محمد المسفر/العراق بين الأمل والخوف على مستقبله

ثمانية أعوام مرت على العراق الشقيق تحت حكم نوري المالكي وعصابته تخللها قتل عشرات آلاف الأبرياء تحت ذرائع مختلفة، واكتظت السجون والمعتقلات بآلاف المدنيين الشرفاء من الجنسين، وتشرد مواطنون من كل ملة ومهنة، يقدرون بمليونين من الناس. ثماني سنوات عجاف نُهب فيها المال العام وانتهكت أعراض ومحرمات أخرى، تجذرت في تلك الحقبة جذور الطائفية البغيضة الملعونة، بمعنى آخر عاش العراق حقبة حالكة السواد ـــ تحت قيادة المالكي ـــ مخضبة بدماء الأبرياء، لينعم نوري المالكي ويشبع غرائزه الحاقدة على شرفاء العراق. اليوم خرج المالكي بجسده من قصور الحكم في بغداد مذموما مدحورا ملعونا من كل ملة.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل خروج المالكي ملعونا من كل القوى الدولية والإقليمية وحتى الأحزاب الطائفية، ودخول الدكتور حيدر العبادي ليحل محله رئيسا للوزراء سيغير واقع العراق الشقيق وينتشله من براثن التقسيم والتفتيت ودياجير الطائفية والضياع؟ أم أنه سيكون صورة من صور “حزب الدعوة” ذات أبعاد أربع، كل ينظر إليه من زاوية مختلفة، لكن الصورة تبقى واحدة بوجه واحد؟
حزب الدعوة الذي ينتسب إليه المالكي والعبادي حزب طائفي مقيت ومن يخرج من رحمه لتولي قيادة عليا لن يكون نظيفا من التلوث بأفكار الحزب وعقيدته.
يقول السيد عزت الشابندر في حديث عن حزب الدعوة مسجل بالصوت والصورة: “إنه حزب متخلف، إنه عشيرة بائسة تافهة تعبانة، لا دين له ولا أخلاق”، فماذا يرجو العراق والعرب من أحد قادة حزب الدعوة، وأخص بالذكر الدكتور حيدر العبادي الذي أصبح رئيس وزراء العراق المكلف بعد طرد المالكي من قصر الحكم في بغداد.
لقد قوبل تكليف العبادي ليكون رئيسا لوزراء العراق بدلا من المالكي بالتأييد الدولي والإقليمي والطائفي، بما في ذلك أم الطائفية جمهورية إيران الولي الفقيه، فهل يكون الدكتور حيدر العبادي رجل العراق العربي الصادق الأمين الذي سيضمد جراح العراق السياسية ويحلق به في معراج الوحدة والاستقلال عن أي قوة كانت، ويحقق الانسجام الأهلي بين مكونات الشعب العراقي؟
مأساة العراق اليوم تكمن في الاستبداد الطائفي بكل أشكاله وأنواعه، فهل يستطيع العبادي الخروج من حضن الطائفية ليكون رجل العراق؟
للإجابة عن هذا السؤال، فإني أقول إن البداية ليست مبشرة بخير، لأن الدكتور حيدر العبادي ألقى بالأمس بيانا أعلن فيه “ولاءه للمرجعية الشيعية، وأنه يسترشد بتوجيهاتها”، هذا البيان لا يبشر بخير لمستقبل العراق، لكن يقول البعض: لا تؤاخذوا الدكتور العبادي بكل ما يقول قبل أن يحوز على ثقة البرلمان على تشكيل حكومته، ومن هناك حاسبوا الرجل على تصرفاته وأقواله وممارساته للحكم.
إذا ما هو الدور المطلوب من العبادي عندما يحوز على ثقة البرلمان في الأسبوعين القادمين؟ مطلوب منه (1) إعلان عفو عام عن كل المعتقلين السياسيين وأصحاب الرأي وإلغاء مادة 4 إرهاب. (2) تشكيل لجنة لملاحقة الفاسدين في كل مفاصل الدولة، ولصوص المال العام والقبض عليهم والتعاون مع المنظمات الدولية لاسترجاع الأموال المهربة إلى الخارج. (3) إصدار قانون بحصر جميع المتضررين من الحروب التي شنها المالكي طوال مدة حكمة على سكان الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالي وغيرها من المناطق العراقية وتعويضهم عن كل ما لحق بهم من أضرار. (4) حل البرلمان الحالي، لأن اكتساب العضوية فيه لم تكن مبنية على قواعد نزيهة وقد لعب فيها الفساد المالي والتهديد والترغيب من قبل المالكي وأنصاره، حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة سيفتح الطريق للعبادي لإجراء إصلاحات جوهرية وكسب ثقة الشعب العراقي وجواره العربي. (5) إعادة الاعتبار لكل من الدكتور الهاشمي، والدكتور رافع العيساوي لأنهما ظلما ظلمًا شديدا من المالكي لا يستحقان ذلك الظلم (6) إذا اعتمد الدكتور العبادي المواطنة والكفاءة والأمانة ورفض المحاصصة، هي المعايير لاختيار وزرائه، فإنه سيكون من الناجحين في إدارة الدولة العراقية وسيحظى بتأييد الغالبية العظمى من الشعب العراقي (7) مطلوب منه تنظيف القضاء من كل من هو معين على أسس طائفية أو محاباة أو قرابة أو ولاء حزبي، وأن يكون القضاء في عهده نزيها وفوق الشبهات (8) الدستور الذي كان يتبجح به نوري المالكي ينص على منع تشكيل الأحزاب السياسية على أسس طائفية أو دينية أو عشائرية أو مثير للكراهية، وهنا يأتي دور رئيس الوزراء المكلف الدكتور حيدر العبادي الوطني لتنفيذ مواد الدستور المتعلقة بهذا الشأن.
والحق أن المواطن العراقي ينتظر من الدكتور حيدر العبادي أكثر مما ذكرت أعلاه، ليشعر بالطمأنينة على أهله وماله ووطنه.
آخر القول: أدعو صادقا من كل قلبي الدكتور حيدر العبادي أن يغتنم الزخم الدولي والإقليمي لتشكيل حكومة وحدة وطنية عراقية مبنية على الولاء للوطن لا للحزب أو الطائفة، ومبنية على الكفاءة ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب. آمالنا في حيدر العبادي قوية، وخوفنا من الفشل أقوى، والله ولي التوفيق.

Related posts

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري

ما الخطر الذي يخشاه الأردنيون؟* د. منذر الحوارات