أسرار تنشر لاول مره..لماذا قررت «حماس» المصالحة مع «فتح»؟

عروبة الإخباري – فى أعقاب زيارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى السعودية فى 28 و29 مارس 2014، وجَّه مدير المخابرات المركزية الأمريكية جون برينان دعوة عاجلة إلى مدير المخابرات القطرية أحمد سعادة الكبيسى، للحضور إلى واشنطن على الفور.

لم يتردد مدير المخابرات القطرية، وافق أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد، على الزيارة التى لم تستمر سوى أيام معدودة. كان أبرز ما سمعه مدير المخابرات القطرية من نظيره الأمريكى قد تعلق بالموقف القطرى من مصر ودول الخليج؛ حيث تضمن عدة نقاط، أبرزها:
1- أن موقف المملكة العربية السعودية من قطر وتحركاتها ضد دول الخليج واحتضانها للعناصر المتطرفة هو موقف جاد وحاد ولا رجعة فيه، إلا باتخاذ قطر إجراءات عملية تحد من هذه المواقف.
2- أن ما سمعه الرئيس أوباما من الملك عبدالله بن عبدالعزيز وانتقاده الشديد لتورط قطر فى الأحداث الجارية فى مصر واحتضانها لجماعة الإخوان ودعمها.. كل ذلك لن يقف عند حدود النقد أو سحب السفراء وإنما يمكن أن يتطور الأمر إلى خطوات تصعيدية قد تؤدى إلى فرض مزيد من الحصار على قطر.
3- نصح الأمريكان مدير المخابرات القطرية بضرورة مراجعة موقفهم فى ضوء المخاطر التى باتت تهدد قطر وتؤثر على المصالح الأمريكية فى المنطقة وقراءة الموقف الخليجى بالصورة الجادة والعميقة خشية من الوصول إلى لحظة الصدام.
4- أكدت واشنطن للمسؤول القطرى أن زيارة الرئيس أوباما لم تحقق الأهداف المرجوة منها بسبب إصرار السعوديين على أن لديهم معلومات تشير إلى وجود مخطط أمريكى – قطرى مشترك تجاه المنطقة، وأن الإدارة الأمريكية ترى أن ذلك يمكن أن يلحق أكبر الضرر بالعلاقات الأمريكية – الخليجية، مما يستوجب مراجعة الموقف على الفور من دعم عناصر الإرهاب وأيضاً دعم حركة حماس. وبعد عودته إلى الدوحة، أبلغ مديرُ المخابرات القطرية الشيخَ حمد بن تميم بمضمون الرسالة الأمريكية، وبعد تدارس الموقف طلب منه على الفور القيام بجولة إلى تركيا والكويت وعمان وإيران، إلا أن إيران اعتذرت عن عدم استقبال المسؤول القطرى.
وخلال لقاء «الكبيسى» بمدير المخابرات التركية تم إبلاغه بالآتى: – أنه رغم النجاح الكبير الذى حققه «أردوغان» فى الانتخابات البلدية الأخيرة فى تركيا يوم 30 مارس 2014، فإن الوضع لا يزال يحمل مخاطر كبيرة بالداخل، وأن هناك أسباباً عديدة تجعل تركيا غير قادرة فى الفترة المقبلة على إيواء عناصر من الإخوان أو تبنى خطط التغيير فى المنطقة، ومن بينها: – تجميد العلاقات الإيرانية مع تركيا إلى الحد الأدنى، خاصة بعد الهجوم الذى قامت به المعارضة السورية انطلاقاً من الأراضى التركية باتجاه ساحل اللاذقية (كسب)؛ حيث اعتبر الإيرانيون أن تركيا قد أخلت باتفاقها مع إيران، خاصة بعد زيارة «أردوغان» لطهران يوم 28 يناير 2014، وبالتالى فقد عادت العلاقات التركية – الإيرانية إلى نقطة البداية.
– أن الحكومة التركية تعانى أزمة داخلية حقيقية وأنها تنظر لـ«فتح الله جولن»، معارض «أردوغان» الرئيسى، الموجود فى الولايات المتحدة، بخطورة بالغة، خاصة أن له أنصاره الكثيرين الذين يمسكون بمفاصل الدولة الأساسية (القضاء، الأمن، الإعلام، الاقتصاد، الجيش) وأن مرحلة التسويات والمصالحة بين الطرفين قد وصلت إلى طريق مسدود، خاصة أن الأمريكان رفضوا ممارسة أية ضغوط عليه، وأبلغوا الحكومة التركية أنهم يقفون على مسافة واحدة بين الطرفين.
