عروبة الإخباري – خاص باكو – كتب سلطان الحطاب – أهلت نفسها منذ كسبت استقلالها لتضع نفسها حيث ترغب على الخريطة الدولية إلاّ ان جراحها التي تسببت من العدوان الأرمني على أراضيها واحتلال مساحات تصل الى 20% من مساحة الوطن الأم قد استوقفها لكنه لم يوقفها عن مواصلة الخطى باتجاه الطموح ..وحوّلت الكثير من أهدافها للتخلص من الاحتلال باسلوب حضاري لا يوقف التنمية ولا يستبدل سلامها الاجتماعي والاقتصادي بالحرب..
تنمو اذربيجان الان بصورة غير مسبوقة وهي توظف سياساتها الخارجية ونشاطها المتعاظم الان من خلال المؤتمرات التي تعقد على ارضها او التي تشارك فيها لانهاء الاحتلال ومحاصرته ..
باكو تكثف سياساتها الدبلوماسية والاتصالية والسياسية وتعقد العديد من المؤتمرات البارزة فقد اصبحت باكو واحدة من العواصم التي تشكل مركزا للتعاون الدولي ..
كنت دعيت من وزارة الخارجية الاذرية لحضور اكثر من مؤتمر احداها كان في عام 2013 والاخر كان في شهر ابريل نيسان عام 2014 وشهدت الاعوام الاخيرة سلسلة من المؤتمرات العالمية على مستوى القمم والخبراء ومناقشة الاحداث الدولية والاقتصادية العالمية وحتى المتعلقة بالطاقة والمراة والثقافة وحقوق الانسان ..
اذربيجان بصدد التعريف بدورها وتاريخها ومكانتها. لقد واظبت حضور مؤتمراتها وكان لي مساهمة متواضعة ايضا بتاليف كتاب عن اذربيجان باللغة العربية رعته وزارة الخارجية الاذرية ليوزع في العالم العربي وعنوانه ( اذربيجان عروس القزوين وبلاد النفط ) ..
عبر السنوات الثلاث الماضية شهدت باكو انعقاد منتدى دافوس الاقتصادي العالمي ولقاء نادي مدريد . وايضا مؤتمرا عن دعم القدس وفلسطين في اطار اجتماع منظمة المؤتمر الاسلامي الذي احتضنته باكو ومؤتمرا اخر لمكافحة الارهاب في اطار الامم المتحدة واخر خاص بافغانستان . كما استضافت لثلاث مرات منتدى حول الحوار بين الثقافات كان اخرها هذا الشهر بالتعاون مع نادي مدريد وجامعة الامم المتحدة ومكتبة الاسكندرية ..
هذه التظاهرات السياسية والثقافية الواسعة والمؤثرة ارادتها باكو مساهمة منها لتعميق الحوار واضاءة الفترة الاذرية القادمة من التاريخ لتسجيل حضور فاعل يلفت انتباه العالم لقضيتها العادلة حيث تطالب بتحرير ارضها وهي تترجم بذلك دعوة واضحة للخلاص من الاحتلال “اي احتلال” وهو مالفت انتباه الوفد الاردني المشكل من اعضاء من مجلس الاعيان يترأسه السيد عبد الرؤوف الروابدة رئيس المجلس الذي تحدث ايضا في هذا السياق المشترك حين ذكر برفض الاحتلال الاسرائيلي للارض الفلسطينية والوقوف الى جانب قرارات الامم المتحدة المتعلقة بالصراع الاذري – الارمني حول اقليم ناغورني كارباخ الجبلي وعديد من المدن الاذرية الاخرى منذ اكثر من عشرين سنة ..
لقد حققت اذربيجان طفرة اقتصادية كبيرة تلفت الانتباه وذلك في الترجمة العملية لهذه الطفرة على البنى التحتية في البلاد حتى غدت باكو عاصمة حديثة تنافس عواصم الغرب جمالا ونظافة وقدرة على الاداء وجلب الاستثمارات باتجاه فتح ابواب السياحة ..
لقد وفرت الطفرة الاقتصادية واساسها النفط مايزيد عن (50) مليار دولار من الاحتياطي الذي يجري تشغيله على الارض . وقد رافق الطفرة ومن خلالها استغلال امثل لموارد البلاد وتوجيهها بشكل انفع لتبرز هذه الجمهورية بشكل اكثر نصاعة وقدرة على التطور من بين جميع الجمهوريات التي انفرطت عن الاتحاد السوفيتي وخاصة الجمهوريات الاسيوية المشاركة في نفس النمط الحضاري ..
