حمزة منصور/ماذا يعني تهجير مسيحيي العراق؟

ذكرت مصادر كنسية في عمان أن 216 لاجئا عراقيا مسيحيا من أصل ألف سيصلون الأردن تباعا، وهم جزء من مئتي ألف مسيحي تم تهجيرهم من شمال العراق. ومع أن التهجير طال عراقيين من مختلف الملل والنحل، وأنه ليس وليد الساعة، فمنذ احتلال قوات الأطلسي المدعومة عربيا وإقليميا العراق تدفق المهاجرون على دول الجوار، وكان حظ الأردن منهم كبيرا، إلا أن خطورة تهجير المسيحيين تكمن في أنهم لا يسعون الى إقامة مؤقتة او دائمة في دول الجوار ومرهونة بزوال الأسباب، فوصولهم إلى الأردن محطة على طريق ركوب البحر أو الجو إلى النصف الغربي من الكرة الأرضية، ولا سيما في ظل إغراءات تقدم لهم من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي أو أستراليا، حيث الإقامة والتأمينات الاجتماعية، والبعد عن آلة القتل والتدمير التي تفتك بالعراقيين اليوم وبكثير من أشقائهم في الأقطار العربية.

وإعلام اليوم حاضر يرصد كل حركة ويبثها على مدار الساعة ، ويتفنن في عرضها وتحليلها لتحميل مسؤولية التهجير وما رافقه من عذابات للإسلام، وهو المتهم لديهم أصلا بالعنف والتطرف والإرهاب والاضطهاد الديني انطلاقا من ثقافة معادية للإسلام. وهي تهمة يبرأ الإسلام والمسلمون منها، وهذا ما يشهد به الواقع وكل منصف من غير المسلمين، فالإسلام ومعتنقوه لم يعرفوا محاكم التفتيش ولا جرائم الصرب ولا التهجير إلى سيبيريا، ولا جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب ، فكل ذلك محرم في دين الله ومجرم لقول الله سبحانه «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون»، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم «من آذى ذميا فأنا خصمه يوم القيامة». وفي ضوء هذه النصوص قطعية الثبوت وقطعية الدلالة يتضح لنا أن المسيحيين العرب لم يقاتلونا في الدين، ولم يخرجونا من ديارنا، ولم يظاهروا على إخراجنا، وهم ليسوا طارئين على هذه الديار أو دخلاء عليها، بل هم جزء أصيل من أهلها، وربما كان بعضهم أسبق من المسلمين في سكنى هذه الديار. كما أنهم لم يوالوا الفرنجة حين غزو ديار الإسلام، ولا المغول حين احتلوا بلاد المسلمين وعاثوا فيها فسادا، وإلا لرحلوا معهم حين غادروا البلاد، أو على الأقل لما سمح لهم المسلمون بالبقاء بينهم، فما مبرر تهجيرهم وترويعهم والاعتداء على أنفسهم وأموالهم وذراريهم، اللهم إلا أن يكون الظلم الذي حرمه الله على عباده «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا» وتوعد مرتكبيه بأشد العقوبات يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

Related posts

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري

ما الخطر الذي يخشاه الأردنيون؟* د. منذر الحوارات