– أن قضية الأكراد فى تركيا أصبحت سلاحاً ذا حدين بالنسبة للحكومة التركية؛ حيث لا تستطيع السير فيه أكثر مما سارت على طريق التفاهم مع الأكراد، وأن فئات كبيرة من الشعب التركى ستعارض أى تفاهم حاسم معهم، بل ومن الممكن أن يؤدى ذلك إلى خلخلة الساحة الداخلية، وحكومة «أردوغان» حتماً ستواجه صعوبة كبيرة فى هذا الشأن.
أما إذا تراجعت الحكومة التركية أو توقفت عن الوصول إلى اتفاق مع الأكراد، فإن التنظيمات الكردية المسلحة ستعود إلى سابق عهدها وممارسة عملياتها الإرهابية داخل الأراضى التركية.
– أن العلاقات التركية – الروسية لا تزال متردية، خاصة بعد أحداث أوكرانيا، وكذلك الهجوم على منطقة «كسب» فى سوريا؛ حيث يعتبر الروس أن ذلك يمثل تآمراً على أمنهم القومى وضربة موجهة لنفوذهم فى المنطقة. – أن العلاقات التركية لا يمكن أن تستقر مع الأمريكان، وبالتالى مع حلف الناتو دون تصويب وتطبيع العلاقة مع إسرائيل؛ لذلك تجد تركيا نفسها مجبرة على هذه العلاقة، مما سينعكس بالسلب على علاقة تركيا مع حلفائها فى المنطقة.
– أن حزب «أردوغان» يواجه مشاكل كبيرة بداخله، وأن هناك خلافاً متصاعداً بين «أردوغان» وعبدالله جول، رئيس الدولة، مما يجعل الأوضاع فى البلاد غير مستقرة.. لكل هذه الأسباب التى أبلغت لمدير المخابرات القطرى كان الرأى التركى أن تراجع الدولة موقفها من الأوضاع فى المنطقة ومن بينها الموقف من جماعة الإخوان واستضافة رموزها وأيضاً الموقف من «حماس»؛ ولذلك فإن صعوبة الموقف تحتم على تركيا أن تدقق فى قراراتها ومواقفها فى هذه الفترة.
– أما زيارة «الكبيسى» إلى الكويت، فقد تضمنت نصيحة تطالب بضرورة تجاوب القيادة القطرية مع المساعى التى يبذلها أمير الكويت لحل الأزمة مع مصر والخليج، وألا تغرد قطر خارج السرب الخليجى وأن الكويت منحازة إلى الموقف الخليجى ولكنها جاهزة لإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعى وضمان عودة السفراء حال التزام قطر باتفاق الرياض الموقَّع بين خادم الحرمين الشريفين وأمير قطر وأمير الكويت فى 23 نوفمبر من العام الماضى.
– وخلال زيارته إلى عمان، أبلغت القيادة العمانية مدير المخابرات القطرية بأن عمان ترفض سياسة المحاور فى دول الخليج وأنها مع الجميع وللجميع، وأبدوا استعدادهم للتوسط والتفاهم مع المملكة العربية السعودية للوصول إلى حل ينهى الأزمة. كانت تلك هى الرؤية التى نقلها مدير المخابرات القطرية خلال لقاء له مع خالد مشعل فى قطر؛ حيث طلب منه أن يبذل جهداً لدى جماعة الإخوان ولدى حركة حماس لتفهم الموقف الجديد الذى تعتزم قطر اتخاذه.
وعندما سأل «مشعل» عمَّا إذا كان هذا الموقف سوف يطال الموقف السورى، قال «الكبيسى»: إن قطر بصدد إعادة تقييم موقفها من الأزمة السورية دون أن يعنى ذلك انحيازها للنظام السورى، ولكن تعاملها مع فصائل المعارضة هو الذى يحتاج إلى التقييم. وأكد «الكبيسى» لـ«مشعل» أن قطر بدأت تتأكد من أن ما يجرى فى سوريا هو حرب «استنزاف» ولا نريد من قطر أن تستنزف فى هذه الحرب.