سكان اذربيجان لايتجاوزون الملايين التسعة ومع ذلك تتوفر للعاصمة ولعموم البلاد بنى تحتية قادرة على ادامة التطور لعقود قادمة ..
تنتج اذربيجان النفط وكانت من اوائل دول العالم في انتاجه طوال الفترة السوفيتية قبل الاستقلال عام 1991 وهي تستغله الان بصورة ايجابية تتميز عن الاستغلال العربي الذي لم يعكس تنمية كافية ولم يحسن مستويات العيش في المنطقة . فالبترول الطبيعي والغاز الاذربيجانيين يصدران عبر روسيا وجورجيا الى تركيا والى اوروبا وعبر اليونان والبانيا وبحر الادرياتيك ..
اذربيجان من اسرع الاقتصاديات العالمية نموا بل تكاد تكون الاولى وقد شاهدت بأم عيني عدد “الكرينات” المرفوعة في سماء باكو والتي لا تنافسها فيها عدد سوى دبي . فقد اطل هذا النمر الاسيوي فجأة من جبال القوقاز ( القفقاس) في منطقة راكدة او فقيرة او مضطربة او استعصت عليها التنمية لتبرز باكو قمرا يدور في فلك عالمي ..
استغلت القيادة الاذرية الشابة نسبة عالية من عوائد الطفرة في انشاء بنية تحتية مميزة لم تنجزها دول شبيهة او حتى اكثر غنى او عددا او اقدم استقلالا من اذربيجان ..
ومارأيته من بنى ومرافق عامة ضخمة وجسور وانفاق ومطار وساحات وميادين واسواق وابراج يستوقف المراقب فهذه الشبكة من المرافق هي الاكثر كفاءة وتعمل لفترات طويلة الاجل ..
ويكفي ان يلاحظ المرء مركز حيدر علييف للمؤتمرات الذي كلف انشاؤه اكثر من ملياري دولار ليدرك رغبة اذربيجان من القول ( وأما بنعمة ربك فحدث) والتاكيد على ان الاموال العائدة يرجى استثمارها بصورة تنم عن الاعتزاز الوطني والتطلع الى المستقبل والتخطيط لسياحة عالمية تجعل باكو لاحقا مركزا ينافس دبي في السياحة والتسويق والدليل هذا الحجم من الفنادق فوق الخمس نجوم ومستوى الخدمات فيها ..
هناك توظيف ايجابي واضح للمؤتمرات لا تخجل اذربيجان من اعلانه وقد جاء ايضاً على لسان الرئيس الهام علييف وهذا التوظيف يعرف باذربيجان الحاضر والمعاصر والراغب في المشاركة ..
ما اثار اعجابي هو ان القيادة الاذرية المعتزة بهويتها الحضارية والتراثية والوطنية ارادت ربط الحاضر بالماضي واختارت الثقافة والتراث معبرا لها لرسم صورتها المعاصرة ايضا حين ربطت المؤتمر الاخير الذي حضرته في باكو والمتعلق بحوار الثقافات بمركز الشاعر العالمي الراحل منذ العصور الوسطى نظامي كنجواي صاحب المؤلفات الشهيرة والهامة في تراث الحضارة الاسلامية المشتركة وقد كتب بالفارسية ويحتفي به الاذربيجانيون كثيرا ويعظمون دوره ويجعلون اجيالهم تعتز به ..
لقد جرى ربط ذكراه واسمه بمركز هو شريك في الحوار الذي حضرناه مع نادي مدريد كما جرى استدعاء ركن حضاري قديم وحديث هام للشراكة وهو مكتبة الاسكندرية التاريخية العظيمة التي جرى احياؤها بعد اندثار واختفاء منذ ما قبل الاسلام لتشارك مع مركز نظامي كنجواي وذلك بشخصية مميزة هي رئيس مكتبة الاسكندرية الدكتور اسماعيل سراج الدين الذي التقيته وتحدثنا معا عن كلمته البالغة الدلالة في المؤتمر وعن دوره في اعادة الحيوية ورفاته لمكتبة الاسكندرية صاحبة الفضل على العالم القديم ايضا ..
