عروبة الإخباري – هنادي زكريا الهندي أول كابتن طيار سعودي وأول امرأة سعودية تقود طائرة على أراضيها، حصلت على شهادة في الطيران التجاري من أكاديمية الشرق الأوسط في عمّان الأردن. حصلت عقب تخرجها في 2004، على عقد يمتد لفترة 10 سنوات مع شركة المملكة القابضة لصاحبها الأمير الوليد بن طلال حيث عينها كابتن طيار خاص لشركته.
ولدت هنادي في مدينة مكة المكرمة عام 1397هجرية، وتربت في حي المسفلة وهو من أقدم أحياء مكة وهي الوسطى من بين خمسة إخوة. دَعَمها في تحقيق حلمها والديها “زكريا بن صدقة الهندي” ووالدتها “فائقة بنت علي تمراز” حيث وبحسب تصريحاتها لوسائل الاعلام المختلفة فقد كان لهما أبلغ الأثر في إثارة شغف هنادي بالطيران منذ أن كانت جنينا بأحشاء والدتها. أول رحلة فعلية لهنادي كانت برفقة أسرتها إلى القاهرة عام 1398 هجرية عندما بلغت عامها الأول. تقول هنادي في حوار لها مع صحيفة اليوم “أحب السفر إلى درجة لا توصف وقمت بزيارة العديد من دول العالم حيث كنت بفارغ الصبر أنتظر حلول موعد الإجازة الصيفية لأقوم بحزم حقائبي والاستعداد للسفر لقضاء الإجازة في الخارج ومن أجمل الدول التي قمت بزيارتها سويسرا ولاشك بأن زياراتي الكثيرة للعديد من دول العالم أكسبتني العديد من الفوائد وساهمت بشكل كبير في إثراء شخصيتي وثقافتي بالتعرف على الكثير من العادات والتقاليد السائدة لكل دولة قمت بزيارتها وساعدني ذلك في تطوير لغتي الإنجليزية من خلال الاحتكاك والاختلاط بالشعوب الأوربية تماما كما يقول الإمام الشافعي (سافر ففي الأسفار خمس فوائد تفريج هم واكتساب معيشة وعلم وأدب وصحبة ماجد)”.
رغم شغفها بالسفر والترحال إلا أن هنادي لم تكن تحلم دوما بأن تمتهن الطيران بشكل رسمي. تقول “لم يدر في خلدي أن أكون كابتن طيار، وليس لهذا موقع بين الآمال والأفكار التي كنت أحملها والطموحات التي كانت ضمن بنات أفكاري وأحلام المستقبل وأنه سياتي يوم ما وأصبح كابتن طيار”.
وترجع هنادي السبب لظروف البيئة الاجتماعية التي تحدد عمل الفتاة السعودية في الماضي. لذلك، فقد التحقت في المرحلة الجامعية بقسم الأدب الإنجليزي في كلية المعلمين في مكة المكرمة، حيث بقيت مدة عامين قبل أن تنتقل إلى جامعة أم القرى. ولم تكمل هنادي دراستها في جامعة أم القرى، وقررت أخيرا الانتقال لدراسة الطيران في الأردن. قالت “لقد كان حلما لي منذ كنت طفلة وكان ينتظر مني أن أقوم بتحقيقه”.
دراسة الطيران
ذكرت فكرة دراسة الطيران لوالدها، ووعدها بدعمها. حيث وفي أغسطس 2002م سحبت هنادي ملفها من جامعة أم القرى وبدأت التسجيل في أكاديمية الشرق الأوسط للطيران في عمان، الأردن. تقول ” قبل أن ألتحق بالطيران لم تكتب لي فرصة رؤية مقصورة القيادة ولكن بعد أن تقدمت بأوراقي للأكاديمية لإجراء المقابلة الشخصية وفي طريق العودة إلى جدة تحقق حلمي حيث دعاني كابتن الطائرة لدخول المقصورة وكانت تلك هي المرة الأولى التي أرى فيها المقعد الذي اخترت أن يكون مهنتي، وروت هنادي كيف أنها من حينها بدأت تكتسب حب الإطلاع في كل مرة تأخد فيها مكانها في طائرة في رحلة ما حيث تدخل مقصورة الطائرة، لتتعرف كيف تبدوا المقصورة وكيف يقوم الكابتن بقيادتها وأصبح هذا الفضول يصاحبها في جميع أسفارها.
