يقول أحد الدعاة، والذي لا يستحق حتى ذكر اسمه، بعد كل ما أحدثه وأمثاله من خراب في عقول الشباب ودفعهم الى الموت في معارك عبثية، يقول إن تعلق النفس بالجهاد ورغبتها في سفك الدم وسحق الجماجم وتقطيع الأجزاء هو جهاد في سبيل الله وشرف للمؤمن. ويكرر الكلام ذاته دعاة آخرون، في الكويت وغيرها، مؤكدين – بقوة – على قضية إزهاق روح الآخر المختلف، ضرباً بالسيف، وتقطيع أوصاله، خصوصاً إن كان يهوديا.
وعليه، فإن أي تصور بإمكانية تحقيق صلح أو سلام يوما ما بين العرب (المسلمين بالذات)، وبين الإسرائيليين (اليهود الصهاينة بالذات)، هو أمر أكثر من خيالي في ظل المعطيات أعلاه. هذا من جانب، ومن جانب آخر يبين الواقع العسكري والميداني والتقني، أن بإمكان إسرائيل القضاء على كامل الشعب الفلسطيني، في غزة على الأقل، خلال ايام قليلة. ولا يمنعها من ذلك غير خوفها من إثارة المجتمع الدولي وفقد احترامه، وخسارة أصدقائها. وبالتالي فدوافعها وراء أي عمل عسكري تقوم به هو أمني بحت، فليس هناك نص تلمودي أو توراتي يطالب بــ «ضرورة» القضاء على المسلمين وإفنائهم. ولكن في الجانب الآخر هناك عجز عسكري وتقني ومعيشي وتعليمي تام لدى الجانب الفلسطيني، وفي غزة بالذات، في إحداث أي تغيير في عقلية أو موقف القيادة الإسرائيلية من السلام أو القضاء على إسرائيل، وهذه الصواريخ التي تطلقها «حماس» تعتبر مزعجة جدا لإسرائيل، ولكن ليس بإمكانها، حتى الآن، إحداث التغيير المطلوب، وضرر ما ترد به إسرائيل على إطلاقها اكبر بكثير مما تحدثه من أذى، وكأننا نشبعها يوميا شتائم مقذعة فتشبعنا ضربا مبرحا وتزيد من الأيتام بيننا!
المهم من كل ذلك أن معضلة السلام بين الشعبين غير قابلة للتحقيق، فهناك عقلية ترسّخت على مدى قرون، وبحكم التاريخ والجغرافيا، فكرة القضاء على، ليس فقط الكيان الصهيوني، بل ربما الجنس اليهودي برمته.
وبالتالي كيف يمكن توقع سلام بين طرف يعرف جيدا أنه الأقوى ولديه القدرة والإرادة لأن يبقى قويا، في الوقت الذي يعتقد فيه ذلك الطرف، أي نحن، بأن من واجبنا القضاء على الآخر وإنهاء وجوده، فهل هناك سلام متوقع، في ظل مثل هذه المفاهيم؟ لا أعتقد ذلك، ولن أراه في أحلامي، ولا في ما تبقى لي من عمر، وانتو كيفكم!
أحمد الصراف
habibi.enta1@gmail.com