جغرافية اذربيجان هامة ومجالها الحيوي والجيوسياسي غاية في الخطورة وقد كتب عن مصر ( جمال حمدان ) في اهمية ذلك . وقد كان يمكن ان يكتب بنفس العمق والصيغة عن اذربيجان التي تربط الشرق بالغرب واسيا باوربا ومنطقة جنوب القوقاز واسيا الوسطى تحديداً بالاتجاهات الاربع . فاذربيجان مؤثرة على ايران وتتداخل معها في هدنة تاريخية يتطلب الاعتراف بـ “الاذربيجانية الايرانية”- (الأقليم الاذربيجاني المحتل تحت الاحتلال الايراني) وفيه اكثر من ( 30) مليون من اتباعها حيث مازال الاذريون في ايران يتطلعون لوطنهم الام اذربيجان والى ثقافة مستقلة ولغة محفوظة وتعزيز للبعد العرقي الذي يوازي البعد الفارسي دون انصاف ..
فالاذريون في ايران وقد كانت عاصمتهم تبريز قبل ان تحتل ايران مساحات اوسع داخل حدودها الحديثة بفعل الصفقات مع القيصرية الروسية التي صنعت جغرافيا جديدة لتاريخ ظل جامدا وقد زاد على ذلك ما صنعه ستالين حين اعاد تمزيق الجغرافيا لصالح الايدولوجيا التي لم تصمد فورثت صراعات بعضها اشتعل وما زال وبعضها ما زال تحت الرماد وقد دفعت اذربيجان ثمنا لذلك وما زالت تدفع …
الجغرافيا الاذرية جسر موصل وخطير ويفتح الشهية للقوى العابرة او العائدة او المنتظرة ولذا تتطلع اذربيجان التي خذلتها ايران الجارة او الشريكة مع العقيدة والمذهب حتى ناصرت الارمن لاسباب قومية واطماع جغرافية ومحاولة لبقاء حقوق اذربيجان في ايران مطموسة .كما خذلتها روسيا التي ناصرت ارمينيا في عدوانها على اذربيجان وذلك لبقاء توازنات في وجه تركيا القديمة والمتجددة في لعبة ورقة الارمن التي يمكن اعادة استحضارها في الصراع كلما اقتربت تركيا من الغرب ..
اذربيجان في سياساتها الخارجية تعمل بتوازن رغم انها تمشي على حبل رفيع وطويل فهي تريد الحفاظ على توازن علاقاتها مع روسيا بعد ان خرجت من الرحم السوفيتي وقطعت الحبل السّري بالسكين وتريد علاقات مميزة ولكنها ستكون مثيرة مع الولايات المتحدة كما تريد ان تحفظ جوارا هادئا لا مخاطر امنية فيه مع ايران التي حاولت ان تصدر بعض افكارها الى جنوب اذربيجان وخاصة الى اقليم ناختشفان الذي يتحصن بثقافة تمنع انتشار الشادور والاغطية السياسية الاخرى ..
اذربيجان الان تعرب الجملة الدولية وتستخدم قرارات الامم المتحدة ومجلس الامن وفي يدها اربع قرارات صادرة كلها تطالب بانهاء الاحتلال الارمني وقد وجدت تاييدا دوليا واسعا نستمع الى صداه الان وزيادة وتائره في المؤتمرات التي تعقدها ويظل السؤال الذي اثرته في المؤتمر واثاره معي الصديق الدكتور صالح رشيدات في مداخلته عن التنمية والمراة وغيرها وهي مداخلة كان لها صداها ..حيث قال: “الاردن تجربة ناجحة ورائدة للاندماج والمشاركة الاجتماعية والسياسية للأقليّات جذرها الدستور الأردني والممارسة الحقيقية على أرض الواقع مجلسي النواب والأعيان ومجلس الوزراء ومراكز صنع القرار ومؤسسات المجتمع المدني.
أما بالنسبة للتنمية المستدامة وهي حول تنمية الانسان.. والأردن وهو فقير جداً بالمصادر الطبيعية وخصوصا المياه والطاقة استطاع ان يحقق معجزات في التعليم والصحة وقطاع المرأة والشباب والتي ساهمت في خلق رأسمال وطني. كما قال الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه الانسان أغلى ما نملك. وقد ساهم هذا الانسان في تنمية الخليج العربي وبنى أردن قوي أصبح أنموذجا في المشرق.
