راجح الخوري/كيري مقاول تقسيم العراق؟

كان على جون كيري الذي وصل امس الى الرياض لمقابلة خادم الحرمين الشريفين، ان يتذكر القول الفرنسي “اذهب الى الشرق بأفكار واضحة ومقنعة وبسيطة”، على الاقل لأننا استمعنا منه ومن رئيسه باراك اوباما في الايام القليلة الماضية، الى سلسلة من المواقف المتناقضة والتصريحات المحيّرة، التي تتعلق بالتطورات الكارثية في العراق وانعكاسها على المنطقة كلها.
على كيري ان يتذكر ايضاً ان سيرغي لافروف سبقه يوم الجمعة من الاسبوع الماضي وأجرى محادثات ناجحة في الرياض مع ولي العهد الأمير سلمان ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، أكدت وجود تقارب في الافكار في شأن كيفية معالجة قضايا التطرف والارهاب التي تهدد المنطقة، وتم الاتفاق على اجراء مشاورات منتظمة بين موسكو والرياض وعواصم اخرى في الاقليم اضافة الى الصين واعضاء في مجلس الامن بما يعني ان هناك قوى تستعد لملء الفراغ الاميركي المتزايد في المنطقة!
تصريحات كيري في باريس عن نتائج محادثاته الاخيرة في بغداد اثارت كثيراً من الشكوك حول موقف واشنطن، وخصوصاً عندما قال ان محادثاته مع نوري المالكي والمسؤولين العراقيين “لم تتناول مفهوم قيام حكومة إنقاذ وطني” رغم انه كان قد كرر في بغداد واربيل الدعوة الى تشكيل حكومة توحّد العراقيين جميعاً في أسرع وقت ممكن!
لست ادري ما الفرق بين حكومة إنقاذ وطني، وحكومة توحّد العراقيين جميعاً وبلدهم على حافة الإنهيار وليس من الواضح لماذا حرص كيري على نفي مطالبته بحكومة الإنقاذ التي يرفضها المالكي، في حين تجمع كل القوى السياسية داخل العراق وخارجه عليها، هل لأن هناك رغبة خبيثة في استمرار الصراع بين العراقيين وتحوّله حرباً مذهبية طاحنة تحرق العراق وترسخ تقسيمه، ثم تطلق مسلسلاً من التقسيم يغيّر خرائط المنطقة كلها؟
وكيف استطاع كيري ان يلحس تصريحه بين ليلة وضحاها بعدما أبلغه القادة العراقيون اصرارهم على “قيام حكومة جديدة تحظى بقبول وطني وتتدارك الاخطاء السابقة وتفتح آفاقاً جديدة امام جميع العراقيين لمستقبل” كما نصّ بيان المرجعية الشيعية العليا علي السيستاني؟
واذا كان هناك اجماع على ان المالكي رسّخ سياسة الاقصاء والمذهبية وتسبب بانهيار الوضع في العراق، ثم عندما تتناقل الوكالات تصريحات الادارة الاميركية التي تصفه بأنه فشل في ادارة البلاد وتسبب بكارثة لا بل انه سمّم العراق، وعندما تجمع القوى العراقية والعواصم الدولية على ان المخرج الوحيد الذي يمكن ان ينتشل العراق والمنطقة من حرب مذهبية تحرق الاخضر واليابس، هو حكومة الإنقاذ ثم يتنكر كيري للفكرة، فهذا يعني أنّ واشنطن وكل مَن يتمسك معها بالمالكي إنما يريد تخريب المنطقة بالفتن والتقسيم… ولعل هذا اقلّ ما سيسمعه اليوم في الرياض!

rajeh.khoury@annahar.com.lb

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري