علي حمادة/إما مرشح ١٤ آذار أو شخصية مستقلة

كل القوى السياسية اللبنانية ذات الحيثية الحقيقية تعرف تماما ان لـ”حزب الله” مرشحين لرئاسة الجمهورية، الاول هو الجنرال ميشال عون الذي يعتبر وصوله، اذا تم، بمثابة انتصار كبير لمحور طهران – دمشق – حارة حريك. اما الثاني فهو شخصية يجرى الاعتناء بواقعها السياسي بكثير من الحذر والدقة من اجل فتح الابواب امامها في حال تعذر وصول المرشح الاول للفريق الذي يقوده “حزب الله”. ومن يراقب بدقة المناورات التكتيكية الجارية اليوم على مستوى الاستحقاق الرئاسي لا بد له ان يلتقط قطع “البازل” التي تخفي الصورة الكاملة الشاملة للاستحقاق الرئاسي. ففي عرف “حزب الله” ان اعادة انتخاب بشار الاسد لولاية ثالثة ولو بالمسرحية المهزلة التي حصلت، وكل ما رافقها من هرج ومرج هو انتصار لمحور تقوده طهران بعد ان منح النظام في سوريا حياة جديدة بعد التراجع الاميركي عن توجيه ضربة في الصيف الماضي. ومعلوم ان الثوار كانوا في منتصف صيف ٢٠١٣ يدقون ابواب دمشق، ويحاصرونها من ثلاث جهات، وانقلب الوضع وسجل النظام بفضل المجهود الايراني نقاطا ثمينة في عدد من المناطق، من دون ان ترقى الى انتصار اوسع لغاية الآن. وفي حسابات “حزب الله” ان ايصال الجنرال ميشال عون الى الرئاسة، ولو بالتوافق، يعزز المحور الذي تقوده طهران، حتى لو اضطر عون “الرئيس” الى لعب دور مختلف في الشكل عن الدور الذي لعبه في الأعوام التسعة الماضية، من خلال تموضعه الشكلي وسطا بين فريقين كبيرين. لكن في الجوهر لا تغيير، بل تعزيز لموقع “حزب الله” الداخلي بما يريحه اكثر في تأديته لوظيفته الاقليمية، وهي تتركز راهنا في الانخراط في الحرب السورية. لذلك فإنه من الوهم بمكان الرهان على اعادة تموضع حقيقية للجنرال ميشال عون في حال وصوله الى سدة الرئاسة. واهمون من يعتقدون ان ما يربط عون بـ”حزب الله” هو صلات مصلحية موقتة قابلة للاختراق ببضعة لقاءات في باريس او بيروت. ان الرهان على عون او على المرشح الثاني الذي يخبئه “حزب الله” الآن (وهو معروف) هو بمثابة الخطأ الكبير الذي سوف يؤدي الى انتقال القوى الاستقلالية من مرحلة “تصريف الاعمال” كما قال زميلنا شارل جبور، الى مرحلة التفكك السريع وبالتالي الى الانهيار الشامل، بما يعبد الطريق امام “حزب الله” ليبسط سيطرته على ما تبقى من المعادلة اللبنانية.

ان “انتخابات” بشار تشبه “حزب الله”، والجنرال ميشال عون رئيسا لا يخدم سوى “حزب الله”. ومهمة الاستقلاليين في لبنان تقضي بمنع وصول رئيس واقع في قبضة “حزب الله”. من هنا ضرورة ان يصدر موقف صريح من القوى الاستقلالية مجتمعة يدعو الفريق الآخر اما الى تأييد مرشح ١٤ آذار، او الجلوس لاختيار شخصية مستقلة للرئاسة يعكس اختيارها مناخات الهدنة الراهنة، ويفتح اختياره افقا نحو تسوية موقتة بين مشروعين نقيضين .

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري