عروبة الاخباري – خاص – كتب سلطان الحطاب – يصادف اليوم عيد ميلاد الملكة رانيا . والكتابة عنها لا تستهدف التبجيل ، وانما توصيف الحال.. فملوكنا جزء منا يعيشون الحياة بتفاصيلها ويتحملون المسؤولية والاعباء وحتى التفاصيل ..
مسيرة الملكة رانيا العبدالله ليست سهلة فقد عاشتها حتى الان ببرنامج عمل يعرف الكثيرون ممن هم قريبين منها صعوبته واحتشاءه بالعمل . ولعل المعلن منه اقل من الذي يجري وراء الابواب وفي الادراج . فمكتب الملكة محطة تتدفق اليها القضايا المختلفة وبعضها قد لا يخصها ولكنها ظلت في عملها تشكل نافذة لكل صاحب قضية وحاجة وفكرة ورأي ومساهمة شكل وجودها الى جانب قائدنا ابي الحسين توازنا واضحا وملموسا في اسرة نذرت نفسها بالوراثة للعمل من اجل شعبها . فكانت الملكة يمين الملك وساعده في الاطلالة على شعبها وبذل الجهد في سبيله ..
الملكة جاءت من الشعب . وظلت ملتصقة به تحمل همومه وتفكر في قضاياه لم يصرفها زمن الملوكية الذي تفهمه على نحو آخر عن مواقع الخطى التي تسلكها كابنة لهذا الشعب . واعتقد ان الملكة رانيا بحكم موقعها الى جوار الملك ومعه وفي سبيل الرسالة التي رغبت دائما ان تؤديها وان تجعل مضمونها اكثر انسانية وشعبية تحملت الكثير وواجهت الكثير اما بابتسامة او صمت او احتساب لصالح الاحساس بالمسؤولية والقدرة على تحملها .. لقد كان لافكارها العديدة ومساهماتها الفاعلة دور كبير في بلورة عديد من المواقف التي جعلت اخراج كثير من المسائل تاخذ شكلا حضاريا وناعما . فقد كانت ترى وهي التي تتعلم في مدرسة الملك ان الانسان بالفعل هو اغلى ما في الوطن وانه جدير بالاحترام وصيانة كرامته وان المراة الاردنية من حقها المساواة تماما مع الرجل طالما ان ذلك مجسد في الدستور وان احترام الدستور هو بتطبيقه وليس بالكلام عنه وفي هذا المجال ” ناضلت ” الملكة اذا جاز استعمال تعبير ” مناضل ” للملوك او الملكات من اجل ” امراة اردنية متمكنة ” ومن اجل مساواة حقيقية ومن اجل اولاد لاردنيات لا يشعرون بالتمييز او التقصير .. لقد عملت الملكة بجد واجتهاد في مجال بلورة الحقوق المدنية وحقوق الاحوال الشخصية للاردنيات ولم يكن طريقها سهلا ولا مفهوما لدى بعض الفئات وان كانت ارادتها واصرارها والمصلحة الوطنية العليا كما تفهمها اقوى من كل ذلك ..
كانت ترى ان الاردنيين من حقهم ان تتعدد وجهات نظرهم وان يعبروا عن ذلك وحين كانوا يعبرون كانت ترى دائما حقهم في الخبز والحرية . وحقهم في احترام احتجاجاتهم فكانت تعرف اسلوب ذلك بانه شكل ناعم في مواجهة الاحتجاج وقد جاءت هذه الفكرة مدعمة من جانب الملك الذي كان يعطي اجهزته تعليمات حسن التعامل مع المواطن وحفظ حقوقه وصون كرامته ..
كانت اطلالة الملكة الداخلية تحمل بصمات ايجابية عميقة لايعادلها الا اطلالتها الخارجية وعلى المجتمع الدولي الذي اتقنت لغته بالمعنى المضموني والاصطلاحي وعرفت كيف يمكن التشبيك مع العديد من دوله ومنظماته الانسانية الاجتماعية لصالح صورة اردنية جميلة وواضحة فالمحافل الدولية تقرباسهامات الملكة رانيا ودورها وتعظم ذلك وترى فيه نموذجا ليس للمراة العربية الشرقية فقط بل وعلى المستوى الدولي ومن هنا كان الاحتفاء بها والجوائز العديدة التي نالتها في مسيرة عملها المتراكم ..