وقال: إن قطر لا تتخلى، ولكنها تريد مساحة واسعة الآن من الحركة لتجاوز أزمتها الخليجية بعد أن كانت تراهن على المساعدة الأمريكية بهذا الشأن. وقال «الكبيسى» لـ«مشعل»: «إنه فى ضوء الأوضاع الجديدة فى المنطقة، فإن قطر تنصح قيادة حماس بأن تولى ملف المصالحة مع السلطة الفلسطينية القدر الكافى من الجدية والاهتمام؛ حيث إن ذلك من شأنه أن يوفر لها الشرعية والغطاء على المستويين العربى والدولى فى هذه الفترة، وأن يعفى ذلك قطر من الحرج، خاصة بعد مواقف حماس الأخيرة».
بعد ذلك، دعا خالد مشعل إلى اجتماع عاجل لقادة «حماس» الموجودين فى الدوحة والساحات الخارجية، عُقد الاجتماع يوم 10 أبريل 2014 وحضره جميع قادة «حماس» باستثناء موسى أبومرزوق، الموجود فى مصر والذى لم يتمكن من الحضور وإن كان قد شارك فى الاجتماعات عبر كلمة وجهها عبر الهاتف للمجتمعين. وضع خالد مشعل قادة «حماس» فى صورة وتفاصيل ما دار بينه وبين رئيس المخابرات القطرية، طالباً منهم إبداء مواقفهم ووجهات نظرهم إزاء ما سمعه، ثم بعد ذلك طلب «مشعل» من صالح العارورى، المندوب الرئيسى لـ«حماس» فى تركيا، ومن أسامة حمدان، المندوب الرئيسى لـ«حماس» فى لبنان، أن يضعا قادة «حماس» فى صورة الأحداث والتطورات فى أماكن وجودهما. وتحدث صالح العارورى؛ حيث قال «إنه أبلغ من القيادة التركية وعبر الأجهزة الأمنية أن ضغوطاً كبيرة تمارَس على تركيا من أجل تطبيع علاقتها مع إسرائيل، وإن موضوع إعادة العلاقات وتطبيعها مع إسرائيل قد حُسم لدى الأتراك».
وقال: إن الحكومة التركية كانت قد تبنت موقفاً فى السابق بأنها لن تعيد علاقاتها مع إسرائيل إلا بعد رفع الحصار عن قطع غزة، وإن هذا القرار سيضعنا الآن فى حرج كبير أمام الشعب الفلسطينى والآخرين. وقال: «إن هذا يجبرنا على دراسة الموقف بدقة، وأنا أشك أن وجودنا فى تركيا سيكون متاحاً فى المستقبل كما كان فى الماضى بعد تطبيع العلاقات التركية – الإسرائيلية.
أما أسامة حمدان فقد تحدث بشكل مفصل عن الأزمة السورية وقال: «يجب علينا أن نقر بالواقع الجديد الذى بدأ يتشكل على الأرض؛ فالأزمة السورية قد دخلت مرحلة جديدة، وجيش النظام السورى يحقق إنجازات متتالية ومهمة وأن مسألة سقوط النظام أصبحت من الماضى». واعتبر «حمدان» أن إنجازات جيش النظام فى جبهة القلمون والسيطرة على الحدود السورية – اللبنانية بقدر كبير وإشراك الجيش اللبنانى فى تلك المنطقة بالتصدى للمعارضة تشكل انتصاراً لجيش النظام السورى وإن لم يكن حاسماً. وتطرق أسامة حمدان إلى تشتت فصائل المعارضة السورية وقال: إن تنظيمات مثل «داعش – الجبهة الإسلامية – النصرة – جيش الإسلام» قد أصبحت خارج السيطرة وينظر لها كقوى غازية لا يمكن لأى أحد كان أن يدافع عنها أو يتبناها لا فى الشارع السورى ولا فى الشارع العربى.
وقال: «إن الجيش السورى الحر موجود فقط فى وسائل الإعلام، أما على الأرض فلا أثر له، وإن كل من لديه مجموعة من المقاتلين يصف نفسه بأنه هو الجيش الحر دون أى رابط بينهم». وقال: «إن المصيبة الآن أن أعداداً كبيرة من مقاتلى الجيش الحر قد أصبحوا ضمن المعادلة الإسرائيلية بشكل واضح وسافر». وقال: «إن على الإخوان المسلمين السوريين أن يظهروا موقفهم بشكل واضح قبل فوات الأوان؛ لأن الائتلاف الذى هم جزء فيه أصبح لإسرائيل حصة فيه». وقال «حمدان»: «إن ما حدث فى السعودية من ترتيبات للبيت الداخلى ومساعدتها فى تشكيل حكومة فى لبنان ومهاجمتها للنصرة وداعش وغيرها، يشكل بداية جديدة للموقف السعودى فى الأزمة السورية».