للأسف ان الهجرات القسرية العربية من سوريا حاليا حوالي مليون ونصف لاجئ وقبلها من العراق وقبلها من لبنان وفلسطين لا تساهم في استقرار سياسات التنمية المستدامة.
التنمية المستدامة التي اتحدث عنها بحاجة لأمن واستقرار وسلام وتجربة الأردن جديرة بالدراسة الحقيقية واستخلاص العبر في التخطيط الاستراتيجي .. لا تنمية في ظل الحروب والنزاعات.”
اذ ارتسم سؤال: الى اي مدى يستطيع المجتمع الدولي حين يقتنع بعدالة اي قضية ان يكون بديلا لانفاذ التوصيات اذا ما قصر المعنيون بالتوصيات في انفاذها؟ اختارت اذربيجان طريق السلام والسياسة والدبلوماسية لان اعداءها كانوا يريدون ان تحرق عوائد نفطها في الحرب لكنها اختارت التنمية لتكون نتائجها المنعة والقوة وبعد ذلك الغلبة ..وهذا ما اكده الرئيس الاذري الهام علييف في افتتاح منتدى الحوار بين الثقافات الذي رعاه مركز نظامي كنجاوي ونادي مدريد وهو ما كان ذكره ايضا في لقاء سابق في افتتاح مؤتمر اخر وبنفس المضمون حين قال “ان اراضينا …اراضي الاجداد المعترف بها دوليا باتت في ناغورني كارباخ وسبع مناطق مجاورة تحت احتلال القوات الارمنية وتواجه سياسة التطهير العرقي واصبح اكثر من مليون اذري من اللاجئين والمشردين داخليا في وطنهم وتم تدميرالمعابد التاريخية والدينية في الاراضي المحتلة ” وذكر الرئيس بما كانت منظمات الامم المتحدة قد ارسلته وخاصة منظمة الامن والتعاون الاوروبية في بعثتين لتقصي الحقائق الى المناطق المحتلة وهو ما يؤكد ما ذهب اليه الرئيس الهام ..
الصوت الاذري الان يرتفع مسلحا بالقدرة والتنمية واستقطاب المجتمع الدولي واقناعه وبعدالة القضية الاذرية فقد كنت شهدت السنوات المبكرة من الاستقلال .
كنت في باكو في مهمة صحفية عام 1992 في الذكرى الاولى للاستقلال وهي ذكرى العدوان ايضا وكانت اذربيجان جريحة وصوتها خافتا فقد تكالب عليها الاحتلال ومن ناصروه وايدو ارمينيا .
كنت في مناطق الحدود وقد رأيت اللاجئين الذين التحفو السماء ومن فاز منهم ممن ناموا في عربات القطارات اوالمدارس او المرافق كان محظوظا وقد ظلوا لسنوات وتحملت اذربيجان باقتصادها المكدود انذاك الكثير وكانت مناطق الحدود ملتهبة وخاصة في اقليم ناختشفان الذي تطالب به ارمينيا ايضا ومن بقي من سكان اقليم ناغورني خارج التصفية العرقية توجه الى المدن الاذرية وخاصة باكو وما زال هؤلاء يتطلعون الى العودة الى منازلهم.
ورغم اسناد الحكومة المركزية في باكو للاجئين ورعاية شؤونهم الا انها تريد المجتمع الدولي ان يساعدها في ان يعود الى ديارهم وقد انسحب الاحتلال عنها وتقوم حاليا مجموعة منسك التي تشكلت منبثقة عن منظمة الامن والتعاون الاوروبي . بجهود للوساطة بين اذربيجان وارمينيا ولكن اربع سنوات انقضت دون نتائج بفعل التعنت الارمني اذ ان روسيا هي اللاعب المؤثر في هذا النزاع ولكنها لم تفعل الكثير رغم ان الطرفين اذربيجان وارمينيا كانا جزءا من اراضي الاتحاد السوفييتي على مدى سبعة عقود وايضا يتحدث مواطنوا الدولتين اللغة الروسية ولهم تاريخ مشترك سوفييتي وايضا بحكم الجوار إلا ان موسكو ظلت ولأسبابها ومصالحها منحازة لطرف دون اخر وهو الطرف الارمني.لأن خروج روسيا من الانحياز يفتح المجال لصراعات أخرى خاصة في جورجيا حول اقليم ما زالت تسيطر عليه روسيا..
والسؤال هل تغيّر سياسات الرئيس الهام علييف الحكيمة الان هذه المعادلة في اعادة بناء موقف جديد لروسيا من النزاع مع ارمينيا وايضا الموقف الايراني .
وهل كانت زيارة الرئيس بوتين العام الماضي 2013 الى باكو مقدمة لذلك؟وهل يتغير الموقف الايراني ام ستظل تغطي عليه مصالح ايران في روسيا ولدى ارمينيا المجاورة لها؟..
هذه اسئلة تطرح بسبب التحرك النشط في هذا المجال فقد كان وزراء خارجية ايران واذربيجان قد التقيا وهل كان لانعقاد القمة الأذرية –الارمينية في النمسا من الدوافع الملموسة التي تشير الى الاهتمام من منظمة الامن والتعاون الاوروبي حتى لا تتكرر مجددا صراعات شهدتها منطقة القوقاز المتوترة في ما حدث بين روسيا وجورجيا عام 2008 على اقليم اسوتيا الجنوبية ام ان الامل ابتعد بتوتر العلاقات الروسية الغربية بعد الموقف الروسي من اوكرانيا وغضب الغرب على ذلك ،وهو ما يجعل العبء الأذري يزداد في جعل الموقف الروسي أكثر توازنا واتزانا في نزاع كارباخ..
لاحظت أن اذربيجان تمتلك نفطا أخر لم يستغل بعد هو السياحة التي وفرت لها بيئة مناسبة من مطارات وطرق وفنادق لكنها لم تطلق صافرة السياحة بعد لعوامل اخرى عدة لا مجال لها الان ولكنها بدأت في الترويج لعقد هذه المؤتمرات واستضافة الوفود واجراء تمارين حيّة على قدرتها على ذلك وتأهيلها في هذا المجال..
فهي تريد لفت الانتباه لمقاصدها السياحية وامكانياتها الاثرية والتراثية والحضارية الهائلة اذ تتمتع اذربيجان بمقومات سياحية كبيرة في تنوع طبيعتها ومناخها وفترات حضارتها فلديها جبال خضراء ومنتجعات وشواطئ بحار خلّابة وبراري وغابات صيد وصحاري وطريق الحرير التاريخي وفيها مساجد اسلامية قديمة واضرحة وكنائس ومزارات وخانات ومواقع تعكس التجانس والتعايش والتسامح بين الاديان والاعراق.
لقد زرت أخيرا مواقع كنت زرتها قبل ربع قرن فوجدت تغييرا كبيرا في ترميم المواقع السياحية والاثرية والدينية واعادة تأهيلها وخاصة معبد النار معبد زرادتشتي ومتحف موقع غولد ستان وكذلك اقدم الكنائس في القوقاز ومسجد الجمعة شماخي الذي يعتبر اقدم المساجد في العالم ،وأصبحت باكو اجمل من اي عاصمة اوروبية اخرى نظرا لما تم فيها من استثمار في تطويرها واعتقد انها الانظف بين عواصم العالم جميعا..
كما ان المرأة الأذرية تتطور بسرعة تعليما وعلاقات ومكانة ودور باتجاه الشراكة العامة والمساواة واذا كانت باكو حديثة ولامعة ومتطورة فإن مناطق في الشمال ما زالت ريفية وبكر وذات مناظر خلابة وكذلك في الغرب..
لقد استكملت زياراتي للعديد من اقاليم اذربيجان قبل ان اضع كتابي وحيث سرت على طريق الحرير في الجزء الواقع داخل اذربيجان وايضا زرت اقليم ناختشفان وقراه التاريخية الجميلة ورأيت الصناعات الحرفية واليدوية ونسيج السجاد المحلي وزرت مدن شاكي وقوبا حيث اقلية يهودية من يهود الخزر بملامحهم وحرية معتقدهم ورأيت فندق كراونسري في نفس الخان الذي كان فندقا قبل 800 سنة وهو مبني على الطراز العثماني حيث كانت الخانات قسم لنوم الزائرين وآخر لحيواناتهم..
اذربيجان اليوم مذهلة ومتقدمة وستكون مقصدا سياحيا منافسا اذا ما ظل ينعم بقيادته الواعية وبأمن لا بد من صيانته والحفاظ عليه وبجهد عاقل لتحرير الأرض يأخذ وسيلته من الاستعانة بالمجتمع الدولي الذي تستقطبه هذه المؤتمرات الى ان تقوى اذربيجان على تحرير أرضها.