د.محمد صالح المسفر/يا عرب أنقذوا الشعب العراقي من الهلاك

منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي والعراق شعبا وموارد وحضارة يتعرض لكسر الإرادة عند هذا الشعب العظيم الذي علم الإنسانية ما لم تكن تعلمه من فترة ما قبل الإسلام وما بعد ظهور الإسلام وانتشاره.. أليس العراق موطن الكندي بفلسفته وغزارة إنتاجه، وليس هناك كتاب يصدر في علم الفلسفة في الغرب أو الشرق إلا ومقدمته تشير إلى الكندي، أليس العراق موطن الخوارزمي بجبرة وإبداعاته في علم الجبر والحساب وما الرقم (الصفر) إلا مفتاح علوم الحاسوب المعاصرة، أليس العراق هو موطن حمورابي بفقهه وقانونه؟ وموطن أبو حنيفة بفقهه ومثواه وموطن أبو العتاهية في زهده وتقواه وموطن المتنبي في شموخه وكبريائه.
هذا العراق وقع بين يدي أصحاب العمايم البيض والسود مسنودين من قبل قوى الاحتلال رغم خروجهم منه صاغرين كارهين واختطف العراق تحت قوة السلاح وأصبح غنيمة حرب تعبث به عمايم “قم وطهران”، وبإشراف وإدارة سليماني بصفته المندوب السامي لطهران في العراق وسورية الحبيبة.
(2)
منذ أن تسلم نوري المالكي مقاليد السلطة في بغداد زورا وبهتانا وهو يعمل على تأليب الروح الطائفية والنعرات القبلية مدعما بالمال والسلاح والتأييد من أصحاب العمايم بألوانها وأشكالها المختلفة، شن حروبا في البصرة والنجف وكربلاء لتحجيم منافسيه من الطائفة الشيعية لا من أجل أمن وسلامة العراق والمحافظة على وحدته وثرواته، وراحت كل قواه الملثمة تفتك بأهل بغداد قتلا وطردا من منازلهم وحرمانا من حقوقهم ورفضا لوجود سني واحدا في بغداد.
ألم يمنع صلاة الجمعة في مسجد أبي حنيفة تحت ذرائع واهية؟
لم ينم أهل الأنبار بامتداده الجغرافي ليلة واحدة دون قتال واعتداءات على الأهالي والشرفاء من قبل جحافل نوري المالكي، ألم يخطب في كربلاء في جمهور شيعي قائلا نحن جيش علي نقاتل جيش يزيد يعني أنه يقاتل أهل الأنبار خاصة وأهل السنة في العراق عامة.
(3)
في يوم الثلاثاء الماضي، اجتاحت قوى مسلحة وطنية ثائرة مدينة الموصل وجوارها واحتلتها، وقبل دخول تلك القوى الثائرة المدن خرجت جحافل جيش المالكي وقواه الأمنية وعصائب أهل الباطل من المدينة وضواحيها، فما تفسير ذلك؟ يقول المالكي وعصابته الحاكمة إن ” داعش” احتلت الموصل لتقيم دولة إسلامية سنية هناك، هل هذا يعقل؟ أم أن المالكي يبرم أمرا باطنيا مخيفا لأهل الأنبار عامة والموصل الثائرة ضد نظام حكم المالكي وهيمنة إيران؟ قد يفعل ذلك تحت ذريعة محاربة الإرهاب والأنظمة العربية الخائفة من شعوبها قد تصدق ما يقول المالكي وقد تصدق أمريكا وحلفاؤها ما يقول المالكي في شأن محاربة الإرهاب.
والحق أن الإرهاب وجنوده في العراق هم جيش المالكي وجحافل الميليشيات الطائفية المسلحة تسليحا يضاهي تسليح الجيوش بكل معنى الكلمة.. وما “تنظيم داعش” إلا صنيعة النظم الإرهابية الحاكمة في دمشق وبغداد.