وأضاف: «اتركوا الإعلام يتحدث كما يريد، ولكن علينا أن نتابع ما يحدث وراء الكواليس، لقد قال بعضنا: إن السعوديين سيخضعون أخيراً للأمريكان، ولكن على ضوء ما يجرى من تغييرات فى السعودية وما سبق ذكره، ظهر لنا أن هذا القول غير صحيح». وقال: «أنا أتفق أن خلافاً أمريكياً – سعودياً لم يُطوَ بعدُ وأن القيادة السعودية فى سباق مع الزمن من أجل ترتيب بيتها الداخلى ليكون موقفها أقوى فى مواجهة الضغوط الأمريكية». وقال: «إن الشىء المهم الذى أريد أن أتحدث فيه هو المزاج الشعبى الفلسطينى، سواء فى سوريا أو فى لبنان، فلا أخفيكم سراً إن قلت لكم: إن الغالبية العظمى من أبناء شعبنا الفلسطينى فى سوريا ولبنان قد أصبحت الآن أكثر تعاطفاً مع النظام السورى. لقد أصبح الاستقرار طموحاً من فقده والعودة حلماً لمن تشتت، وهم يرون أن النظام السورى كان قد حقق لهم ذلك، وأن صمود هذا النظام أمام ما يواجهه هو صمود أسطورى».
وقال: «راقبوا مزاج الشعب الفلسطينى فى غزة والضفة وفى أراضى 48 وتابعوا كيف بدأ ينحاز تدريجياً للنظام السورى فى وقت نرى فيه أن موقفنا أصبح غير مقبول بين أبناء شعبنا، وأن الكثيرين يحرضون على موقفنا». وأضاف: «تذكروا كلمة محمود عباس عندما قال: (لقد خانوا وخذلوا حلفاءهم ومن ساعدهم ومكنهم، فى الوقت الذى كان النظام السورى يعادينا نحن ويواجهنا نحن)». وقال أسامة حمدان: «أطالب بإعادة قراءة موقف حركة حماس من كل ما يجرى فى سوريا وأخذ الشكل التدريجى فى ذلك، فلا يمكن لنا أن نكون مع الإسرائيليين فى مواجهة سوريا، يجب علينا أن نتشاور مع إخواننا فى حركة الإخوان المسلمين فى كل الساحات، وخصوصاً الإخوان السوريين ونطالبهم بتقدير ظروفنا الحساسة والحرجة». وعند الحديث عن مصر، قال أسامة حمدان: «أريد أن أطرح عليكم شيئاً خطيراً، هو أن معلومات قد وصلتنى من جهات أمنية متعددة، تفيد بأنه من الممكن أن يقوم الجيش المصرى فى المرحلة التى تسبق الانتخابات الرئاسية أو بعدها مباشرة بتوجيه ضربات جوية على معسكرات للمعارضة المصرية فى ليبيا تسمى نفسها (الجيش المصرى الحر) وأن مصر تسعى حالياً إلى غطاء دولى لتنفيذ ذلك تحت شعار (محاربة الإرهاب) فى أوكاره، وهذا ما سيلاقى دعماً عربياً؛ فلا تراهنوا على أى طرف سيجاهر بمخالفته لذلك، ولن يتجرأ الأوروبيون كذلك على المعارضة، بل سوف يلتزمون الصمت، أما الأمريكان فسيكون موقفهم ضبابياً، وأؤكد أن الروس سيساعدون فى ذلك بشكل مباشر ورسمى ومعلوماتى، ومعلوماتى تقول: إن الإيرانيين لن يعارضوا ذلك». وقال «حمدان»: «إذا تعمقت الأزمة فى مصر من خلال العمليات العسكرية التى تتم داخل الأراضى المصرية، فلا تستبعدوا أن يكون قطاع غزة ضمن تلك الأهداف التى تفكر فيها القيادة المصرية لاحقاً». وتابع: «أما عن علاقتنا مع إيران، فإن طلبنا أن يقوم الأخ خالد مشعل بزيارة إلى طهران على رأس وفد من حماس يقابَل بالمماطلة والتسويف حتى الآن، ولست واهما كما يتوهم البعض فى الداخل من أن الإيرانيين سوف يفتحون لنا الأبواب