عروبة الإخباري – يعرض اليوم في التاسعة والنصف مساء في مقر الهيئة الملكية للافلام ضمن فعاليات مهرجان الفيلم العربي الفيلم الروائي «مي في الصيف» للمخرجة شيرين دعيبس.
«مي في الصيف» هو حكاية عن الهجرة العكسية، حكاية العرب الأميركيين العائدين إلى البلد القديمة، هي دراما الطلاق متنكرةً في زي كوميديا الزفاف. حيث تعود امرأة أميركية عربية الى «الوطن» إلى الأردن في الصيف لتخطيط زفافها، وفي خضم هذه العملية والواقائع العائلية الدرامية التي لا تعد ولا تحصى تبدأ مي التشكيك في الخطوة التي هي على وشك اتخاذها.
في جوهرها، انها قصة امرأة وقعت بين قبضتي الثقافات والأديان والتقاليد من جهة مقابل الحداثة من جهة اخرى. انها حول قيادة حرب شد الحبل بين التأثيرات المتعارضة في الوقت الذي تحاول أن تكون صادقا مع نفسك.
اما على سياق أكبر، فإنه يستكشف الاتجاه الحالي من المهاجرين الذين يغادرون الولايات المتحدة عائدين إلى «الوطن»، ويجدون أنفسهم على مستويات مختلفة من الخلاف مع بلدهم الام والثقافة فيه.
وفي حديثها ل «الرأي»، تقول دعيبش اخترت الاردن مكانا لتصوير فيليم لانني «قضيت تقريبا كل صيف في حياتي في الأردن حتى كبرت، وتمكنت من استكشاف العديد من مناظرها الطبيعية والروحانية الخلابة، وتمكنت من رؤية عمان وهي تنمو وتتغير الى المدينة الحديثة التي هي عليه الآن».
وتواصل دعيبس «الأردن هو المكان استيقظت فيه على العالم، حيث اكتشفت نفسي، وشاهدت العديد من الدراما الأسرية تنكشف امامي. لقد كان من المثير العودة إلى تلك الأماكن، لتفكر مليا في تلك الذكريات، والى اي مدى تطورت منذ ذلك الحين. الفيلم هو إلى حد كبير رحلة اكتشاف للذات، ولملامح البلاد كرمز شاخص بشدة طوال الوقت طوال الوقت. لذا كان من المناسب جدا ان اصور الفيلم في الاردن، وكان من المثير ان اتقاسم البلد مع العالم كله، واظهار اماكن مثل البحر الميت ووادي رم في كل جلالهم، ونادرا ما كان يصور الأردن على الشاشة الكبيرة، لذلك أنا فخورة جدا لانني قمت بذلك».
وكان العرض الأول للفيلم في العاصمة الفرنسية باريس، حيث تصفه دعيبس لنه كان «رائعا»، «فقد خرجت نساء من بين الحضور وقلن لي ان الفيلم جعلنا ندرك شيئا عن حياتنا، كان رجال يقولون لي: لقد دفعتينا للتفكير اكثر بالعلاقات، من هي العلاقة المثالية».
يبدو ان الفيلم، كما ترى دعيبس «كان حقا يتحدث إلى الناس ويقترب منهم، حتى أنني حصلت على طلب زواج خلال جلسة الاسئلة، أليس هذا مضحكا!»
اما عن توقعاتها لعرض عمان، فتقول «أتوقع ردود فعل متباينة»، موضحة «أعتقد أن الفيلم سوف التحدث إلى بعض الناس ويقترب الى قلوبهم، وأعتقد أن الشباب خاصة سوف يتعلقون به، واعتقد ان العديدين سيتمكنون من العثور على شيء يعجبهم في الفيلم، حتى لو كان مجرد المواقع الأردنية الجميلة. ولكن أتوقع أيضا أن نقد الفيلم لمؤسسة الزواج واستكشاف الحياة الجنسية للأنثى سوف يتحدى بعض الناس».
وتشدد دعيبس «احد اهداف الفيلم هو دفع الحدود بلطف لما نعتبره مقبول مقبول في العالم العربي. ان نحمل مرآة أمام المجتمع ونطرح الأسئلة حول الطرق التي ندير بها أنفسنا، والأسرار التي نحتفظ بها، والمحرمات التي لا أحد يريد التحدث عنها. إذا أردنا أن نمضي قدما، حان الوقت ان نبدأ الحديث، وأعتقد أن الفيلم سيطلق المحادثات، على الأقل هذا ما آمل به».
وبينت دعيبس «شيء مختلف تماما ان استكشف المحرمات في فيلمي واصورها في بعض المشاهد، وما يفعله من يطلقون على انفسهم «صحفيين» ان يقفزوا الى استنتاجات ويكتبون مقالات عني في الوقت الذي لم يتحدثوا فيه معي مطلقا». زازضحت «أنا لم اعلق شيئا على هذه المقالات؛ لانها شائعات وافتراضات. انا أقف الى جانب حق الانسان، واقف الى جانب حق كل شخص ان يحب من يريد، وإذا كانوا بحاجة لمهاجمتي من أجل البدء في تلك المحادثة، فليكن، على الأقل نحن لها المحادثة».
