عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب – الكتابة عن شركة النقليات السياحية “جت” ليست سهلة ليس لأنها شركة نقل عامة للركاب وانما لأنها تدخل الى نسيج المجتمع الاردني بالدور الواسع الذي يتخطى حجمها لجهة المسؤولية الاجتماعية وقدرتها على ترجمتها بشكل نموذجي، نتمنى أن نأخذ به مؤسسات اخرى كبرى تفوق حتى امكانيات شركة “جت”.. كالبنوك والجامعات والشركات الصناعية والعقارية .قد لا ينافس شركة “جت” في تأدية المسؤولية الاجتماعية على مستوى المملكة الا ثلاثة مواقع او اقل من بينها شركة البوتاس العربية .ولذا تبرز “جت” كواحدة من الشركات العملاقة ليس في ارقامها المالية لجهة استثمارها او ارباحها فتلك الارقام عادية وانما لجهة ما تنفق وما تساعد وما تستجيب له في دعم المجتعات الاهلية والمؤسسات الاجتماعية والعامة والطلاب وخاصة في المناسبات الوطنية والدينية والعامة وحتى في المباريات ..
وإنما تجد “جت”جاهزة ومتوفرة وسباقة واعتقد ان سرّ نجاح “جت” لأن ادارتها ناجحة وهي تمارس عملها بأكبر حتى من طاقة الشركة ومحدداتها، وحين تكون الإدارة بهذا الوعي وهذه القدرة وهذا الاسلوب في التعامل مع الزبائن وكسب رضاهم والحفاظ على التقاليد في العمل والمهنة وتوارثتها الشركة منذ انطلاقتها من القدس عام 1964وما زالت ..
في كل يوم لشركة “جت” أكثر من خبر وعلى أكثر من مستوى وصعيد فهي تجعل من المشاركة عنوانها وتترجم نفسها كقطاع خدمات تعيش مع الناس وتخدمهم، ولذلك ظلت تحصد الجوائز ونادرا ما تجد في حقلها منافسا وهو مادفع بعض الذين لم يقو على التنافس ولم تتوفر فيهم خصائص “جت” لممارسة نقد سلبي من الغيرة والحسد اكثر مما يتم عن الواقع فراح من يتهم بالاحتكار او يذكر عيوبا اشبه بمن لم يجد في الورد عيبا فقال له (يا بو خد أحمر).
مع “جت” تستطيع ان تضبط ساعتك وان لا نتاخر عن مواعيدك ولو اراد متخذ قرار النقل في المملكة ان يصلح النقل العام ويخرج من هذا النفق المظلم الذين بقينا نراوح فيه لأسلم الامر الى شركة “جت” وفوّض ادارتها ان تضع حلولا.
كنت استمع الى المدير العام لشركة “جت”السيد مالك حداد”حين حدثني عن حلول لمشكلة النقل العام في المملكة فاستغرب ان افكاره لا تصل للمسؤولين وحين قال انه اوصلها استغربت انها لم تنفذ وحين سألت قالوا أن ذلك سببه غياب الامكانيات رغم ان بقاء الوضع الحالي على ما هو عليه من تشتت وتخلف ويجعلنا اقرب الى الصومال من اي دولة اخرى في مجال النقل العام،وهي ذرائع لا تصمد فكلفة إعادة بناء نقل عام في المملكة تصل الى اقل من (300) مليون دينار وهو مبلغ يمكن للقطاع الخاص او الشريك الاستراتيجي او شركة مساهمة عامة ان تحلّه وحتى الحكومة كان يمكنها ان تقتطع المبلغ من المنحة الخليجية وان تقدم تصورات دقيقة وغير انشائية او تبريرية في هذا السياق فالذي ينقص ليس المال وانما الارادة التي لا تريد ان تجمع اشتات النقل المتفرقة ولاسباب يعلمها المسؤول واصحاب المصلحة في بقاء الوضع على ماهو عليه .
ياتي الوزراء ويذهبون ويخطبون ويعدون ولا يحرك احد ساكنا في هذا السبيل ويبقى التصور الذي قدمه السيد مالك حداد اسير الادراج ولا يقوم احد باعراب جملة النقل او الاشارة الى حلول كالتي قال بها حداد او حتى الرد عليه وتفنيد مشروعه ..
“جت” حاضرة دائما ولا يستطيع من يراقب عملها مثلي ان يحصي ما تقوم به واذا كانت تعمل فانها بالمقابل تربح وتتوسع وتنال التقدير والجوائز التي تثير اولئك الذين لا يؤمنون بالمنافسة ولا يحكمونها كشرط للتميّز ..
وكمواطن فانني افتخر حين يذكر اسم “جت” او حين يقوم مسؤول باستئجار حافلة خاصة من حافلاتها التي تستعمل على مستوى الديوان الملكي وكبار ضيوفه ..كما انني سمعت مباشرة من احد وزراء النقل المصري وهم يثنون على الشركة ويطلبون من مديرها اعارته احدى الحافلات الخاصة لمناسبة هامة ..
ليس فقط دقة المواعيد وانما النظافة والامان والصيانة وتغطية كل الخطوط المشمولة بعمل الشركة بجوده عالية فـ”جت” اصبحت مدرسة في النقل والتدريب وسلوك السائقين وتميزهم وهذه المدرسة وضعت ضوابط واخلاقيات وفتحت باب الاستثمار وقدمت نموذجا واضحا ليقلد وان لا يبقى يتيما وحين تبحث الحكومات عن حلول في النقل العام وأمامها نموذج “جت” فهي أشبه بالقول :
كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول
ان “جت” التي تحتفل بمرور نصف قرن على انطلاقة حافلتها الاولى جوار سور الحرم القدسي تستحق ان تكرم الان باعلى الجوائز والاوسمة وان يوضع اسمها في انجازات الاردن وان تدعى الشركات الاخرى لتقليدها وان يبنى على قواعدها شركة نقل عامة بقينا نتطلع اليها الى اليوم.
واذا كان من ثناء خاص فانه موجه الى مجلس ادارة “جت” ورئيس مجلسها والى كبير المساهمين فيها على تمكينهم ادارتها التنفيذية من العمل ومباركة كل خطواتها حتى اصبحت هذه الشركة على التميز والاستقرار والريادة والعطاء ما يبعث الارتياح والامل في اننا نمتلك النموذج الأمثل لكن التقصير يكمن في غياب الاخذ به وتعميمه ..