ربّانة خاصة لطائرة الوليد بن طلال
في عام 2004 ميلادية وقبيل تخرجها من الأكاديمية بعدة أشهر، أعلنت هنادي بفرحة عارمة عن تعاقدها مع شركة المملكة القابضة لتصبح ربّانة خاصة تقود الطائرة الخاصة للأمير الوليد بن طلال. حيث وبحسب تصريحاتها فقد استمر بدعمها ماديا بإعطائها منحة شهرية تبلغ قيمتها 3000 ريال سعودي لتساعدها فيما تبقى من دراستها على أن تبدأ العمل فور الانتهاء من برنامج التدريب المتقدم على الطيران في الأردن بحلول منتصف عام 2005م.
تعليقا على تعيين الهندي كطيار بواسطة شركته، قال الأمير الوليد في تصريح لصحيفة عرب نيوز: “أرى أن توظيف هذة الربّانة للعمل في أسطول المملكة القابضة من الطائرات الخاصة خطوة تاريخية للسيدات السعوديات. هذه الخطوة تتجاوز الدور التقليدي للمرأة السعودية التي كانت تقتصر في السابق على العمل في قطاعات الصحة والتعليم والقطاع الخيري. أنا أدعم بشكل كامل السيدات السعودية العاملات في كافة المجالات”
في عام 2010 م تسبب خطأ طبي بمستشفى بريطاني في معاناة الكابتن هنادي الهندي، حيث فقدت إحدى كليتيها إثر جراحة أجريت لها في لندن، ومن ثم خسرت نتيجة لها رخصتها الدولية للطيران. وروت الكابتن في حديث خاص مع MBC معاناتها الكبيرة التي استمرت خلال العامين الماضيين، وأوضحت هنادي أنها عادت للسعودية بعد الجراحة بعد أن وجدت عدم تعاون في بريطانيا، لتكتشف في إحدى المستشفيات بجدة وجود مشاكل في الحالب أثرت على الكُلى. وتوالت تبعات الخطأ الطبي ليتسبب ذلك في فقدان إحدى كليتيها، وامتدت آثارها السلبية إلى عملها الذي تعشقه ليتم إيقاف رخصة الطيران الدولية من هيئة الطيران المدني في المملكة المتحدة. تطمح هنادي إلى تجديد رخصة طيرانها الدولية عبر الولايات المتحدة الأمريكية. و قد عبرت عبر وسائل الإعلام عن رغبتها في الحصول على دعم بلدها ووطنها، خاصة وأنها تحمل الكثير من الألقاب الإيجابية، ومثلت بلدها، ومعها شهادات كثيرة، وتقارير الأكاديميات التي كانت فيها تؤكد أنها جيدة في دراستها. في لقاء سابق لها تذكر هنادي تأثير والدها على بناء شخصيتها المصرة على تخطي المصاعب. تقول ” …كان أبي ولايزال يريد مني أن أكون قوية وصامدة وثابتة وقادرة على مجابهة العقبات التي قد تواجه أي إنسان في حياته و أن أتخطى كل الصعاب حتى أستطيع الاعتماد على نفسي وإثبات الذات”
نشرت هنادي في أواخر عام 2012م تغريدة عبر صفحتها على تويتر تقول فيها “أول رحلة فعلية إحساس مو طبيعي قمة السعادة” مرفقة صورة لها وهي خلف مقود طائرة. وفي الأول من اكتوبر من ذات السنة نشرت صورة أخرى لها وهي تستعد لقيادة طائرة مرسلة كل الشكر والمحبة للامير الوليد بن طلال. فهل استطاعت هنادي التحليق بحلمها من جديد؟