.. ويستهل عروض المهرجان
عمان – الرأي – بالفيلم المعنون (مي في الصيف) لمخرجته شيرين دعيبس، تنطلق برعاية وزيرة الثقافة لانا مامكغ، فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان الفيلم الروائي العربي الطويل، الذي دأبت الهيئة على تنظيمه بالتعاون مع سفارات بلدان عربية خلال شهر رمضان المبارك، وذلك بحضور العديد من صناع الافلام المشاركة.
وتبدأ العروض التي تتواصل على مدى سبعة ايام، بحوارات مع عدد من صانعيها حيث من المقرر حضور شخصيات مثل المخرج الجزائري المخضرم احمد راشدي والمنتج اللبناني سام لحود والممثلة التونسية لبنى نعمان بالاضافة الى الممثل المغربي عماد فجاج.
كتب الناقد والمؤرخ السينمائي المصري سمير فريد عن فيلم (مي في الصيف) يقول: ولدت شيرين دعبس فى ولاية نبراسكا الأمريكية عام ١٩٧٦، ودرست السينما فى جامعة كولومبيا وتخرجت ٢٠٠٤، وأخرجت ثلاثة أفلام قصيرة والفيلم الروائى الطويل «أمريكا» الذى عرض فى مهرجان صاندانس، وفى برنامج «نصف شهر المخرجين» فى مهرجان كان ٢٠٠٩، وحقق نجاحاً ملموساً وفاز بجائزة الاتحاد الدولى للصحافة السينمائية (فيبريسى) ذلك العام.
وفى فيلمها الروائى الطويل الثانى «مى فى الصيف» لا تكتفى شيرين دعبس بالإخراج، وإنما تكتب السيناريو وتمثل الدور الأول «دور مى» أيضاً، فهو فيلم «مؤلفة سينما»، ولكن قيمته الفنية أقل من قيمة فيلمها الأول.
فى «أمريكا» عبرت الفنانة عن تناقض الثقافات بين الغرب الأمريكى والشرق العربى، وذلك من خلال شخصيات عربية تأتى إلى أمريكا، وفى الفيلم الجديد تعبر عن نفس الموضوع، ولكن من خلال شخصية مى التى تأتى من أمريكا إلى الأردن. والطموح للخوض فى قضايا مركبة فى الفيلم الثانى أكبر، ولكنه يفتقد اللمسات الإنسانية التى امتاز بها الفيلم الأول. وربما كان هذا الطموح هو مشكلة الفيلم الجديد، فالمسافة كبيرة بين الرغبة والقدرة. إنها مخرجة أمريكية حقاً وإن كانت لم تنعزل عن أصولها الفلسطينية العربية، فتعبيرها عن الحياة فى أمريكا فى فيلمها الأول يتسم بعمق لا يتحقق بنفس القدر فى تعبيرها عن الحياة فى الأردن.
ويضيف فريد: يبدأ الفيلم بلقطة من الطائرة ، وفى داخل الطائرة نرى مى، وفى مطار عمان نجد فى انتظارها شقيقتيها ياسمين «نادين معلوف» وداليا «علياء شكوكت»، ويذهب الثلاث إلى منزلهن حيث تعبر أمهن نادين «هيام عباس»عن فرحتها بوجود البنات الثلاث معاً مرة أخرى بعد غياب.
ندرك أن مى كاتبة روائية، وأن روايتها الأولى تدور فى فلسطين فى أربعينيات القرن العشرين، وحققت نجاحاً، وأن العائلة مسيحية، وقد جاءت مى إلى عمان لتتزوج من خطيبها زياد الفلسطينى الأصل بدوره، والذى يعمل أستاذاً جامعياً للعلوم السياسية فى نيويورك، ولكنه مسلم، ولذلك تقرر الأم عدم حضور زفافهما. وتعانى الأم من زوجها الأمريكى إدوارد «بيل أولمان» الذى تركها منذ ثمانى سنوات بعد زواج عشرين سنة، وتزوج من الهندية آنو «ريتيو سينج باندى» ويعيش معها فى منزل فاخر.
لا يبدو واضحاً سبب الانفصال بين نادين وإدوارد، ولكن الأهم غموض التحول فى شخصية مى من حب زياد والاستعداد للزواج منه إلى حب كريم «إيلى مترى» الذى تلتقى به صدفة، وكان الاتصال بينهما طوال الفيلم عبر الهاتف.
ولا يبدو واضحاً هل عادت العلاقة بينه وبين نادين وإدوارد بعد أن ترك آنو، ولماذا تركها، وبينما تنتهى العلاقة بين مى وزياد، لا يبدو أن علاقة جديدة بدأت بينها وبين كريم. وينتهى الفيلم بسفر داليا وياسمين وبقاء مى.
ويختتم الناقد المصري مقالته المنشورة في صحيفة المصري اليوم: بقدر تهافت السيناريو بقدر تماسك الإخراج والتمثيل، وإن ظل الفيلم من الأفلام الهوليوودية التقليدية دون أسلوب خاص. و«مى فى الصيف» من ناحية أخرى «فيلم سياحى» بامتياز، ففيه تبدو عمان مثل أى مدينة سياحية فى أوروبا أو أمريكا: شوارع أنيقة وفنادق رائعة ومستشفيات ممتازة و«ملاهى» صاخبة.