إن “داعش” ليست قوة منفردة سيطرت على الموصل ومحيطه الجغرافي وتمددت في كل اتجاه.. أن هناك قوى وطنية عراقية فاض بها الكيل من ديكتاتورية المالكي وطائفيته وخرجت تحمل السلاح في قوة تضامنية مع كل القوى الرافضة لما يجري في العراق الشقيق، ومن هنا حققوا النصر المبين في نينوى وغيرها من المناطق.
إذا أرادت دول مجلس التعاون محاربة الإرهاب بكل صدق وأمانة وطنية فما عليهم إلا العمل بكل الوسائل للتخلص من النظامين القائمين في دمشق وبغداد وتجريد جميع الميليشيات الطائفية من أسلحتهم وإلا فإن النتائج على هذه الأنظمة أقصد الخليج العربي ستكون وخيمة.
لا نريد جيوش هذه الدول أن تحارب هذه الأنظمة وجها لوجه وإنما عليها أن تمكن ثورة الموصل الراهنة/ المعارضة الوطنية من مواجهة هذين النظامين الإرهابيين القابعين في دمشق وبغداد، لا تلتفتوا ولا تصدقوا يا قادة دول مجلس التعاون الخليجي إلى ما تقول به حكومة المالكي من اتهامات باطلة ضد الثورة الوطنية وجنودها وقادتها في الموصل أن معلوماتنا الصادقة تؤكد بأن “داعش” لا تمثل في الثورة الراهنة في الموصل إلا العدد البسيط وهي تقاتل في الموصل اليوم ضمن اتحاد قوة وطنية تضم كافة القوى الحريصة على العراق ومكانته العربية.
(4)
أدعوكم يا عرب الخليج العربي ويا من حباهم الله بالخير الوفير أن تمدوا أيديكم بالمال والسلاح والزاد والخيام والماء النقي والإعلام لأهل الأنبار وصلاح الدين وما حولهما الذين يتعرضون لحرب إبادة أو حرب اجتثاث من قبل نوري المالكي وعصائبه الطائفية وجحافل سليماني القادمة من إيران والمجندين من شيعة أفغانستان على أيدي الحرس الثوري الإيراني.
خيركم يا أهل قطر تجاوز القارات حتى اليابان نالت من خيركم الكثير عندما تعرضت لزلازل قبل بضع سنين، وآخرها إندونيسيا نالت من مؤسسة قطرية واحدة أكثر من 23 مليون ريال تبرعات لبناء مساجد في إندونيسيا.. لست معترضا على بناء المساجد في أي مكان لكن إنقاذ الإنسان من الهلاك جوعا أو خوفا أو مرضا أو من حروب سيكون أجرها عند الله أهم وأعظم أجرا من بناء مسجد.
إن أهل العراق يا أهل قطر يتطلعون إلى ما تقدمون من خير لإنقاذ الأسر المتضررة والأطفال وإنقاذ النساء ذوات الحمل خوفا عليهن من سوء التغذية وإنجاب أطفال مشوهين..
إن اتحاد الجمعيات الخيرية في قطر مطالب بإنقاذ الإنسان العراقي من الهلاك جوعا أو مرضا أو عطشا أو قتلا..
إن أهل الفلوجة وما حولها وأهل الموصل وما حولها يستغيثونكم فأغيثوهم مجتمعين لا فرادى.. أتمنى أن تقوم هذه الجمعيات الخيرية وأصحاب الوقفات بالاتحاد من أجل جمع مال وفير لأهلنا في العراق، لا تتركوا إخوانكم في العراق يا أهل قطر الخيّرين من معوناتكم مجتمعين.
آخر القول: علينا نجدة أهل العراق من بطش المالكي وجحافله الطائفية، قبل أن يستفحل الخطر.. انصروا ثورة الموصل قبل أن تتمكن قوى الشر والعدوان من النيل من ثورة الموصل المباركة، وإن لم نفعل فسنكون من الخاسرين..

Related posts

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري

ما الخطر الذي يخشاه الأردنيون؟* د. منذر الحوارات