محمد المسفر/رحلة جوية مع الدكتور صائب عريقات

(1)
كنت في عمان للمشاركة في أعمال مؤتمر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وتدور أعمال المؤتمر حول الطائفية والأقليات والدولة وشارك في المؤتمر عدد من الباحثين والمختصين في هذا الشأن، وقدمت فيه بحوث محكمة تزيد عن ستين بحثا أكاديميا . والحق أن وسائل الإعلام الأردنية قد شغلت بأعمال ذلك المؤتمر. قدر لي أن أشارك في حوار تلفزيوني في عمان عن أهمية ذلك المؤتمر وكان رأيي أن انعقاد مثل هذا المؤتمر جاء متأخرا لأن الطائفية قد أنشبت أظفارها في المجتمع العربي لكن تنبه المركز المشار إليه لأهمية هذا الموضوع وبادر في تناول المسألة من جميع جوانبها وللمركز السبق في تناول هذه الظاهرة بالنقد والتحليل ووضع التصورات للخروج من هذا المأزق الطائفي.
(2)
كنت في طريقي إلى الرياض للمشاركة في أعمال مؤتمر آخر لا يقل أهمية عن المؤتمر السابق إنه “الخليج العربي والتحديات الإقليمية “والذي نظمته وزارة الخارجية في المملكة العربية السعودية ومركز الخليج للأبحاث وشارك في هذا المؤتمر ما يزيد عن 300 مشارك من دول عربية وأجنبية من بين المشاركين كان الدكتور صائب عريقات .
التقينا في الطائرة المتجهة نحو الرياض، وبعد أن استوت الطائرة في الجو انتقلت إلى الدكتور صائب وبعد التحية ومعرفتي بأننا سنكون جميعنا مشاركين في المؤتمر المعني بالتحديات الإقليمية . سألت الصديق عريقات ألم تملوا من المفاوضات مع القيادات الإسرائيلية منذ عام 1993 ؟ أسهب الدكتور صائب كعادته في شروحاته حول جولات المفاوضات . قلت دعنا ننتقل إلى المفاوضات المعنية بوقف الحرب على غزة والتي تمت في القاهرة وسألته ألم تجهض تلك المفاوضات ما أنجزته المقاومة الفلسطينية في غزة ؟ الإنجازات التي قد تعترضون عليها في السلطة الفلسطينية، أذكر منها على سبيل المثال: أن سلاح المقاومة ألحق بإسرائيل خسائر كبيرة، هدد أمن كل المدن الإسرائيلية الأمر الذي عطل عجلة الإنتاج لخمسين يوما لأن الناس راحوا إلى الملاجئ لساعات طويلة وكذلك الحكومة الإسرائيلية كانت تعقد اجتماعاتها في الملاجئ المخصصة لكل وزارة، ألم يرحل سكان المستوطنات من محيط غزة، ألم تتعال أصوات الإسرائيليين ضد حكومة نتانياهو احتجاجا على استمرار الحرب على القطاع .
لقد اشتعلت الحرب ضد قطاع غزة بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، لماذا لم ينتقل الرئيس محمود عباس ووزراؤه إلى غزة للمشاركة في صمود الشعب الفلسطيني ورفع الروح المعنوية للمقاتلين عن شرف وكرامة وحقوق الشعب الفلسطيني . وأخيرا لماذا لم تفتح المعابر كما جاء في نص اتفاق القاهرة الذي قادته حركة فتح بالتعاون مع المصريين، إسرائيل بالأمس اعتقلت صيادي أسماك قرب سواحل غزة لماذا لم تتصد حكومة الحمدلله لهذا العدوان اليومي على سكان غزة بعد اتفاق القاهرة.
لماذا لم تسلم سلطة رام الله مرتبات الموظفين العاملين في القطاع منذ عام 2007 وحتى اليوم رغم أن قطر قد تعهدت بدفع تلك المرتبات عندما أعلنت السلطة بأن ميزانيتها لا تسمح بدفع مرتبات موظفي الإدارة في غزة فبل تشكيل حكومة الوفاق الوطني. حكومة رام الله أمرت جميع موظفي قطاع غزة الذين كانوا تحت إدارتها عام 2006 بالامتناع عن أداء واجباتهم الوظيفية على أن يتسلموا مخصصاتهم المالية كاملة.
(3)
والحق أن الدكتور صائب عريقات عنده قدرة فائقة على إيجاد الذرائع لكل إخفاقات السلطة . يقول عريقات إن محمود عباس كان في ميدان المعركة على غزة لكن في الميدان السياسي من عمان إلى القاهرة إلى رام الله، قلت أنا لا أعني المعركة السياسية، قادة الدول يكونون في عواصم بلادهم وفي أقرب مناطق الصراع العسكري أما عباس فقد اختار التنقل بين تلك العواصم، لماذا غاب وزير الداخلية ورئيس الحكومة الحمد الله عن غزة وهي تتعرض للدمار على يد الجيش الإسرائيلي . أنتم في السلطة الفلسطينية تطلبون أن تسلم المساعدات المالية لإعمار غزة لخزينة سلطة محمود عباس، السلطة ينخرها الفساد المالي كما تقول وسائل الإعلام الفلسطينية فكيف تكون السلطة بيدها أموال إعمار غزة ولا يكون من بين أعضاء اللجنة المشرفة على استلام الأموال أي من حركة حماس والجهاد الذين كانوا الأكثر والأقوى في مواجهة إسرائيل، وتقترحون أن تشرف السلطة ومصر وإسرائيل على مواد إعمار غزة . أليس ذلك إهانة من سلطة رام الله على من كان أمينا على إدارة القطاع منذ 2006 وقدموا نماذج في الأمانة والنزاهة في صرف كل ما يصلهم من عون مالي لصالح المواطن في قطاع غزة بصرف النظر عن انتمائه الحزبي .
يقول الدكتور صائب عريقات في رده على عدم تسليم موظفي قطاع غزة مرتباتهم التي تبرعت بها قطر أن البنوك في غزة ترفض استلام تلك المبالغ وتسليمها لمستحقيها لأن حركة حماس مصنفة منظمة إرهابية، لكن في الأيام القادمة والقريبة جدا سوف تسلم المستحقات المالية لمستحقيها في القطاع .
في أي حوار مع الدكتور صائب عريقات يؤكد أنه يجب في حالات الاختلاف بين القيادات الفلسطينية فإن الحل الأمثل لذلك الاختلاف هو صندوق الاقتراع ولكن يا دكتور صائب صندوق الانتحابات جاءت بحركة حماس لتولي القيادة بدلا من حركة فتح 2006. رفضتم نتيجة الصندوق الذي تطالب به اليوم، الأمر الثاني صندوق الانتخابات جاء بالدكتور محمد مرسي رئيسا لجمهورية مصر ولم تقبل تلك النتيجة وتم الانقلاب العسكري على نتيجة الصندوق، وحصل في العراق الصندوق أقر بأن إياد علاوي هو الفائز في الانتخابات كما شهد بذلك الصندوق ورفضت النتيجة . فأي صندوق يا دكتور ستقبلون بنتيجته إذا لم يأت بكم إلى الصدارة ؟
أخر القول: الصندوق يكون مطلبا في الزمن الطبيعي وليس في مراحل عدم الاستقرار كما هو حاصل في غزة، وللحديث صلة.

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري