عروبة الإخباري – أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أن مسيرة الإصلاح الشامل، التي ينتهجها الأردن بتدرج وثبات وتوازن، تستند إلى أهداف وأولويات وطنية يتوافق عليها أبناء وبنات الوطن.
وشدد جلالته، خلال لقائه اليوم الأحد في قصر الحسينية رئيس وأعضاء كتلة التوافق الوطني النيابية، أن الإنجازات التي حققتها المملكة في مجال الإصلاح، وتلك التي تقترب من تحقيقها، تثبت بأن مختلف الظروف والتحديات الإقليمية “لم تعق مسيرتنا الإصلاحية والتنموية وتحولنا الديمقراطي”.
وأعرب جلالته، خلال اللقاء الذي يأتي في إطار سلسلة لقاءات يعقدها مع أعضاء مجلس النواب والكتل النيابية، عن ثقته بقدرة مؤسسات الدولة والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وبوعي أبناء وبنات الوطن وروحهم الوطنية العالية، على صون استقرار الأردن وتعزيز منعته، مؤكداً أن “موقفنا سياسياً وعسكرياً قوي جدا في هذه المرحلة”.
وأكد جلالته أن الأردن يضع مصالحه الوطنية العليا في المقدمة عند التعامل مع الظروف والتحديات الإقليمية، كما يساند بذات الوقت الأشقاء العرب بما يحقق مصالحهم ويحفظ أمن واستقرار المنطقة، مؤكداً “نحن على الدوم وتاريخياً مساندين لقضايا أمتنا العربية والإسلامية”.
وقال جلالته أن التوجيه للحكومة بخصوص تفعيل دور وزارة الدفاع وتوسيع صلاحيات الهيئة المستقلة للانتخاب يتوافق مع الأولويات الوطنية للإصلاح، ويمهد للإنتقال إلى مرحلة جديدة من الإصلاح الشامل المرتكز إلى مبادئ الشفافية، وتعزيز المشاركة الشعبية، وتحمل المسؤولية الوطنية من الجميع.
ودعا جلالته، خلال اللقاء الذي حضره رئيس الوزراء، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي، ومدير مكتب جلالة الملك، إلى أهمية تكثيف التنسيق والتشاور بين السلطات بما يساعد على ترسيخ الاستقرار والتعاون النيابي والحكومي، المدعوم بسلطة قضائية مستقلة.
وأشار جلالته إلى أن المرحلة الحالية تتطلب الاستمرار في تطوير أداء عمل مجلس النواب، وتفعيل الكتل البرلمانية على أساس حزبي وبرامجي، بما يسهم في إدامة النموذج الإصلاحي والتحول نحو الحكومات البرلمانية في المستقبل.
وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادي، أكد جلالته أن مشكلتي الفقر والبطالة والنهوض بالواقع الاقتصادي للمواطن ستبقى على سلم الأولويات رغم كل التحديات الإقليمية، وهي مسؤولية مشتركة على الجميع المشاركة في التعامل معها والتخفيف من تداعياتها على المواطنين.
ولفت جلالته، في هذا السياق، إلى توجيهه للحكومة بضرورة المباشرة في وضع تصوّر مستقبلي واضح، بنهج تشاركي يضم مجلس الأمة، للاقتصاد الأردني للسنوات العشر القادمة، مبني على التجارب الوطنية الناجحة، بهدف التأسيس لمرحلة من التحسن الاقتصادي وعدالة الفرص، بحيث يشعر بها الجميع في مختلف مناطق المملكة.
وخلال اللقاء، الذي تناول مختلف قضايا الشأن العام وآخر المستجدات على الساحة الإقليمية، أعاد جلالته التأكيد على مواقف الأردن الثابتة حيال مختلف القضايا، والمساندة لجميع الجهود المبذولة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وفي هذا الصدد، أكد جلالة الملك مواصلة الأردن لجهوده مع المجتمع الدولي لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بشكل نهائي، واستمراره بالوقوف وبكل طاقاته وإمكاناته إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين عبر تقديم العون والمساعدات الإغاثية والطبية اللازمة لهم.
وشدد جلالته، في هذا الإطار، على ضرورة بلورة تصور واضح لإعادة إعمار غزة، في ضوء ما تعرض له القطاع من عدوان إسرائيلي وتدمير للبنية التحتية والخدمات فيه.
وبموازاة ذلك، دعا جلالته إلى ضرورة تكثيف المساعي الدولية باتجاه إعادة استئناف المفاوضات التي تعالج جميع قضايا الوضع النهائي بشكل حاسم، وبما يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني على أساس حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، محذراً جلالته من عواقب استمرار السياسات والإجراءات الإسرائيلية الأحادية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خاصة في مدينة القدس.
وبخصوص تطورات الأوضاع في سوريا، أشار جلالته إلى ضرورة إيجاد حل سياسي شامل للأزمة السورية، ينهي معاناة الشعب السوري الشقيق، مستعرضاً ما يتحمله الاقتصاد الأردني والمجتمعات المحلية من ضغوط كبيرة ومتفاقمة جراء استضافة المملكة لعدد كبير من اللاجئين على أراضيها.
وخلال اللقاء، أكد جلالته دعم الأردن لكل الجهود المبذولة للحفاظ على وحدة العراق من خلال إطلاق عملية سياسية شاملة تشارك فيها جميع مكونات الشعب العراقي.
بدورهم، أعرب رئيس وأعضاء كتلة التوافق النيابية عن تقديرهم لحرص جلالة الملك الدائم على الالتقاء بأعضاء مجلس النواب ومختلف الفعاليات الوطنية، والاستماع إلى آرائهم وطروحاتهم حول مختلف قضايا الشأن العام.
وقدروا عالياً مضامين رسالة جلالة الملك إلى الحكومة بتفعيل دور وزارة الدفاع وتوسيع صلاحيات الهيئة المستقلة للانتخاب، بما يؤكد حرص جلالته على المضي قدماً في مسيرة الإصلاح الوطني الشامل وتعزيزها على مختلف الصعد.
وأكدوا دعمهم للرؤى الإصلاحية لجلالة الملك، والتي ثبت للجميع بأنها تعكس حكمة وحنكة جلالته للنهوض بالأردن، الذي أصبحت تجربته الإصلاحية أنموذجاً يحتذى في المنطقة.
وأشاد أعضاء الكتلة بمضامين مقابلة جلالة الملك مع صحيفة “الغد” الاردنية، والتي قدمت إجابات شاملة على مختلف قضايا الشأن المحلي الملحة، والموقف الأردني من التطورات الإقليمية المختلفة.
وثمـّنوا، في هذا الإطار، مواقف الأردن بقيادة جلالة الملك وسياسته الخارجية المتوازنة حيال مختلف القضايا، وبالاستناد إلى مصالحه الوطنية العليا، مقدرين الدعم الكبير والرعاية التي يوليها جلالته للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية، كدرع لحماية الوطن والذود عنه.
واستعرض نواب الكتلة، خلال اللقاء، جملة من المعيقات التي تتعلق بقطاع التربية والتعليم والتعليم العالي وأهمية النهوض بهذا القطاع الحيوي لتنشئة جيل شاب مثقف وواع ومسؤول، داعين إلى ضرورة وضع تصور وتوصيات واضحة ومحددة وفق إطار زمني محدد تستهدف تعزيز المسيرة التربوية والتعليمية.
وتناولوا المشكلات التي يواجهها القطاع السياحي في المملكة، فضلاً عن دعوتهم للنهوض بالقطاع الطبي وتفعيل قانون المساءلة الطبية، لما له من أهمية في رفع مستوى الرعاية الصحية والطبية في المملكة.
وعرضوا عددا من التحديات التي تواجه قطاع الطاقة، كعامل رئيس يؤثر على آداء الاقتصاد الوطني، داعين إلى ضرورة تنفيذ جملة من المشاريع التي تتعلق بالطاقة المتجددة والبديلة، بما يخفف من حدة هذا التحدي على الوضع الاقتصادي للمواطنين.
من جهته، أجاب رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور على جملة من الملاحظات والقضايا التي طرحها أعضاء الكتلة خلال اللقاء، مشيراً إلى أن الحكومة تعمل بالشراكة والتنسيق مع مجلس الأمة في سبيل تحقيق مصالح الوطن ورفعته.
وأشاد النسور بالتعديلات الدستورية المقترحة على جدول أعمال الدورة الاستثنائية، كونها تعزز مسيرة الإصلاح الشامل، مع الأخذ بعين الاعتبار أولويات المرحلة، وعلى أن يكون الإصلاح، كما يرتئيه جلالة الملك، بتدرج وثبات وتوازن.
وأكد أن التعديل المقترح بإسناد صلاحية تعيين رئيس هيئة الأركان ومدير المخابرات العامة بجلالة الملك مباشرة، وليس بتنسيب من رئيس الوزراء والوزير المختص، جاء لعدم إخضاع هذا التعيين للمضاربات السياسية وصولا إلى حكومات برلمانية حزبية، وكذلك تمهيدا لتفعيل دور وزارة الدفاع.
وبين أن واقع الحكومات البرلمانية الحزبية يستوجب إزالة أي تخوفات من تسييس القوات المسلحة بحيث لا تتدخل في السياسة، وفي نفس الوقت لا تتدخل السياسة في شؤون القوات المسلحة، وذلك لضمان حيادية المؤسسة العسكرية.
كما أكد رئيس الوزراء أن تفعيل وزارة الدفاع يتطلب إجراء تعديلات تشريعية هدفها حصر دور القوات المسلحة بالمهام الاحترافية العسكرية في الدفاع عن الوطن وسلامته، فيما تتولى وزارة الدفاع، التي ستكون تحت ولاية مجلس الوزراء وخاضعة لمساءلة مجلس النواب، مهام الإدارة اليومية مثل الخدمات الطبية الملكية والمؤسسة الاستهلاكية العسكرية والعطاءات والاستثمارات وغيرها.
وبين النسور أنه سيتم رفع التعديلات، كما هو الحال الأن، بحيث ترتبط القوات المسلحة والمخابرات العامة إداريا برئيس الوزراء.
وفيما يختص بالتعديل الثاني، لفت النسور إلى أن هذا التعديل سيعزز من دور الهيئة المستقلة للانتخاب كبيت خبرة أردني والتوجه بثقة نحو الديمقراطية.
وأكد أن الحكومة ماضية في إقرار مختلف القوانين الناظمة للحياة السياسية لتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرار، وبما يعزز مسيرة التنمية في المحافظات عبر مشروع اللامركزية.
وبخصوص قطاع التربية والتعليم، أشار النسور إلى أنه وبتوجيهات ملكية، يتم الإعداد، لعقد مؤتمر تربوي وتعليمي شامل لمناقشة جميع القضايا والتحديات التي يواجهها هذا القطاع، والخروج بتوصيات من شأنها النهوض به والارتقاء بنوعية مخرجاته.
ورداً على ملاحظات النواب بخصوص مشكلات انقطاع المياه، لفت النسور إلى أن الحكومة، ومن خلال وزارة المياه، تتعامل مع مشاكل تزويد مناطق المملكة بالمياه من خلال خطة وإستراتيجية تضمن وصول هذه الخدمة لجميع المواطنين.
يشار إلى أن كتلة التوافق الوطني النيابية تضم في عضويتها 16 نائباً ويرأسها النائب ميرزا بولاد.