علي البغلي/«داعش» عاشت بين ظهرانينا منذ عقود!

سيطرة ما تسمى «الدولة الإسلامية» (داعش) على أجزاء كبيرة من سوريا والعراق، تُشعر المراقب بالشفقة على المواطنين السوريين والعراقيين.. الذين أبقت عليهم «داعش» تحت حكمها.. لأنها نحرت البعض وشرّدت البعض الآخر.. وباعت في أسواق النخاسة أطفالهم ونساءهم.. وفعلت بأمتي العرب والإسلام ما لم يفعله البرابرة والمغول، باسم الإسلام.. والإسلام منها ومن أفعالها وأدبياتها براء، براءة الذئب من دم ابن يعقوب.. فلو جاء الإسلام السمح – لا سمح الله – بمثل تلك العقلية والأفعال المنكرة لانقرض وأصبح من الديانات التاريخية المندثرة، التي تدرّس في كتب التاريخ ومناهجه!

* * *

آخر المنكرات التي ارتكبتها – وترتكبها – «داعش» في سوريا – على سبيل المثال – تمثلت في التالي: أصدرت ما يسمى مديرية المناهج التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) تعميماً نشرته في الرقة إلى المؤسسات التربوية والتعليمية قاطبة في مناطق سيطرتها.. تتضمن التعليمات ما يتعلق بالمنهج الدراسي الجديد، وإلغاء «داعش» بشكل تام مواد التربية الفنية والموسيقية والتربية الوطنية والتربية الاجتماعية والتاريخ والتربية الفنية التشكيلية والرياضية، وقضايا فلسفية واجتماعية ونفسية والتربية الدينية الإسلامية والتربية الدينية المسيحية.. وتتضمن التعليمات شطب جملة الجمهورية العربية السورية أينما وجدت، واستبدلت بها الدولة الإسلامية، إضافة إلى طمس جميع الصور التي لا توافق الشريعة الإسلامية، وصدرت تعليمات مشددة بمنع النشيد العربي السوري أينما وجد، وعدم تدريس مفهوم الوطنية والقومية، وإنما الانتماء الى الإسلام وأهله.. واستبدلت بكلمات: الوطن أو وطنه أو سوريا أو وطني – أينما وجدت – عبارات: الدولة الإسلامية أو دولته الإسلامية أو بلاد المسلمين، أو ولاية الشام..

وتضمّنت الورقة – أيضاً – حذف أي مثال في مادة الرياضيات يدل على الربا أو الفائدة الربوية أو الديموقراطية أو الانتخاب.. وحذف كل شيء في العلوم يتعلق بنظرية داروين أو النشوء والارتقاء والخلق.. وأعلن ديوان التعليم في الرقة عن دورة شرعية، مدتها أسبوع لمديري ومعلمي المدارس ذكوراً وإناثاً. (جريدة الحياة 30 أغسطس).

* * *

ونحن نرثي لحال أهل الرقة والمناطق العراقية المحتلة من قبل «داعش»، ونراهن على أن أهل الرقة المغلوبين على أمرهم سيترحّمون ليلاً ونهاراً على حكم بشار الأسد ووالده حافظ الأسد، الذي كان على الرغم من دكتاتوريته ودمويته بمنزلة ملاك سماوي متحضّر، مقارنة بــ «داعش» وهمجيتها ودمويتها وانفصالها عن الواقع المعاش، ليس في سوريا فحسب، بل في العالم أجمع!

ونقول لأشقائنا في الإنسانية من المسلمين والمسيحيين واليزيديين وغيرهم من أقليات سفكت «داعش» دماءهم وشرّدتهم، وهتكت أعراض نسائهم في العراق وسوريا وغيرها إن ما فعلته «داعش» – على الأقل – في المجال التربوي عندكم شهدنا بعضه في الكويت عندما سلمنا أمورنا للأصوليين من «إخوان» و«سلف».. فقد منعوا دروس الفن والموسيقى وعزلوا الذكور عن الإناث بالتعليم الجامعي، ولم يقف دهاقنتهم إجلالاً لسلامنا الأميري.. وحرموا التعامل مع البنوك التقليدية وأنشأوا بنوكهم الخاصة التي تقاضوا من خلالها من المحتاج أكثر مما تتقاضاه البنوك التقليدية.. وحرموا الديموقراطية، مع أنهم ارتقوا على سلالمها، ومنعوا التداول في نظرية النشوء والارتقاء، ووضعوا الضوابط الشرعية على الحفلات، ومنعوا النساء من ارتياد مقاهي الشيشة.. وقائمة طويلة من الزواجر والنواهي التي تقطر تفاهة وسطحية، والتي لم يبرعوا إلا فيها، بغض النظر عن الزمان والمكان..

فلأهل سوريا والعراق الكرام المحتلين من قبل كواسر «داعش».. نقول لهم لا يصح إلا الصحيح وليلكم المدلهم سينجلي – بإذن الله – قريباً بإيداع «داعش» وفكرها عقر مزابل التاريخ!

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

Related posts

الضيف «اللي ما يجيب»* الحيف بشار جرار

بعد 400 يوم.. المخطوفون ما يزالون بغزة* ريفكا نارييه بن شاحر

خطاب ولي العهد وتحديات المناخ ( كل روحٍ تستحقُ القتال لأجلها )* النائب محمد يحيى المحارمة