أساسي لكافة حقوق وقضايا دولة الإمارات العربية المتحدة والحال بالنسبة للامارات فهي داعمة لكل ما من شأنه يصب في مصلحة الاردن. والبلدين من الدول العربية الاساسية التي تدعو لتفعيل المشاريع العربية المشتركة والتقارب العربي – العربي.
كما كان لحكمة القيادة الاردنية والحكومة الرشيدة دور مثمن بالحفاظ على امن الأردن واستقراره رغم المشاكل والحروب والنزاعات الخطيرة التي تحيطه ورغم شح الإمكانات، لكن اثبت الاردن الشقيق أنه كبير بانسانه وعطائه اللا محدود، وهاهو اليوم كما كان بالامس سنداً قوياً لاشقائه ومركزاً انسانياً وحضناً دافئاً لكافة الجنسيات على اختلاف الاعراق والاديان التي وجدت فيه ملاذاً آمناً وهذا مستمد ايضاً من الهبة التي اودعها الخالق عز وجل لهذه الارض الطيبة المباركة التي تجاور المسجد الأقصى والقدس الشريف.
ان سياسة الأردن الخارجية القوية والامينة رافقها نجاحات وانجازات على المستوى الداخلي على شتى الصعد، حيث تعتبر الاردن من ضمن الدول المتقدمة على مستوى التعليم والصحة والتكنولوجيا والسياحة وبالذات السياحة العلاجية ، حيث تستقطب مئات الألوف من رعايا العرب وأبناء دول الخليج العربي في قطاعات التعليم والصحة والسياحة والتكنولوجيا والتجارة والاستثمار، على الجهة المقابلة ترفد الأردن سوق العمل الإماراتي والخليجي بمئات الألوف من الكفاءات التعليمية والصحية والعسكرية والقطاع الخاص المدرب على أساليب وتقنيات التكنولوجيا الحديثة.
لقد ظل الاردن المكان والإنسان على الدوام مصدر فخرنا نحن في الإمارات، فهو الدرع الواقية لامته والمدافع عن قضاياها العادلة خصوصاً القضية الفلسطينية وكافة القضايا والحقوق العربية والاسلامية والانسانية جمعاء، هذه الحقوق التي تدافع عنها صقور وبواسل الجيش العربي الاردني المتسلح بالعلم والخبرة والعزيمة والرجولة. لذلك سيبقى الاردن بمشيئة الله عمود البيت العربي والركيزة والداعم لكل اشقائه والقضايا العادلة./عن عمون