راجح الخوري/السيسي، ذهبت السكرة وجاءت الفكرة

عبد الفتاح السيسي رئيساً. كان الأمر حلماً ذهبياً بعد فجيعة المصريين بمحمد مرسي و”الاخوان المسلمين”، الآن اصبح انتظاراً شعبياً يستعجل السيسي تسديد فواتيره المستحقة، عبر تحقيق وعوده الزهرية في مسائل كثيرة تتعلق بالأمن والاقتصاد واعادة هيبة القانون، ووضع الأسس لبناء الدولة الديموقراطية التي يريدها المصريون وقد فجروا لأجلها ثورتين في ٢٥ يناير ثم في ٣٠ يونيو !
التحدي الاساسي الذي يواجه السيسي هو كيف سيوازن بين ماضيه العسكري مشيرا وحاضره السياسي رئيسا منتخبا، يواجه تركة ثقيلة من الازمات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، التي تحتاج منه في الوقت عينه الى قبضة المشير وعقل الرئيس، فإن تمادت قبضة المشير سيقال انه يستنسخ عهد مبارك، وإن تفرّد عقل الرئيس سيقال انه يستنسخ استئثارية مرسي و”الاخوان”!
السيسي أوصل آمال المصريين الى السماء بعدما منع انزلاق مصر الى حرب اهلية، واكتسب صورة المنقذ فخرج الملايين يدفعونه الى الرئاسة، ولهذا فهم فعلاً ينتظرون منه الآن تحقيق المعجزات، ولأن الشعوب لا تنتظر كثيراً ستكون مهماته صعبة ومعقّدة، ما لم يتمكن من تشكيل إدارة تجمع معظم الأطياف السياسية في حكومة وحدة وطنية تبدأ ورشة عمل ونهوض شاملة، وتحضّر لإجراء انتخابات نيابية جديدة.
وأول التحديات موضوع الأمن ووقف التخريب واستئصال البؤر الارهابية، وضبط أعمال العنف والتفجير التي يقوم بها إرهابيون وعناصر من “الاخوان المسلمين” الذين دعوا امس الى اسبوع من التظاهرات تحت عنوان “الموجة الثورية الثالثة”، كما ان ضبط الحدود مع ليبيا التي يتسرب منها السلاح الى العناصر المخربة يشكل مهمة مستعجلة، اضافة الى ضرورة اعادة هيبة دولة القانون بعد استشراء الفوضى نتيجة الاضطراب الذي عصف ويعصف بالشارع المصري !
ثاني هذه التحديات هو الوضع المالي الاقتصادي، ذلك ان عجز الموازنة يتجاوز ١٣ مليار دولار، ومصر بلد ينتج من الافواه اكثر مما ينتج من الأرغفة، وقد ارتفعت نسبة البطالة فيه الى ١٤٪ وتجاوزت نسبة الفقر ٤٢٪، ومعالجة هذه الازمات تتطلب وضع الخطط والبرامج على المستوى الوطني، واعادة الأمن وهيبة القانون!
ثالث التحديات وربما اهمها لأنها تتطلب وقتاً وتخطيطاً، هو إعادة ترتيب البيت الداخلي المصري عبر المصالحة الشعبية والذهاب الى انتخابات نيابية في اطار عملية شفافة للتمثيل العام، وارساء مؤسسات الدولة على قواعد الديموقراطية، التي كانت وستبقى الحافز والمحرك لشباب مصر وثورتهم المدهشة!
من الضروري توجيه تحية تقدير الى حمدين صباحي الذي انتصر ولو خاسراً، لأنه صان ديموقراطية العملية الانتخابية بعدما اتهم البعض السيسي بالانقلاب … وعلى السيسي ان يتذكر: لقد ذهبت سكرة المشير وأتت فكرة الرئيس!

rajeh.khoury@annahar.com.lb

Related posts

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري

ما الخطر الذي يخشاه الأردنيون؟* د. منذر الحوارات