تعلمنا في المدارس ان الأمم تبنى بالأخلاق.
وإنما الأمم بالأخلاق ما بقيت
فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وتعلمنا أن جوهر الدين هو الخلق وتعاملنا مع الآخرين، فرسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لنا: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.
فالله سبحانه وتعالى حضنا على حسن التعامل مع الآخرين من عباده.
ظهر الجمعة الماضي، وقد انتهيت للتو من أداء واجب العزاء لأحد الأصدقاء الأعزاء في وفاة المغفور لها والدته، ساقتني الصدفة البحتة لاحدى المناطق السكنية التي يقع جامعها الرئيسي الذي تقام به صلاة الجمعة على دوارها الرئيسي، فصادفت زحاماً غير مألوف وعناء في الوصول الى ذلك الدوار!
وسبب العناء والمعاناة، ان السادة مصلي الجمعة تركوا أو ركنوا سياراتهم في الدوار والشوارع الرئيسة المحيطة بالجامع، وقد أوقف المصلون سياراتهم في صفين وليس في صف واحد!
لذلك واجهت مع باقي السيارات عناء غير مبرر للمرور من تلك الشوارع وذلك الدوار!
والسبب ان المصلين المرفهين لا يريدون تجشم عناء السير لبضعة أمتار للوصول الى المسجد.. بل تباروا وتفننوا في إيقاف سياراتهم بأقرب مسافة للجامع، من دون مراعاة لمشاغل ومصالح رواد ذلك الشارع، وقد يكون منهم المريض او الموجوع او صاحب الحاجة للوصول الى المكان الذي يريده بأسرع وقت ممكن!
عندما شاهدت ذلك المنظر المزعج، الذي يتنافى مع جوهر الدين والاسلام، خصوصاً، والذي اوصى بحرمة الطريق وبوجوب مراعاة رواده عادت بي الذاكرة لعقود عدة مضت من حياتي، لايام المراهقة والشباب المبكر، فقد كنا نقطن منزلاً في احدى المناطق السكنية، وكان منزلنا يبعد عن المسجد الذي نرتاده للصلاة عدة مئات من الامتار. وكان لدينا سيارة بامكاننا قيادتها للمسجد لاداء فريضة الصلاة، لكن شقيقي الاكبر كان يفضل السير من المنزل الى المسجد، فلما استفسرت منه لماذا نتجشم عناء السير كل تلك المسافة وبامكاننا ان نقطعها بالسيارة بدقائق اقل؟! اخبرني ان المرحومة جدتنا، التي كان شقيقي الاكبر حفيدها المفضل، اخبرته مرة منذ سنوات عندما كان طفلاً ان الله يكتب لك في كل خطوة تخطوها في الذهاب للمسجد للصلاة الثواب، ويغفر لك من ذنوبك ما تقدم منها وما تأخر، وبعد ان سمعت هذه المقولة كنت نادراً ما اذهب للمسجد بالسيارة، وكنت اتأنى بخطواتي حتى اكاد احسبها لكي اعد ما كسبته من ثواب وما محي من ذنوبي وما اكثرها.
هذه قصة ونصيحة اذكرها لمصلي القرن ال 21 الذين يقفلون الشوارع بسياراتهم امام المساجد، لعل الله سبحانه وتعالى يغفر لهم ما تقدم من ذنبهم وما تأخر.
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
علي أحمد البغلي
Ali-albaghli@hotmail.com