دون تفاهم إيرانى – سورى على ذلك». وتحدث خالد مشعل فى هذا اللقاء؛ حيث قال: «إن هناك خارطة جديدة تشكل فى المنطقة وإن حركة حماس تواجه حصاراً شاملاً وعلينا أن نقدر موقف الإخوة فى قطر». وقال: «لن أكون هنا مدافعاً عن سياسة تركيا؛ فتركيا دولة إقليمية لها مصالحها ولها ظروفها ولها مشاكلها الداخلية المعقدة جداً.. لا تفهموا من كلامى أنى أبرر للحكومة التركية اتجاهاتها الجديدة، بل على العكس من ذلك؛ فأنا أعتبر ذلك نكسة لحماس أمام شعبنا الفلسطينى، خاصة بعد أن يتضح هذا الموقف وأبعاده خلال الأسابيع المقبلة». وقال: «إن أصدقاء عديدين لنا فى دول الخليج تمنوا علينا أن نستخدم كل ذكائنا للخروج بأقل الخسائر فى هذه المرحلة. وكلهم يرون أن باب المصالحة هو المظلة المناسبة لنحافظ على شرعيتنا بعباءة وشرعية الآخرين، إن هذا من المسموح به، فلا يجب أن يفهمه البعض بأنه انقلاب على مفاهيم حماس؛ فالرسول (صلى الله عليه وسلم) كان عندما يخسر هنا أو هناك وتضيق عليه الأرض كان ينفتح بمرونة للمحافظة على رسالته ودعوته». وقال: «إن البعض يطالبنا بالتعامل مع محمد دحلان، ودحلان بالنسبة لنا ولغيرنا ليس واجهة سياسية، بل ينظرون إليه كـ(مستخدم)، وهو ليس أكثر من ضابط ارتباط أمنى، والمصريون يعرفون ذلك جيداً». أما موسى أبومرزوق، الذى تحدث هاتفياً من مصر، فقد قال: «إن المصالحة ستشكل انفراجة لـ(حماس) على الساحة المصرية»، وأضاف أنه يتوقع، بل متأكد، أن «الإخوان فى الداخل سيتجاوبون معنا آخذين بعين الاعتبار الظروف المحيطة، سواء بالقطاع أو خارج القطاع، خاصة أن الحصار أصبح محكماً». وقال: «إنه خلال أيام مبارك عندما كان يطالبنا بوقف الأنفاق بين سيناء وغزة، كان الجيش المصرى والأمن المصرى يتركون لنا منافذ وكان الأخ أبوالوليد (خالد مشعل) يعرف ذلك، وقد واجهه المرحوم عمر سليمان بصراحة عندما قال لأخى خالد مشعل: (لا تتذاكوا كثيراً، فما هو مفتوح لكم هو بقرار منا نحن وليس بشطارتكم)، لكن الأنفاق الآن مغلقة بالكامل وأخشى أنه بعد الانتخابات سيزداد الحصار شدة، وعندها سوف تحصل الطامة الكبرى؛ فالشارع سوف ينتفض علينا، فلا تقولوا قاعدتنا عريضة وإن الشارع معنا». وقال: «أقول لكم بصراحة: يجب علينا الإسراع فى المصالحة والسير بخطواتها للأمام، وأى إنجاز فى هذا الملف سوف نستفيد منه أكثر من غيرنا وسنتعامل مع كل مرحلة بظروفها». وقال: «علينا أن نستغل الظرف نهائياً؛ فالمصالحة وصلت المفاوضات فيها إلى طريق مسدود؛ فهو بحاجة لها لتأكيد شرعيته، ولا أرى مانعاً من ذلك، ونحن لا نعى الشرعية لشخص أقدم على تنازلات، بل على العكس من ذلك صمد وما زال صامداً، قاوم تهديدات الإسرائيليين وما زال يقاوم، حقق وأنجز ما عجزنا نحن وغيرنا عن تحقيقه، وإذا كان الإقرار بشرعيته يدعمه فى المحافل الدولية ويدعم صموده فلا أرى سبباً لكى نرفض ذلك». وقال «أبومرزوق»: «إن الإخوة فى مصر سيتجاوبون معنا وسيدعموننا إذ خطونا هذه الخطوة، هم بحاجة إلى خطوة (شرعية عباس مقابل