الملكة الان على راس اسرة تتفتح وتاخذ دورها في حياة الاردنيين وخدمتهم فقد قدمت للاردنيين شبلا هاشميا مميزا انه الامير الحسين ولي العهد الذي فاجأ الكثيرين بكارزميته وحضوره اثناء القاء كلمته الاخيرة . كما فاجأ الكثيرين باتساع ثقافته ونظرته وحسن تدريبه وتكيفه لتولي المسؤولية فجاء ثمرة طيبة لسنوات من التربية والاعداد والتاهيل وهو اليوم بتوجيه الملك القائد والأم الرؤوم الملكة رانيا العبدالله يصعد درجات السلم في تطبيق المسؤولية وأعطاها المضمون الذي تستحقه..
ستبقى الأفكار النيرة التي قدمتها الملكة إطارا مميزا للعمل وخاصة مشروع “مدرستي” الذي الهم الكثيرين الانخراط فيه وترجمة رغبتهم في المساهمة لأن ثمرة هذه الفكرة كانت محسوسة وهي ما زالت بحاجة الى مزيد من العمل والتطبيق.. وبموازاة ذلك هناك افكار عديدة أطلقتها الملكة لا لتكون دعاية او حالة لمناسبة او ابراز لهدف اعلامي ولكنها افكار امسكت بها وجسدتها في مجالات اجتماعية وانسانية وريادية . فالملكة تراهن على الشباب الاردني ..شبابا وشابات وترى فيهم الروافع الحقيقية للمستقبل وهي لا تبخل عليهم بالافكار العديدة التي سرى بعضها في قناعاتهم واعتقدوا بجدواهم وما زالت هذه الأفكار بحاجة الى مزيد من الدعم المادي والمعنوي والاعلامي لتشكل اهدافا وتصل الى غاياتها.
والملكة لا تستطيع العمل وحدها بل لا بد من ان تجد في هذا المجتمع الخير العديد من ابنائه وبناته لالتقاط افكارها وتجسيدها باتجاه المزيد من المشاريع العملية والناجحة والتي تقوم ضرورتها وأهميتها لمواجهة المزيد من تراكم البطالة والتهميش وحالات اليأس التي تعيشها شرائح شبابية تتطلع للهجرة ما استطاعت.
ان لأفكار الملكة التي أتمنى ان تواصل انطلاقتها وضخ المزيد منها أهمية كبرى على الشباب فالنماذج الممتازة التي قامت لا تكفي والاهتمام الذي رأيناه في مشاركة العديد من الشباب من خلال افكار الملكة وعلى مختلف المستويات بحاجة الى الاستزادة منه وتوسعته وتشكيل المزيد من الهيئات واللجان العملية والواقعية التي يقوم بها الشباب انفسهم وذلك ما يحرك المجتمع ويملأ الفراغ الذي ان ترك فإن الاخرين سيملأونه بفكر وسلوك قد يتعارض مع اهدافنا في الامن والاستقرار وبناء جيل وطني سليم..
لا بد من الاستفادة من دروس غزة ايضا والاعتبار منها وصناعة ورشة تفكيرية تستخلص الدرس والعبرة وتبنى عليها .. كما لا بد من تعظيم دور المرأة الأردنية بعيدا عن النخبوية والصالونات وايضا باتجاه التوعية الوطنية الحقيقية في بناء جيل تلعب المرأة دورا كبيرا في اعداده وهذا يتطلب برامج حقيقية تشكل مضامين نافعة لزيارات الملكة وجولاتها وحتى للاطارات التي تطرحها والتي يجب التقاطها حتى لا يبقى الحل في دائرة المراوحة.
نحتفي بعيد ميلاد ملكتنا العزيزة ونشد على يدها ونقول مبروك والى الامام في خدمة ملكنا ووطننا وشعبنا .. والعمر المديد..