شرعيتنا فى قطاع غزة)، هم يستفيدون ونحن نستفيد والشاطر اللى يستفيد أكتر، وما دام كل شىء بالتوافق فلكل حادث حديث». وعاد خالد مشعل للحديث بعد انتهاء كلمة موسى أبومرزوق وقال: «فاتنى أن أبلغكم أن الأردن ما زال يماطل فى رده على طلب القيادة القطرية باستضافة بعض قادة حماس على الساحة الأردنية؛ حيث وعدوا بدراسة الموضوع ولا إجابة». وقال: «لقد علمت أيضاً أن الإخوة فى تونس اعتذروا للحكومة القطرية عن عدم استضافة بعض الإخوة المصريين الموجودين على الساحة القطرية؛ حيث قالوا إن ظروفهم الداخلية لا تسمح لهم، خاصة أنهم على أبواب انتخابات جديدة». وقال: «إن للسودان وضعاً آخر؛ فبعد عملية انفصال الجنوب، أصبح جنوب السودان القاعدة الأمنية الأولى والكبرى للموساد، وهى رأس حربة للانطلاق لكل الساحات، وقد حذرنا وأكدنا أن السودان أصبح غير آمن لأن مجموعات كبيرة ترسل من الجنوب إلى الشمال تحت رعاية وإشراف الموساد الإسرائيلى». لقد استمر هذا الاجتماع إحدى عشرة ساعة متواصلة، وبعدها تقرر أن يطلب خالد مشعل لقاء مع الأمير تميم، أمير قطر، وبالفعل عُقد اللقاء فى 12 أبريل الماضى. وقد أبلغ خالد مشعل الأمير تميم بأن «حركة حماس، ضمن الظروف الحالية، آخذة بعين الاعتبار ما يحدث فى كل الساحات، قررت التوجه للمصالحة، طالبين منكم الدعم فى ذلك، مقدرين ظروف قطر الداخلية ودعمها المتواصل لحركة حماس». بارك أمير قطر موقف «مشعل» وحركة حماس، وقال: «إن قطر لا يمكنها أن تتخلى عنهم مهما كانت الضغوط، ولكن ما يجرى ليس أكثر من (غيمة) سرعان ما ستنقشع». فى ضوء ذلك، طلب خالد مشعل من موسى أبومرزوق إبلاغ المصريين بهذا الموقف. وقبل أسبوع من زيارة عزام الأحمد إلى القاهرة، التى تمت يوم 20 أبريل الماضى، كان قد حصل لقاء بين موسى أبومرزوق ومسئولين من المخابرات العامة المصرية؛ حيث أبلغهم بموقف حماس من المصالحة وقال إنه موقف صادق وإيجابى مائة بالمائة، وأن قيادة «حماس» باركت ذلك بالكامل وهم بانتظار البدء بخطوات عملية، خاصة أننا نرى أن الدولة المصرية هى المعنية بهذا الملف وعليها مواصلة دورها ونحن نثق بهذا الدور.
ووافقت المخابرات العامة المصرية على اقتراح المصالحة وتجاوبت مع طلب أبومرزوق بالسماح له للذهاب إلى قطاع غزة من أجل المساعدة مع قيادات القطاع فى تنفيذ خطوات عملية على طريق المصالحة وبعدها أبلغت المخابرات العامة موسى أبومرزوق بأن السلطة الفلسطينية جاهزة ومنفتحة لهذه المصالحة. وسافر «أبومرزوق» إلى غزة يوم 21 أبريل 2014، لكن ملف المصالحة لم يكن هو الملف الوحيد الذى ذهب من أجله؛ فهناك ملفات أخرى عديدة متعلقة بالاتهامات الموجهة إلى «حماس» طرحها على قادة «حماس» داخل غزة، ووعد بالرد القريب عليها.

/مصطفى بكري-القاهرة

Related posts

رئيسة بلدية أمستردام تعلن تعزيز الإجراءات الأمنية…. “أشعر بالخزي” جراء الصدامات

عيون فلسطينيّة في بلغاريا

الجبهة العربية الفلسطينية: أحداث أمستردام في هولندا رد فعل طبيعي على جرائم الاحتلال